شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الفتح انتصار.. والانفتاح انتشار
وأعني بالفتح انتصاراً. هو انتصار الإسلام بالجهاد، أما الانفتاح فانتشاره بالدعوة، وارتفاعه بالحضارة والعدالة.
إن الجهاد كان دفاعاً عن هذا الإسلام في أول مراحله، فالحرب على الشرك كانت في أول أمر هذا الدين دفاعاً، أول ما وجه على المشركين من قريش، فهم الشوكة والصولة، اللتين انتصر عليهما الجهاد بقيادة المجاهدين الأول، والأول من أولي العزم، الرسول النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
فالجهاد قرآن في الوجدان. وإيمان كذلك وتضحية وسيف وفارس مؤمن، ثم تلت مرحلة من مراحل الجهاد شملتها الغزوات والسرايا، وكان كل ذلك موجهاً إلى بعض القبائل العربية التي مازالت على شركها، وتمت هذه المرحلة بالفتح المبين، حين جاء نصر الله ودخل العرب في دين الإسلام أفواجاً.
ومرحلة بعد ذلك لم تكن حرباً على إمبراطورية الفرس وإمبراطورية الرومان، في العراق والشام وفي مصر وحتى في اليمن، فقد أرسل رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام لكسرى خطاباً ولقيصر خطاباً وللمقوقس خطاباً يدعوهم إلى دين الله، فمن هذا الوضع أبدأ، أطرح السؤال والإجابة، فلو إن كسرى استجاب لهذه الدعوة، ولو أن القيصر فعل ذلك، ولو أن المقوقس شد عزيمته يستجيب، لما كانت القادسية، ولما كانت اليرموك، ولما كانت حرب جهاد لفتح مصر، فلو استجابوا لَمَا كان السيف، وإنما ليكون القرآن ولتعلو على المنابر كلمة التوحيد.
إن الفتح العظيم قد أجلى الفرس والروم عن الأرض العربية، فإذا الإنسان العربي يعتز بكلمة التوحيد، وينتصر بتوحيد الكلمة، لكن هذا الفتح وإن توسع في الأرض سواء في جزيرة العرب أو حولها، فإن الذين دخلوا في الإسلام على كثرتهم وعظمتهم هم في الواقع أقل من الذين أدخلهم المجاهدون، سلاحهم كلمة التوحيد وآيات الكتاب المبين، فالذين أسلموا في الشرق الأقصى في الهند وفي أندونيسيا وفي الصين لم يخضعهم السيف وإنما هم خضعوا لكلمة التوحيد حين استنارت أفئدتهم بالموعظة الحسنة، وبخلق الداعية، لا يمسكون عليه شائبة، فإذا التقوى من الدعاة تقوى بها قلوب المستجيبين من هؤلاء، ملايين ارتفعت أصواتهم على المآذن والمنابر والمحاريب وازدحمت المساجد بالركع السجود، وكذلك المسلمون في أفريقيا، فالجهاد فتح شمالها وأندلسه.. أما الدعوة فهي التي نشرت الإسلام في هذه القارة السمراء.
واليوم نشاهد الواقع، غزو على الأرض المسلمة بالتبشير والتكفير وإفساد التفكير، سلاحها الأشد التقاعس عن الجهاد وتنابذ الزعامات والتمذهب بما يدعو إليه الإلحاد وما تحدث به الفوضى، كما نشاهد الواقع من الناحية الأخرى، إن تعطيل السيف ضد عدوان الغزاة قد واكبه انتشار الإسلام بالدعاة، فما أكثر من يسلم اليوم في قلب القارة الأوروبية والأمريكية، التبشير يستغلون في الأرض المسلمة، والانتصار يعلو في الأرض التي سلحت الغزاة، بل وكانت أول الغزاة.
الفتح العظيم انتصر بالسيف. والانفتاح الأعظم انتصر بالدعوة إلى هذا الدين، ليس هذا بحثاً تاريخياً، وإنما هو لمحة عن الواقع، غير أني أقول الكلمة الأخيرة عن غزو العدو ينشر التبشير والتكفير وإفساد التفكير، فلم يكن انتصاره بالقوة والوسائل التي يمتلكها، وإنما بضعف القوة الذي يملك من استجاب له، وما أحسن الكلمة.. قالها الشيخ حسن البنا يرحمه الله، يوم كانت مصر ثائرة على الاستعمار الإنجليزي، قال: (أخرجوا الإنجليز من قلوبكم، يخرجون من أرضكم).
ضعفنا هو القوة الأولى لعدونا، غير أن التفاؤل في المستقبل قوي، لأن الشعور بهذا الواقع والإعراب عنه وصحوة الشعوب والقيادة الصالحة يتحقق بها التفاؤل نصراً بالسيف على العدو الطاغية، وانتشاراً للدعوة على يد الإخوة الذين يدخلون في دين الإسلام أفواجاً.
والمملكة العربية السعودية وبوحدة هذا الكيان الكبير، وقد تمسكت بعقيدة السلف، كلمة التوحيد، وتوحيد الكلمة، لا بد من أنها تعطي التفاؤل معناه ومبناه، إن الإسلام الذي امتد في الصحراء وانتصر بأبناء الصحراء، يتحقق به الأمل، إن أرضنا حصن الإسلام ومعقله أمل.. أسأل الله أن يتحقق بالعمل جهاداً ودعوة وبذلاً وعطاء بلا منّ ولا بطر.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :630  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 122 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

ترجمة حياة محمد حسن فقي

[السنوات الأولى: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج