الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > > > الملك عبد العزيز والمؤتمر

الملك عبد العزيز والمؤتمر

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله أكمل الدين وأتم النعمة، والصلاة والسلام على رسول الله نبي الرحمة وعلى آله وصحبه أجمعين..

أما بعد..

فبوازع الحمد والشكر، تعودت هذه المجلة ((الدارة)) أن تخرج عدداً خاصاً، تواكب به النشاط الذي تنهض به جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فقد أصدرت عدداً خاصاً عن مؤتمري الفقه والجغرافيا وما أشد أن تلزم به نفسها إلزاماً يحتمه عليها أنها المجلة التي تحمل اسم ((الدارة)) أعني أن المؤسسة دارة الملك عبد العزيز هي التي تصدر عنها كوجه بارز لهذه المؤسسة.

إن المؤتمر العالمي عن تاريخ الملك عبد العزيز لا بد من أن المجلة ترى من حق التاريخ، ومن الواجب عليها لتاريخ الملك عبد العزيز، أن تصدر عدداً خاصاً يضم ما يمكن نشره من البحوث التي أقرتها اللجان، لأن نشر هذه البحوث كاملة وإن كان لا يخضع للانتقاء فليس بعد قرار المؤتمر انتقاء، وإنما ظروف المجلة تخضعنا، بالاختيار والمسيرة تباعاً بنشر ما لم ينشر، وحرصنا أن يكون محققاً للصفة العالمية بحيث لا تنحصر البحوث في أساتذة معينين.

إن المجلة في نشرها كل ما صدر عن المؤتمر من بحوث مختلفة، إنما تحقق بذلك صفة العالمية لهذا المؤتمر.

وليس من المتسع أن تنشر كل ذلك دفعة واحدة، لأن الحجم كبير جداً والحرص كل الحرص على متابعة النشر في أعداد مقبلة لأن النشر بهذا يكون ممتداً بالمتابعة، ثناء ونقداً، كما هو بالأعداد المتوالية من المجلة، ويعني ذلك أن نحفل بالنقد أكثر من الثناء، لأنه استمرار لحياة المؤتمر، فقد يأتي ناقد ببحث جديد يكمل به بحثاً نشر، أو يعترض على بعض ما نشر ولعلّي بَعْدُ.. ودارة الملك عبد العزيز أصبحت مؤسسة إسلامية باسم ((مؤسسة الملك عبد العزيز الإسلامية)) أن أذكر ما يلي:

1 ـ قد يتغير اسم المجلة، أو تبقى على اسمها منسوبة إلى المؤسسة، ذلك يعود إلى من له الحق في ذلك..

2 ـ وهذه المؤسسة حين تبدأ عملها بالصورة التي يقررها صاحب الحق، لا بد من أن تحدد أهدافها، فمن ذلك ما أرجو أن يكون من بين هذه الأهداف: إقامة ندوات أو مؤتمرات، كل عام على الأقل.. يدعى إليها المؤرخون.. يشاركون في الندوة أو المؤتمر ببحوث عن تاريخ العرب قبل الإسلام، وعن العرب بعد الإسلام، عن الخلافة، وعن الإمبراطوريات، وعن الطوائف، تُوضَّح أسباب التفوق، وأسباب الضعف، وأدعو ألا يكون مجرد عرض لما كتب من التاريخ، وإنما هو العرض لفقه التاريخ والاستنباط من التاريخ..

3 ـ وهناك دعوة للعودة يكتب فيها التاريخ جديداً، وهذا فيه إنكار للتراث، أو محاولة للتشكيك فيه.. فتاريخنا كتب فلا حاجة إلى أن يكتب جديداً، وإنما الحاجة إلى الفقه لأسباب الأحداث ونتائجها.. فمثلاً:

ـ إمبراطورية أمية، تاريخها كتب، ولكن من فقه هذا التاريخ أن نحدد أسباب الزوال لها، كما نحدد الدواعي التي أشعلت الشعوبية، فاشتعال القومية العربية في عهد أمية كان مبعث القوة لها أول الأمر، وباعث الضعف لها في نهاية الأمر. كما باعث القوة للشعوبية، تلك القوة الخراسانية التي نصرت العباسيين وأسقطت بني أمية، فالدولة العباسية كنسب في قمة العروبة، ولكنها لم تكن إلا دولة شعوبية انتصرت بقوة الشعوبية، واضمحلت بها القومية العربية.

ـ هكذا تكون الدعوة للباحثين تأتي بحوثهم على هذا الأساس فقهاً واستنباطاً.

4 ـ كما أن المؤسسة سيتسع لها المجال في طبع الكتاب النادر، والبحث المتفوق، وجمع الوثائق، والتوسع في نشر الوثائق والمخطوطات.. فإن لم يكن في الماضي إعداد لحفظ الوثائق والمخطوطات حتى ذهب أكثرها إلى الغرب، فإن وسائل الصون والحفظ أصبحت متاحة لدينا.. فلنشتر ما سرق منا، لأنه أولى بنا أن نحفظ تراثنا الذي حفظه المستشرق، بشراء أو بأي أسلوب آخر..

وهناك الكثير والكثير مما ستقوم به هذه المؤسسة التي نرجو أن تكون لها آفاق واسعة، وطموحات عديدة، وأعمال مديدة لخدمة الإسلام والمسلمين..

والله ولي التوفيق..