شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عبد العزيز في مسيرة التاريخ
لا يمضي وقت قصير أو طويل إلا ويجد المتتبع لسيرته الجديد والعظيم، فالإمام السلطان الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود تاريخ لا سيرة لأنه لم يكن لنفسه، ولا لأسرته، بل كان لقومه العرب.. لأمته المسلمة، لأن وحدة هذا الكيان الكبير، المملكة العربية السعودية من سجل التاريخ عربياً ومسلماً.. وهبه الله القلب الكبير، والمواهب المتعددة.. وقد تجلت هذه المواهب حين دفعته إلى أن يتحرك، فإذا هو أحد المجمّعين.. فكان من نعمة الموهبة هذا الكيان الكبير. والجديد الذي أستَلْهِمه من تاريخه هو أني طرحت على نفسي هذا السؤال؟
ـ لماذا انتصر عبد العزيز، وكيف انتصر، وما هي عوامل النصر؟.. فإذا بي أهتدي إلى رأي أطرحه إضافة إلى ما كتبته من قبل، هو أن النصر الذي أنعم الله به عليه قد انتزعه من عوامل الهزيمة.. كيف؟..
ـ لقد ذاق المرارة حين بَعُدت الرياض عنه وابتعد عنها، فكانت هذه المرارة الحافز له أن يتحرك، فانتزع النصر من مخالبها.. فاسترجع الرياض.. بالكم القليل والكيف العظيم.. إخلاصه لما يطلب، وإخلاص الذين معه لتحقيق المطلب..
ـ وجاءه النصر بعد ذلك تباعاً، معركة بعد معركة.. لم يتخاذل إذا كانت هزيمة، ولم يتبطر إذا كان نصر، فهو بين الحالين، الصبر والحمد، والشكر والفعل.
ـ وكان النصر على أمراء البلدان من قوة صلابته وصدق نيته. ومن تخاذل هؤلاء.. كل أمير بلد يبسط سلطانه على مدينته، فلا جامع بينه وبين أمير آخر، عرفوا أنه سيصل إليهم، يجمع المدينة على سائر المدن، فكل واحد منهم قَصرَ نفسه على ما يملك من سلطان. كانوا متفرقين، فتناولهم واحداً بعد الآخر.. تخاذلوا فلم يجتمعوا، وتفرقوا فلم يتحدوا، فكان ذلك عامل الانتصار للملك عبد العزيز، فلو توحدوا في جيش واحد لصعب الأمر على الملك عبد العزيز.. فالفرقة والتنافر والتناحر بين هؤلاء الخصوم كان من أهم عوامل النصر له عليهم.
ـ ولأفترض أنه لو اجتمع هؤلاء لما كان النصر. ولأضرب أمثلة سبقت في تاريخ العرب، فالمثل الأول أضربه - ولله رب العزة والجلال المثل الأعلى.. واهب النعمة والانتصار قبل كل شيء - هذا محمد، لم تتحد قبائل العرب الوثنية المشركة. ولم يتصرف اليهود بأية مقاومة ضد هذه الرسالة المحمدية، تفرقت قبائل العرب، ومعهم اليهود، ينتظرون ماذا يحدث في مكة، فكانت هذه الفرقة أجلاً حتمه الله ليكون النصر للإسلام، وليدخل الناس في دين الله أفواجاً..
والمثال الثاني حين لحق رسول الله بالرفيق الأعلى، توفاه الله، وبويع أبو بكر بالخلافة، انقلبت قبائل العرب إلى الردة، فمنهم من ادعى النبوة، ومنهم من منع الزكاة، ومنهم من تخاذل عن الجهاد، فإذا الإسلام على مفترق الطرق، لا بد من الجهاد للنصرة، فنهض بالأمر الإنسان البَكّاء، ضعيف البنية، صادق الإيمان، الصديق أبو بكر، فإذا هو ينتصر وتتوحد العرب، ويسيرون للفتح العظيم، تم ذلك في ثلاثين شهراً، فلو أن مسيلمة وسجاح، وطليحة، ومالك بن نويرة، أعني لو أن بني حنيفة وتميماً وأسداً وغطفان ومعهم تغلب بقيادة ((عقة)) لو أن هؤلاء اجتمعوا في جيش واحد بقيادة موحدة، فهل كان يتم النصر لأبي بكر بما تم؟ إن كل واحد من هؤلاء جلس في إقطاعه، يريد الزعامة وحده، فتفرقوا فإذا النصر للإسلام.
وهكذا أتيحت الفرصة، بل كل الفرص للملك عبد العزيز أن ينتصر على كل خصيم وحده، فأتم نعمة الوحدة في هذا الكيان الكبير.
ـ إن الملك عبد العزيز، بعد أن تم له هذا الانتصار، عرف من حوله، وما حوله، وما هو له، وما هو عليه، فأول المعرفة عِلْمُه بمواقف الدول الغربية، عرف أنها حرب على أي تجمع مسلم أو عربي، فرفض أي رأي يدعوه إلى أن يكون خليفة، لأن دول الغرب قد قضت على الخلافة، وحاربت من يدعيها، فصان نفسه عن أن يكون هدفاً لدول الغرب، لأنه يعرف تاريخ إنسان اليوم، فتجنب كل ما يثير عليه المشاكل، فإذا المملكة تسير بخطى واسعة، أسقطت سبة الرجعية التي كان فيها السباب عليها، فإذا هي اليوم شعب تقدمي، ودولة تقدمية على أساس من العقيدة الإسلامية التي تعانق القومية العربية، والتي ترفض كل قومية إقليمية وتحتضن الدول الإسلامية.. وتحنو عليها.. حنو الأم على رضيعها.
أما ما صنعه بنوه الملوك بعده، ويحسب من صنعهم مباشرة، فإنه في حساب التاريخ لا بد من أن يكون في سجل البطل، ولو لم يباشر صنعه.
والتخاذل والفرقة ذكرنا أنها من عوامل انتصار الإسلام على أعدائه، وعلى الردة، كما أنها من عوامل الانتصار للملك عبد العزيز.
أما واقع اليوم، فإن الفرقة بين العرب أعطت لأعدائهم الانتصار عليهم، فقوة اليهود لا ننكر أنها في السلاح، لكن الأكثر من القوة المسلحة، هو ما أعطاه العرب؛ حين تفرقوا فتفوق اليهود، وأصبحوا قوة تهدد الأمن والسلام، فهل آن للعرب والمسلمين أن يتحدوا ويحققوا الأمل والرجاء؟..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :602  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 124 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.