قالت: أَراكَ تُديمُ الصَّمْتَ مُنْشَغِلاً |
فهل بلاكَ من الأحداثِ.. ما يَجِلُ؟! |
أَمْ أَنَّ وَخْزَاً.. لصالي الشَّوْقِ مختفياً |
بدا يقطِّع من نجواكَ.. ما يَصِلُ؟! |
أم حورُ غيدٍ رمتْ سهماً بطائِشَةٍ |
أصابَ جرحاً.. عزيزاً كادَ يَنْدَمِلُ؟! |
فَهِمْتَ تشدو مع الأحلامِ مُنْتَشِياً |
تَعَجُّ بالطَّفْحِ.. ممَّا باتَ يَعْتَمِلُ |
فقلتُ: مهلاً.. فما سَهْمُ الهوى صَرَدَتْ |
منِّي الفؤادَ.. ولا ـ هِنْدٌ ـ ولا ـ نُهَلُ ـ |
إنِّي تجاوزتُ سِنَّ اللَّهْوِ من زَمَنٍ |
إن كانَ للهوِ سنٌ سَمْتُها.. الكَسَلُ |
فقد أَفَأتُ إِلى ظِلٍّ.. يُجَلِّلُني |
ويجعلُ الطَّرفَ بالإيمانِ يَكْتَحِلُ |
أَبْصَرْتُ في الكونِ آياتٍ لها عِظَةٌ |
تَقَرُّ في النفسِ إحفَاءً.. وتَتَّصِلُ |
ما بالُ قوميَ قد شَطَّت نوازِعُهُمْ |
وأَدْمَنوا السَّيْرَ في الأوْحَالِ.. وانْخَذَلوا؟ |
تَكَبَّلَ الحِسُّ في أَعماقِهم زَللاً |
حين استكانوا إلى الإحْبَاطِ وانْشَغَلوا |
هَلْ طَوَّقَتْهُمْ قُيودُ الذُّلِ فانكفَأُوا |
أَمْ زَلْزَلتْهُمْ ريَاحُ الشَّرِ فَارْتَحَلوا؟ |
أَمْ غَرَّرَتْهُم حَيَاةُ الرَّغْدِ فانْغَمَسوا |
لا يَعْبَأُونِ بِدَحْرِ النَّفْسِ أَمْ جَهِلوا؟ |
لكنَّما الغدُّ حتماً سوفَ يُبْصِرهُم |
عَبْرَ الشِّغَافَيْنِ لفْحاً دُونَهُ الثَّكَلُ |
فَتِلْكَ شيمةُ من كانتْ بصيرتُهُ |
أَدنى إلى السقطِ لا حسٌ.. ولا خَجَلُ |
خوفي من الغدِّ يرميهمْ بنازلةٍ |
عَصْفِ النَّيازِكِ أو يغشاهُمو مَلَلُ |
يُبدِّلُ الحبَّ في أعماقِهِمْ نَزَقاً |
فلا يُحسِّونَ إلاَّ والدُّنا.. طللُ |
هل ينفعُ النُّصْحُ في قومي وقد رَكِبوا |
مطَّيةَ الشَّطْحِ إدلاجاً وما وَصَلوا؟ |
مَنْ يحتسِ الكأْسَ مِنْ مُرٍّ بلا مضضٍ |
يَرْضَ الهوانَ وذلَّ النفسِ يحتملُ |
لا يرتضي الذُّلَ إلا مَنْ به خسأٌ |
أو يرتضي الهوْنَ إلا مَنْ به خللُ |
فخدشةُ الحسِّ يأْباها ذَوو حَسَبٍ |
ولا يُحِسَّنَّ.. خَدْشَ النفسِ مَنْ سَفُلوا |
يا وصمةَ العارِ إنْ باتتْ شمائِلُنا |
تميلُ للقحط.. أو بالفُرْقِ تحتفلُ |
ووصمةُ الخِزْي لو أَنَّا نداهِنُها |
من غير صدٍّ لها.. إنا إذاً.. هُمُلُ |
الصِّرْبُ داسوا مشاعرَنا وما فَتِئُوا |
يستنسرُون بشعبٍ كاد.. يَرْتَحِلُ |
ونحنُ ساهون لا نَقْوَى مُنَاهَضَةً |
وآحَرَّ قلباهُ.. والأجواءُ تشتعلُ |
الصِّرْبُ يدرونَ أَنَّا أمةٌ لهيتْ |
بل ويدرونَ أيضاً أننا.. غُفُلُ |
لو فَكَّرَ الصِّرْبُ يوماً أننا ثقلٌ |
لما تَطَاوَلَ وَغْدٌ مِنهمو.. خَبَلُ |
تِلْكُم لعمْريَ أنماطٌ لفُرْقَتِنَا |
فهل تُرانا.. لصوتِ العقلِ نَمتثلُ؟ |
ونقهر الغيَّ في أعماقِنَا أَملاً |
لصونِ مجدٍ بناهُ رُهْطُنَا الأولُ |
يفترُّ بالحبِّ والإيمانِ مجتلياً |
يشعُّ منهُ ضياءُ الدِّينِ.. والعَمَلُ |
فنكتبَ اليومَ للتاريخِ ملحمةً |
تفيضُ حُبًّا وتيهاً إنَّهُ.. أَمَلُ |