| الحَلْقَةُ الخَامِسَةُ عَشْرَةَ |
| جلس الشيخ منتظراً قدوم الفتى الذي رآه قادماً من بعيد وفي يده كراسة جديدة.. سأله الشيخ عن تأخره اليوم بضع دقائق فرد عليه رأيت كراستي القديمة قد امتلأت بالشروحات ولم يبق منها سوى ورقة واحدة فذهبت إلى أقرب مكتبة اشتري منها كراسة إضافية، شكر الشيخ تلميذه الفتى على هذا الاهتمام.. وقال له.. أفضل قبل أن نبدأ في الحديث عن المنصوبات أن تذكر لي علامة النصب فهل أنت فاعل يا فتى؟! |
| قال الفتى بالطبع أستاذي الشيخ فعلامة النصب الفتحة في المفرد وجمع التكسير.. والألف في الأسماء الخمسة.. والياء في المثنى وجمع المذكر السالم والكسرة في جمع الإناث.. هش الشيخ فرحاً بما سمع من فتاه وقال له الله يحرسك يا بني ثم طلب من فتاه أن يذكر له تعريفاً موجزاً عن أول منصوبات الأسماء وهو المفعول به. |
| قال الفتى: المفعول به اسم منصوب يقع عليه الحدث ويقع غالباً بعد الفاعل وقد يتقدم عليه إن لم يحدث لبساً في تقدمه.. قال الشيخ مثل ماذا يا بني؟ قال الفتى مثل ضرب موسى عيسى.. فنحن لا نستطيع تقديم المفعول به هنا لأنه يحدث لبساً في الجملة. ربت الشيخ على كتف الفتى وقال الآن بدأت أطمئن على مستواك وقدرتك في التخريج يا بني.. قال الشيخ.. بعد تعريفك هذا للمفعول به.. نذكر له العديد من الأمثلة زيادة للمعلومة وشحذاً لها، نقول مثلاً: |
| قرأ علي الكتابَ، فـ ـ الكتاب ـ مفعول به ـ منصوب بالفتحة الظاهرة في آخره. |
| وأكرمت المديرة الفائزتين.. فـ ـ الفائزتين ـ مفعول به منصوب بالياء لأنه مثنى. |
| واستدعى القائد المجندين، ف ـ المجندين ـ مفعول به منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم. |
| وأجبت أخاك على سؤاله، فـ ـ أخاك ـ مفعول به منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة. |
| وأخيراً أكرمت المديرة الفائزات، فـ ـ الفائزاتِ ـ مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة الظاهرة في آخره لأنه جمع مؤنث سالم. |
| أما في الأسماء المبنية فتكون الفتحة مقدرة عليها، نحو.. قولنا سألت يحيى سؤالاً، فـ ـ يحيى ـ مفعول به منصوب بفتحة مقدرة لأنه اسم مبني. |
| سأل الشيخ فتاه هل لديك أي سؤال فيما تقدم شرحه؟ |
| قال الفتى حتى الآن لم يعنْ لي سؤال.. |
| قال الشيخ إذاً نستطرد في باب المنصوبات فنعرج إلى ثاني المنصوبات وهو المفعول المطلق، أو ما يسمى بـ.. المصدر.. وهو التصريف الثالث للفعل كأن نقول مثلاً، أكرم، يكرم، إكراماً.. فلفظة إكرام مصدر، وهو التصريف الثالث للفعل، رفع الفتى سبابته مستأذناً بسؤال عاجل.. سمح له الشيخ بطرح سؤاله، قال الفتى.. لماذا سمي مفعولاً مطلقاً أيها الشيخ؟! رد الشيخ، سمي كذلك لأننا نطلق عليه الحدث فهو من الإطلاق كقولك أكرمت عليًّا إكراماً، فـ عليًّا ـ مفعول به منصوب، وإكراماً مفعول مطلق لأننا أطلقنا الإكرام على ((علي)) تأكيداً للحدث. |
| ولكن عليك أن تتنبه أنه قد ينوب عن المفعول المطلق عدة أشياء منها مرادفه.. فمثلاً تقول.. قعدت جلوساً.. فـ ـ جلوساً ـ مرادف للفظة ((قعد))، وكذلك تنوب عنه صفته، نحو، أحب الخير كثيراً.. فـ ـ كثيراً ـ صفة للمفعول المطلق المحذوف وهو.. أحب الخير حباً كثيراً فحذفنا لفظة ((حباً من العبارة وبقي وصفها بديلاً عنها)).. |
| وكذلك ينوب عنه عدده ـ كأن نقول مثلاً ـ صليت الصبح ركعتين.. فـ ركعتين ـ عدد ناب عن المفعول المطلق لأن الصبح لا يكون إلا ركعتين.. فحذفت لفظة صلاة من الجملة، إذ في الأصل صليت الصبح صلاة ركعتين. وأقمنا عددها إنابة عنها.. وما ينوب عن المفعول المطلق الإشارة إليه كقولك سعدت بنجاحك هذه السعادة.. فـ ـ اسم الإشارة هنا ناب عن المفعول المطلق. وكذلك آلته.. كأن نقول عزقت الأرض فأساً، فـ فأساً ـ آلة نابت عن المفعول المطلق. وكذلك بعض وكل مضافتان إليه كقولنا ـ ذاكر الطالب بعضَ المذاكرة.. أو كلَّ المذاكرة.. وأخيراً ينوب عنه نوعه كأن نقول رجع العدو القهقرى.. فلفظة القهقرى هي نوع من الرجوع.. وهنا رفع الفتى إصبعه مستأذناً بسؤال عاجل.. قال له الشيخ سل ما شئت يا فتى. |
| قال الفتى أريد أن أعرف الفرق بين إنابة المرادف وإنابة النوع.. |
| أحس الشيخ بأهمية السؤال.. وأطرق مليًّا يعد إجابة شافية لتلميذه النجيب.. فقال.. كثيراً ما يختلط الأمران ولكن عليك أن تعي الفرق بينهما يا بني.. |
| فالمرادف الذي ينوب عن الفعل لا بد أن يحمل نفس خصائصه في المعنى.. فـ.. جلس هي نفسها قعد.. ووقف هي نفسها نهض وبلع هي نفسها ازدرد.. أما نوعه فليس له الصفة المشتركة الكاملة وإنما هو نوع مشترك بينهما في المعنى مقدر. نظر الشيخ إلى ساعته فوجد الوقت متأخراً فقال لفتاه هل لديك أي سؤال في المفعول به أو المفعول المطلق؟ رد الفتى ليس عندي ما أسأل عنه فقد كان لشرح أستاذي ما أغناني عن كثير من الأسئلة. وعاد كل منهما إلى منزله على أمل اللقاء غداً إن شاء الله. |
|
|
شارع عبد المقصود خوجة
00966-12-6982222 - تحويلة 250
