وَمَا زِلْتُ أَلْمَحُ فِيْكِ الصِّبَا |
يُدَاعِبُ عَيْنَيَّ كيْفَ يَشَاءْ |
وَيَرْسُمُ في الخَفْقِ بَوْحَ الهَوَى |
حَنَاناً وَشَوْقاً سَخِيَّ العَطَاءْ |
وَنَفْحاً مِنَ العِطْرِ يَجْلو الصَّدَى |
ويُدْفِىءُ حَوْلِيَ لَيْلَ الشِّتَاءْ |
لأنِّي تَسَرَّبْتُ فِيكِ هَوَىً |
وَأَدْمَنْتُ حُبَّكِ نَاراً وَمَاءْ |
رَضِيتُ بِبُعْدِكِ رُغْمَ الجَوَى |
وَرُغْمَ احْتِبَاسِ شُعَاعِ الضِّيَاءْ |
أَتَيْتُ إِليْكِ وَبِي لوْعَةٌ |
وَجُرْحٌ يَنِزُّ عَزِيز الدِّمَاءْ |
أَجُوبُ اللَّيَاليَ في حَيْرَةٍ |
أُفَتِّشُ عَنْكِ بِكُلِّ احْتِفَاءْ |
وَأَرْسُمُ ليْلَكِ حُلْماً مَضَى |
يُعِيدُ لِنَفْسِيَ هَمْسَ اللِّقَاءْ |
يَطُوفُ بِرَوْضِكِ في خَلْوَةٍ |
لِيَنْشُدَ عِنْدَكِ عَذْبَ الغِنَاءْ |
يُصَوِّرُ صَبًّا بَلاَهُ الشَّجَا |
وَأَمْسَى مِنَ البُعدِ يَشكو العَنَاءْ |
فَهَلاَّ.. تَجُودينَ في أُلْفَةٍ |
بِوَصْلٍ يُعيدُ قَدِيمَ.. الوَفَاءْ؟ |
يُزِيلُ المَلاَلةَ عَنْ خَافِقي |
ويُشْجي الفُؤَادَ بِعَوْدِ الصَّفَاءْ |
فَإِنَّا أَلِيفَانِ مُنْذُ الصِّبَا |
وَمُنْذُ ارْتَشَفْنَا رَحيقَ الهَنَاءْ |
وَمُنْذُ تَوَلَّهْتُ فِيكِ رُؤًى |
وَهَمْساً نَدِيًّا وَعِطْراً.. رَوَاءْ |
تَوَسَّدْتُ حُلْمَكِ في نَاظري |
خَيَالاً مُشِعًّا كَبَدْرِ السَّمَاءْ |
تَذَكَّرْتُ فِيهِ عَبِيرَ النَّدى |
وَحُلْماً ثَرِيًّا يَفِيضُ ارْتِوَاءْ |
أَليْسَ جَدِيراً بِأَنْ نَحْتَفي |
بِعمْرٍ تَنَاثَرَ.. عَبْرَ الفَضَاءْ؟ |