شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحَلْقَةُ السَادِسَةَ عَشْرَةَ
سأل الفتى أستاذه الشيخ قائلاً قرأت في إعراب القرآن الكريم في قول الحق سبحانه وتعالى خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً (مريم: 58) فأعربوا لفظة سجداً حالاً مع أني أراها يمكن أن تكون مفعولاً مطلقاً مرادفاً لفعل خر.. فما رأي أستاذي الشيخ.
قال الشيخ على السعة لا بأس من هذا التخريج بل ويمكن أن نعتبره منصوباً لأنه مفعول لأجله إذ الغرض من ـ الخر ـ هو السجود.. فكان الخر من أجل السجود والله أعلم. ارتاح الفتى كثيراً لإجابة الشيخ وعمق شرحه واستجلائه للمعاني فشكره على هذا الإيضاح.
قال الشيخ من منصوبات الأسماء المفعول لأجله وهو اسم يأتي لبيان علة الحدث فيكون منصوباً وقد يجر.. وله ثلاثة أوجه:
أ ـ مجرد من أل والإضافة ويكون منصوباً وجوباً نحو قولنا ((التزم بأنظمة المرور تفادياً للحوادث)) فلفظة ـ تفادياً ـ مفعول لأجله منصوب مجرد من أل والإضافة فكأنك تقول التزم بأنظمة السير لأجل تفادي الحوادث ومن هنا أطلق عليه اسم مفعول لأجله.
ب ـ يأتي مضافاً ويكون منصوباً أو مجروراً على السواء نحو قولنا ((سيروا في الأرض هداةً للناس)) أو ((سيروا في الأرض لهدي الناس)).
جـ ـ اقترانه بأل ولا يكون إلا مجروراً نحو قمت بزيارة صديقي للاطمئنان عليه فلفظة ((للاطمئنان)) مفعول لأجله مجرور.
أما رابع المنصوبات فهو الحال ـ طلب الشيخ من فتاه تعريفاً موجزاً عن الحال إيماناً منه بضرورة إشراكه في الدرس فقال الفتى في تصوري أن الحال اسم نكرة يأتي لبيان حال الفاعل أو المفعول به ويكون منصوباً وصاحبه معرفة. تهلل وجه الشيخ وبدت عليه إبتسامة عريضة فقال لفتاه لا فض فوك يا فتى.. فقد قلت تعريفاً صحيحاً للحال شكر الفتى أستاذه الشيخ على هذا الإطراء.
ثم قال الشيخ وعلينا أن نعي أنه لا بد من مطابقة الحال المفردة لصاحبها تذكيراً وتأنيثاً. إفراداً وتثنية وجمعاً كما أنه لا بد من معرفة أن الحال تجيء مفردة كما ذكرت في تعريفك وتجيء جملة فعلية أو جملة اسمية نحو قولنا قابلت خالداً ووجهه باسم في الجملة الإسمية وفي الفعلية نقول قابلت خالداً يبتسم.
وعليك أن تعي يا بني أنه إذا جاءت الحال جملة لزم اشتمالها على رابط يربطها بصاحب الحال.
رفع الفتى إصبعه مستأذناً بسؤال قال الشيخ إطرح سؤالك.. يا بني.. قال الفتى ما هو هذا الرابط؟
قال الشيخ يتمثل الرابط في الضمير أو الواو الحالية أو الضمير والواو معاً.
قال الفتى عفواً أستاذي الشيخ أريد إعراباً لجملة حالية قال الشيخ تقول مثلاً.. رأيت عليَّاً وهو مقبل.. رأيت فعل وفاعل.. عليَّاً مفعول به منصوب.. الواو واو الحال.. هو ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.. مقبل.. خبر المبتدأ مرفوع.. وجملة المبتدأ والخبر في محل نصب حال.. إنكب الفتى على كراسته يسجل هذا الإعراب وبعد أن فرغ سأله الشيخ هل لديك أي سؤال عن الحال يا فتى؟
قال الفتى نعم لدي العديد من الأسئلة حبذا لو سمح لي أستاذي الشيخ بطرحها قال له الشيخ تقول العديد من الأسئلة هيا.. اطرحها على عجل يا بني.
قال الفتى.. السؤال الأول.. هل الحال مشتقة أم جامدة؟
قال الشيخ المفروض أن تكون الحال مشتقة.. وقد سمع عن العرب مجيئها جامدة.. تؤول بمشتق نحو قولهم ((ارتفع السعر قدراً كبيراً)). فـ قدراً.. حال جامدة مؤولة أي ارتفاع قدر كبير فحذف المضاف وبقي المضاف إليه منصوباً على الحالية المؤولة ومنها قولهم وقف الجيش سدًّا منيعاً في وجه الغزاة فـ سدًّا ـ حال جامدة وكذلك ـ هبَّ القط أسداً ـ فـ ـ أسداً أيضاً حال جامدة.
قال الفتى هل يمكن مجيء الحال معرفة أيها الشيخ؟
ارتاح الشيخ لسؤال الفتى الذي ينم عن ذكاء حاد وفطنة فقال له نعم قد تجيء الحال معرفة نحو جاء الضيف وحدَه فـ ـ وحده حال معرفة لأنها مضافة إلى ضمير مشتق تقديره ـ منفرداً وكذلك قولنا دخلنا الأول فالأول أي التقدير مُرَتَّبين.
ثم رفع الفتى مستأذناً بطرح سؤاله الأخير عن الحال.
فقال: هل يمكن تقديم الحال على صاحبها؟
فتقول مثلاً ما فاز طالباً إلا المجد.. قال الشيخ نعم.. وقد ذكر النحاة وجوب تقديم الحال على صاحبها إذا كانت محصورة نحو مثالك السابق وإذا كان صاحبها مضافاً إلى ضمير يعود على شيء له صلة وعلاقة بالحال نحو جاء زائراً هنداً أبوها. وما عدا ذلك يمنع.. ويجوز التقديم والتأخير في ما سواه. إلا أن يكون فعلاً جامداً كأفعال التعجب نحو ما أجمل السماء صافية فهنا يمتنع التقديم وكذلك قولك أنت أكرم الناس تحدثاً.
لأنه مشتق شبيه بالجامد.. والله فوق كل ذي علم عليم.. أقفل الفتى كراسته وراح كل منهما إلى بيته على أمل اللقاء غداً إن شاء الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :634  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 19 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.