شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ضِرَارُ بن الخطّاب
ضرار بن الخطاب القرشي الفهري.. وليس هو أخ لعمر بن الخطاب، وإنما هي مشاركة في اسم الأب. فعمر عدويّ يجتمع معه في فَهْرِ بن مالك، وفهرَ هو قريش في أحد قولين. والقول الآخر، يؤكد أن النضْر بن كنانة هو قريش.
وبطلنا ضرار انتهت إليه زعامة أبيه الخطاب فتولى رئاسة فهر في زمانه. كان يأخذ المرباع لقومه. وقاد فهرا يوم ((الفجار)) وهو حريص على ألاّ ينال أحد هذه الرئاسة بما يحط من قدرها أو ما ينقص من قيمتها. يدافع عنها ويدفع، ليثبت جدارته في السيادة. كان فارساً شجاعاً مقداماً وشاعراً فحلاً. يمكن للزعامة بهذه الحرب يشنها على الإسلام مع قريش وباسم قريش. كان فارس قريش وشاعرها، حتى أن ابن الزّبعْري قد عدّ بعده وهو من هو في الشعر. يهجو به الإسلام، ويدافع عن قريش، ويسخر من قريش في بعض مثالبها. وقاده حرصه على زعامة رهطه ((فهر)) أن يقاتل المسلمين أشد القتال.. فعل في ((أُحد)) الأفاعيل وكان في ((الخندق)) أحد الأربعة الذين اقتحموه على المسلمين كأنما يشيرون إلى قريش المشركة.. ألا هكذا فافعلوا؟. كان يقول في عبارة شعرية فاخرة حيناً ونادمة في حين آخر.. كل مفهوم الظرف الذي قيلت فيه. قالها في الجاهلية ففخر وتعاظم، وقالها في الإسلام: يستغفر ويندم ويتعزى. كان يقول: زوجت عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالحور العين.. يعني أنه قتلهم وهم المسلمون فكانوا الشهداء. يتزوجون بالحور العين. وأسلم يوم الفتح فهو من المؤلفة قلوبهم.. وأنشد في ذلك شعره المعروف:
يا نبي الهدي إليك لجا
حي قريش، ولات حين لجاء
حين ضاقت عليهم سعة الأر
ض وعاداهم إله السماء
والتقت حلقتا البطان على القو
م ونودوا بالصيلم الصلعاء
إن سعداً يريد قاصمة الظهر
بأهل الحجون والبطحاء
خزرجي لو يستطيع من الغيظ
رمانا بالنسر والعواء
وغر الصدر لا بهم بشيء
غير سفك الدما وسبي النساء
قد تلظى على البطاح وجاءت
عنه هند بالسوءة السواء
إذ تنادى بذل حي قريش
وابن حرب بدأ من الشهداء
فلئن أقحم اللواء ونادى
يا حماة اللواء أهل اللواء
ثم ثابت إليه مننهم الخز
رج والأوس أنجم الهيجاء
فانهينه فإنه أسد الأسـ
ـد لدى الغاب والغ في الدماء
إنه مطرق يدير لنا الأمر
سكوناً، كالحية الصماء
وهو الذي شهر وفاء أم جميل الدوسية في قصة طريفة وذلك أن هشام بن المغيرة ((والد أبي جهل)) قتل أبا أزيْهر الدوسي ((من رهط أبي هريرة)) وكان صهر أبي سفيان. فبلغ ذلك قوم الدوسي فوثبوا على ضرار بن الخطاب ليقتلوه فسعى هارباً منهم فدخل بيت أم جميل فعاذ بها، فرآه رجل من طالبيه فلحقه فضربه فلم يصبه، وإنما وقع ذباب السيف على الباب.. وقامت أم جميل في وجوههم. ونادت قومها فمنعوه. ومضت القصة مع الأيام.. فلما تولى عمر بن الخطاب الخلافة - وكان ضرار قد قتل - ظنت أم جميل أنه أخوه، فأتت تسعى إلى عمر فلما انتسبت وذكرت موقفها عرف عمر القصة، وقال لها: لست بأخيه إلا في الإسلام، وقد عرفنا منتك عليه، فأكرمها وأعطاها، يعدّها من أبناء السبيل. وذكر آخرون أنها أم غيلان الدوسية، ولعلّها هي، اختلفت كنيتها. وفيها قال هذا الشعر:
جرى اللَّه عني أم غيلان صالحاً
ونسوتها إذ هن شعث عواطل
وعوفاً جزاه اللَّه خيراً فما ونى
وما بردت منه لدى المفاصل
ويعني بعوف ولدها.. ويجوز أن تكنى به. فيختلف الاسم المعروف به.
وقال ضرار يوماً لأبي بكر الصديق رضي الله عنهما: نحن كنا لقريش خيراً منكم، أدخلناهم الجنة وأوردتموهم النار.. يعني أنه قتل المسلمين وهو مشرك فصاروا الشهداء وأما من قتله المسلمون على الكفر فهو في النار.. كلمة شاعرة.. من شاعر فحل.. قالها لا يفخر بها أمام أبي بكر، وإنما ليتعرى ويندم.
واختلفت الأوس والخزرج فيمن كان أشجع يوم أُحد. فمر بهم ضرار بن الخطاب فقالوا: هذا شهدها وهو عالم بها.. فبعثوا إليه فتى منهم فسأله عن ذلك. فقال ضرار: لا أدري من أوسكم، ومن خزرجكم؟ ولكني زوجت يوم أُحد منكم أحد عشر رجلاً من الحور العين.. فخر ضرار وأمتن، وهو يرد على سؤال الفتى. وأوضح بكلمة شاعر أنه فارس أحد وإن كان من المشركين. ترف في التعبير، لا مبالغة في التعبير وصراحة في الضمير، وانطلاق من الانخذال، من صدق الطوية وصحة في الذوق المتكلم.
خياركم في الجاهلية، خياركم في الإسلام إذا فقهوا.. وقد كان ضرار من الخيرين فقد قتل شهيداً يوم اليمامة، رضي الله عنه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :622  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 159 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثاني - مقالات الأدباء والكتاب في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج