مَالي تُرَاودُني الصَّبَابَةُ والهَوَى |
فَأَهِيمُ في بَحْرِ الغَرَامِ وَأَغْرَقُ؟ |
وَأَتِيهُ صَبَّاً هَائِمَاً مُتَرَنِّمَاً |
بِالشِّعْرِ في سِحْرِ العُيونِ وَأَعْلُقُ |
هَلْ شَفَّني صَوْتُ الهَزَارِ بِلَحْنِهِ |
فَمَضَيْتُ مَفْتُونَاً بِهِ أَتَأَرَّقُ؟ |
أَمْ أَنَّ هَمْسَ الذِّكْرَيَاتِ صَبَا لَنَا؟! |
في لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ نَفْحَاً يَعْبَقُ؟ |
أَمْ ظَبْيَةٌ مَرَّتْ بِخَطْوٍ مَائِسٍ |
تَرَكَتْ شِغَافَ المُولَهِينَ تَمَزَّقُ؟ |
فَبَدَا ضِيَاءُ البَدْرِ يَزْهو حَالِماً |
في الأُفْقِ شَلاَّلاً كَتِبْرٍ يَبْرُقُ |
والعَنْدَلُ الهَيْمانُ يَشْدُو نَاغِمَاً |
مُسْتَجْلِيَاً بِالدِّفْءِ صَبَّاً يَعْشَقُ |
وَالجَدْوَلُ الرَّقْرَاقُ بَاتَ خَرِيرُهُ |
((جِيَتارَ)) عَزْفٍ حَالِمَاً يَتَدَفَّقُ |
فَامْلأْ فُؤَادَكَ بِالجَمَالِ لِكَيْ تَرَى |
زَهْرَ الرَّبِيعِ يَضُوعُ مِسْكَاً يُنْشَقُ |
مَا كَانَتِ الأَيَّامُ إِلاَّ رَوْضَةً |
لِلْحُلْمِ وَالتَّأْمِيلِ حِينَ نُحَدِّقُ |
نَسْتَشْعِرُ الآياتِ في سَرِّ الفَضَا |
وَالبَدْرُ قِنْدِيلٌ مُضِيءٌ مُشْرِقُ |
وَالسُّحْبُ تَرْكُضُ في الفَضَاءِ مُسِحَّةً |
مَطَرَاً بِهِ تَحْيَا الغُصُونُ وَتُورِقُ |
وَالأَيْكُ يُلْقِي بِالزُّهُورِ وَبِالشَّذَى |
يُهْدي النَّفَاحَ لِكُلِّ ضَيْفٍ يَطْرُقُ |
وَالبَحْرُ جَيَّاشٌ بِمَوْجٍ هَادِىءٍ |
يُجْرِي السَّفِينَ بِرِقَّةٍ يَتَرَفَّقُ |
إِنْ كُنْتَ في دُنْيَاكَ تُخْفي سَأْمَةً |
فَعَلاَمَ وَالدُّنْيَا رَبِيعٌ مُغْدِقُ؟ |
خَلِّ اجْتِيَاحَ الهَمِّ عَنْكَ وَلاَ تَكُنْ |
مُتَشَائِمَاً.. مَاْ عَاشَ فِيهَا الأَحْمَقُ |
وَاسْتَجلِ إِعْجَازَ ((الإِلهِ)) وَصُنْعَهُ |
في مَا تَرَاهُ فَليْسَ دُونَكَ مُعْوِقُ |
الشَّمْسُ تَجْري في إطَارٍ مُحْكَمٍ |
وَكَوَاكِبٌ تَتْرَى تَجُولُ وَتُطْلَقُ |
الكُلُّ مَوْزُونٌ بِقُدْرَةِ خَالِقٍ |
لاَ يُسْرِفَنَّ بِسَيْرِهِ أَوْ يَسْبِقُ |
أُنْظُرْ إِلى الصُّبْحِ الجَمِيلِ فَإِنَّهُ |
حُلُمٌ رَهِيفٌ ـ بَاسِمٌ مُتَأَلِّقُ |
مَاْ كَانَتِ الدُّنْيَا بِدَارِ تَأَفُّفٍ |
تُزْجي مِنَ الأَوْجَاعِ مَا هُوَ مُحْرِقُ |
لكِنَّهَا لِلْحَالمِينَ رَبَابَةٌ |
تُسْري هُمُومَ البَائِسِينَ وَتُزْهِقُ |
فَانْعَمْ بِدُنْيَاكَ الجَمِيلةِ هَانِيَاً |
مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ يَشِينُ وَيُزْلِقُ |
فَ ((اللَّهُ)) قَدْ خَلَقَ الحِيَاةَ جَمِيلةً |
نَهْنَى بِهَا حِينَاً وَحِينَاً نَقْلَقُ |
مَنْ كَانَ يَنْشُدُ صَفْوَهَا مُتَفَائِلاً |
حَتْمَاً يُحِسُّ حَلاَوَةً ـ تُتَذّوَّقُ |
لاَ يَعْتَرِيهِ اليَأْسُ في خَفَقَاتِهِ |
أَحْلاَمُهُ تَسْمُو بِهِ وَتُحَلِّقُ |
يَسْتَكْنِهُ الإِحْسَاسَ في خَلَجَاتِهِ |
هَمْسَاً يَجِيشُ بِخَافِقَيْهِ وَيَخْفِقُ |
يَاْ مُعْتِمَ الإِحْسَاسِ حَسْبُكَ أَنْ تَرَى |
أَيَاتِ صُنْعِ ((اللَّهِ)) حَوْلَكَ تَنْطِقُ |
فَاْمَلأْ شِغَافَكَ بِاليَقِينِ وَبِالهُدَى |
وَالخَيْرِ وَالإِينَاسِ حُبَّاً يَصْدُقُ |
وَأَرِحْ رِكَابَكَ فَالحَيَاةُ مَلِيئَةٌ |
بِالحُبِّ ـ وَالآمَالِ حُلْمَاً يَبْثُقُ |
مَاْ كَاْنَتِ الأَيَّامُ إِلاَّ مُجْتَلىً |
تُفْضِي مِنَ الأَحْلاَمِ مَا يَتَأَلَّقُ |
تُسْرِي عَنِ النَّفْسِ الْكَئِيبَةِ غَمَّهَا |
فَتَكِنَّ هَانِيَةً بِمَا هُوَ مُؤْنِقُ |
وَتَجُوبَ حُلْمَاً وَاهِجَاً في شَطِّهَا |
تَنْأَى عَنِ الإِحْبَاطِ لاَ تَتَزَلَّقُ |
ويُجِلُّهَا صَوْتُ الحَمَامِ بِغِنْوَةٍ |
تُذْكي مِنَ الإِحْسَاسِ مَا يَتَعَمَّقُ |
رَفِّهْ شُعُورَكَ بِالحَيَاةِ فَإِنَّهَا |
شَبَّابَةٌ جَذْلَى وَعِطْرٌ مُدْلَقُ |
وَارْبَأْ بِنَفْسِكَ عَنْ مَسَاوِيء غَيِّهَا |
فَالنَّفْسُ لاهِيَةٌ بِمَا هُوَ مُصْفِقُ |
إِصْغِ لِشَدْوِ الطَّيْرِ في عَذَبَاتِهَا |
وَجْهَ الصَّبَاحِ وَعِنْدَمَا تَسْتَغْسِقُ |
تُهْدِي صَفَاءَ الحُبِّ لحْناً صَابِيَاً |
يُشْجِي الفُؤَادَ بِغِنْوَةٍ تَتَرَقْرَقُ |
تُنْحي الكَأَبَةَ وَالسَّأمَةَ وَالشَّجَا |
وَتَطُوفُ حُلْمَاً هَامِساً يَتَدَفَّقُ |
فَتَرَى الحَيَاةَ أَلِيفَةً مَأْنُوسَةً |
في نَاظِرَيْكَ وَليْسَ ثَمَّةَ مُغْلَقُ |
فَانْعَمْ بِهَا مَا عِشْتَ فَوْقَ هِضَابِهَا |
وَانْجُ بِنَفْسِكَ عَنْ شَنَارٍ يَصْعَقُ |
فَالنَّفْسُ دَاعِيَةٌ لِشَرِّ غَوَائِهَا |
إِنْ أُطْلِقَتْ مِنْ دُونِ قَيْدٍ يُوثِقُ |
خُذْ مَا تَشَاءُ مِنَ الحَيَاةِ وَلاَ تَكُنْ |
مُتَسَاهِلاً في الدِّينِ جَهْلاً يُوبِقُ |
كَيْمَا تَصُونَ النَّفْسَ عَنْ نَزَقِ الغَوَى |
وَتَعِيشَ.. وَالأَيَّامُ حَوْلَكَ تُشْرِقُ |