شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
قالوا عن البطل عبد العزيز بن عبد الرحمن
أول كلمة قالها هو عن نفسه، لم تكن حروفاً قالها لنفسه، وإن أفعم بها ضميره وامتلأ بها وجدانه قال:
لقد فقدنا ما ملكنا بأسباب لا بد أن أحاربها لكي أعيد الإمامة لآل سعود، لكي أسترجع الرياض، حيث يعود لعقيدة السلف نشرها وترسيخها. فلكل ذلك يجب عليّ أن أفعل، وما كان البطل الشاب يزعم لنفسه أنه الإمام في حياة أبيه، ولكن الإمام عبد الرحمن ((يرحمه الله)) قال الكلمة الثانية، ولم تكن هي حروفاً، وإنما كانت عملاً، كان وارث الإمامة والسلطان، ولكنه نظر فأحسن النظر، وفكر فأحسن التفكير، كأنما أُلهم بذلك إلهاماً، فإذا هو يتوّج ابنه عبد العزيز حين ألقى عليه المسؤولية.
يا ولدي لا شأن لي بالإمامة الآن، سأكون العون لك، فخذ المسؤولية واسترجع ما ضاع منا نحن آل سعود.
وحمل الشاب الأمانة، فبدأ يعمل حتى حالفه التوفيق، فعمل الإمام عبد الرحمن لا يفعله إلا عظيم، لأنه مثل خلق السراة، تجنب أن يقول الـ ((أنا)) وفعل ما نقوله كلنا اليوم هذا الكيان الكبير ((المملكة العربية السعودية)) هي ليست الـ ((أنا)) وإنما هي الـ ((نحن)).
وكلمة ثالثة همس بها ((راكان بن حثلين)) ذلك الفارس، قالها يوم أكرمه الشاب البطل عبد العزيز، يتخلى عن مكانه في مجلس أمير البحرين، يدعو ((راكان)) أن يجلس، احترام الشاب لمن يستحق التكريم، من حسن التربية وشموخ الرجولة. وأكبرها ((راكان)).
يقوم للإمام عبد الرحمن:
هذا ولدك.. أبشر.. إنه هو الذي يعيد لكم السلطان تملكون ما ضاع.
والكلمة الرابعة أقدمها بكلمة عن أسبابها، فقد كان الملك عبد العزيز ((تغمده الله برحمته)) في الطائف ومفاوضات الصلح بينه وبين الإمام يحيى يرحمه الله، تتحرك بسرعة، فعبد الله الوزير يفاوض باسم اليمن، والملك عبد العزيز لا يرفض المفاوضة وكان هناك وفدان عربيان يحركان وساطة الصلح، الوفد الأول مؤلف من الأمير شكيب أرسلان، سيد هاشم الأتاسي، محمد علي علوبة باشا، أمين الحسيني كأنما شكيب يمثل كل العرب، وهاشم الأتاسي يمثل الشام، ومحمد علي علوبة يمثل مصر رغم ابتعاد القصر في مصر، وأمين الحسيني لبس التمثيلين عربياً عن فلسطين، ومسلماً عن المؤتمر الإسلامي.
والوفد الثاني لم يكن رديفًا لهذا الوفد، وإنما كان طليعة يمثل ما كانت تريده دمشق، جميل مردم، وتوفيق الشيشكلي، وفخر البارودي، وبينما المفاوضات تجري في الطائف، قدم إلى المدينة المنورة جميل مردم ورفيقاه، وبحسن المصادفة قد أقام الصيدلاني فوزي الصفدي حفل عشاء في بستان الصافي، وكنت من بين المدعوين، وكان مدير البريد والبرق (يحيى بك زكريا) يجلس قرب التليفون، كأنما لديه علم عن خبر سيتلقاه، ليخبر جميل مردم ومن إليه، وقبل أن نتناول العشاء رن جرس الهاتف، فتناول السماعة يحيى بك وإذا هو يتهلل ويخبر جميل مردم بصوت جهير.
لقد تم توقيع معاهدة الطائف، وبرز الصلح، سمع جميل مردم، ثم قال لنا:
ـ اسمعوا إن هذا العمل العظيم لا يتحمله ولا يقوم به إلا الرجل العظيم (عبد العزيز بن عبد الرحمن).
وإليكم ما قاله فيصل بن الحسين عن سلطان نجد - يوم ذاك - عبد العزيز بن عبد الرحمن فلقد احتل ((الجنرال غورو)) دمشق، وأجلى الملك فيصل بن الحسين عن عرشه، وكنا في يافا ((فيصل بن الحسين)) وحيدر رستم، وعبد الرحمن الشاهبندر، وتحسين قدري، وجميل مردم.
ـ فقال فيصل بن الحسين:
ـ ماذا ترون أن أفعل؟
ـ قلنا ذاك رأيك وعزمك.
قال:
سأذهب إلى أوروبا، أحاول أن أسترجع ما فقدت فإن لم يحالفني التوفيق، فلن أذهب إلى والدي في مكة، ولكني سأذهب إلى الرياض إلى سلطان نجد عبد العزيز بن عبد الرحمن فهناك الأمل يتحقق به خير كثير للعرب.
هذا الحديث أدلى به جميل مردم، نشرت فحواه أكثر من مرة، أذكره الآن في سياق التمام لكلمة الافتتاحية.
والكلمة الخامسة قالها الأمير شكيب أرسلان، ونشرت في جريدة الشوري التي كان يصدرها في مصر الكاتب الفلسطيني محمد علي الطاهر.
ـ قال شكيب:
لقد عدنا من جزيرة العرب، فتركناها أمانة في عنق هؤلاء الثلاثة عبد العزيز بن عبد الرحمن ملك المملكة العربية السعودية، والإمام يحيى صاحب السلطان في اليمن، وعبد الله بن الوزير.
وثنى الأمير شكيب أرسلان بكلمة أخرى قرأتها في رسالة بعث بها إلى الشيخ محمود شويل في المدينة المنورة قال:
إن عبد العزيز قد حمل الأمانة والمسؤولية، فلن يأتي منه عمل يضر، بل سيكون منه النفع.. إن ثقتي في الملك عبد العزيز لا حدّ لها.
ولعلّي أكون صريحاً، فما كتب الأمير شكيب إلى صديقه محمود شويل عرفه في الآستانة وجرت بينهما مكاتبات، أهمها الدفاع عن صحيح البخاري، كانت الرسائل المتبادلة في أيام الخطوات الأولى عن مفاوضات التنقيب عن البترول وامتيازات البترول.
لقد وثق الشيخ محمود بكلمة شكيب، وكان أكبر ثقة بالملك عبد العزيز، وجاءت الأيام يتحقق فيها وبها ولها صنيع عبد العزيز، تفجرت الأرض ينابيع للخير، وارتفع على الأرض عمران، وانتشر العلم وبرزت أعمال، عمت بها الخدمات في كل مجال.
كتبت هذا تسجيلاً للتاريخ وتبجيلاً للبطل ليس فيه شيء من التدجيل، وإنما فيه شيء من حمدنا نحن جيل التجربة وشكر قارئ اليوم من جيل الشكر.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :599  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 120 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.