سَئِمْتُ الحياةَ ـ فليس بها |
مكانٌ ـ يعزُّ كريمَ.. الأَصِلْ! |
أُجَدِّفُ حَوْلَ ضَفافِ المنى |
فتلقي شِرَاعي بشط الوَحَلْ! |
فَأَفْزَعُ والفِكرُ بي تائِهٌ |
لماذا تُعمِّقُ فيَّ.. الخَذَلْ؟! |
أعالجُ جرحاً ينزُّ قَذَىً |
كأَنَّ جراحي أَبَتْ تَنْدَمِلْ! |
وأَنْفُثُ عبرَ ضَبابِ الرُّؤَى |
طُفوحاً من العُمْقِ تُذكي الشُّعَلْ |
كأَنَّ الحياةَ غَدَتْ مَسْرَحاً |
تعزُّ الخسيسَ وتُدْني الأَذَلْ! |
وترخي العَنَانَ لِلَغْوِ السَّفيهْ |
ينعَّمُ فيها بهاني النَّفَلْ! |
تداجي الوضيعَ وتُصفي اللَّئيمْ |
فيركبُ تيهاً.. جيادَ المَطَلْ! |
وأَمَّا مساري بها طامحٌ |
طموحاً يحطِّمُ قيدَ الكَسَلْ! |
فوجْهُ الحياةِ قناعٌ دَجَى |
كحُلْمٍ توهَّجَ ثم ارْتَحَلْ! |
فأَيُّ حياةٍ تَفيضُ منىً |
إذا الفَدْمُ جازَ سِبَاقَ الأُوَلْ؟ |
وأَصبحَ يختالُ في غِرَّةٍ |
كما قِرْطَبوسٌ ـ تَطَالُ ـ الجَبَلْ؟ |
يُكتِّمُ شَدْوَ طيورِ الصَّباحْ |
ويَخْنُقُ فيها رقيقَ الزَّجَلْ! |
كأَنَّ الحياةَ غدتْ لُعْبَةً |
بساحٍ.. تجيزُ قِرَاعَ النُّعُلْ! |
وتَحْمَدُ حَطْمَ سلوكِ الإِباءْ |
لما نَفْتَريهِ بها مِنْ زَلَلْ! |
أَتيتُ الحياةَ وبي لهْفَةٌ |
أُجدِّفُ عبرَ شطوطِ الأَمَلْ! |
وأنشدُ فيها صفاءَ الرَّواءْ |
وحلماً جميلاً ونبتاً وَطَلْ! |
فعدتُ ودوني جراحُ النَّوى |
تقلِّبُ فيَّ.. وَخيزَ النَّكَلْ |
أُفَتِّشُ عن صَبَوَاتِ الهَوَى |
وسَمْتِ الوَفَاءِ لماضٍ مَحَلْ! |
لماذا توارى ولم يستطعْ |
نزالَ النُّزوقِ.. لماذا رَحَلْ؟ |
فلما رأيتُ شروخَ الإِباءْ |
وسأْمَ الكرامِ وزيفَ النِّحَلْ! |
تَيقَّنْتُ أَنَّ حياةَ الملا.. |
تَنُوصُ عن الحقِّ صوْبَ الخَطَلْ! |
فرحتُ إلى الليلِ أشكو الوَنى |
وما قد بليتُ بهِ من عِلَلْ! |
فقلتُ أراكَ نجيَّ الهوى |
فكمْ فيكَ يا ليلُ طابَ الغَزَلْ! |
أَلَسْتَ المعنَّى بأخلاقنا؟ |
وسَحْقِ الوَفَاءِ ودَحْرِ المُثُلْ؟ |
فَكَمْ فيكَ يا ليلُ صَبٌّ هوى |
ونبضٌ توجَّعَ ثمَّ ارْتَهَلْ؟ |
يُعاني صلاهُ وفيهِ خَوَاءْ |
يعالجُ يأْساً نُدوبَ الشَّلَلْ؟ |
تُخَدِّشُهُ عَاصِفَاتُ البَلاءْ |
بقُبْحِ الفِعَالِ وسَقْطِ النِّحَلْ؟ |
فقالَ: ليَ الليلُ أَنَّى أُجيبْ؟ |
وفيَّ من الدَّمْعِ نَزْفٌ هَطَلْ؟ |
وغذَّ الرِّحالَ على أُهْبَةٍ |
لما قدْ تراءى بهِ فانْسَدَلْ |
ودَمْدَمَ مثلَ رياحِ الشِّتاءْ |
بصوتٍ مخيفٍ ورُعْبٍ جَلَلْ! |
فرحتُ إلى البحرِ علِّي أَرى |
جواباً لديْهِ يُعيدُ الأَمَلْ! |
فقالَ: ليَ البحرُ أَمَّا أنا.. |
فدونكَ جسمي بَرَاهُ النَّحَلْ! |
صبرتُ على وَخَزَاتِ الدُّنا |
وأيقنتُ أني حبيسُ الذَّلَلْ |
فثارَ بيَ الموجُ في ليلةٍ |
ليعلنَ رفْضاً لما قدْ نَزَلْ! |
ويغمرَ كلَّ شواطي الورودْ |
يدمِّرُ فيها مرآفي الخَلَلْ! |
فإِني تمرَّدْتُ منذُ الصِّبى |
لما قدْ يعيقُ صفائي.. فَسَلْ؟! |
فقلتُ أيا بحرُ أنتَ إِذَنْ |
تعاني القُروحَ.. وتَأْبى الهَزَلْ |
فجئْتُ إلى النَّجْمِ في حَيْرَةٍ |
أُناشدُ فيهِ جواباً لَعَلْ! |
فَوَصْوَصَ دُوني وغابَ السَّنَا |
بما قدْ أُثيرَ بهِ وانْشَغَلْ! |
فقلتُ لعلَّكَ لا تَحْتَفي! |
بضَيْفٍ أَتَاكَ يُعاني الكَلَلْ! |
فَتَمْتَمَ ويحكَ هلْ تَرْتَجي؟ |
جواباً يفرِّجُ شَطْحَ المَلَلْ؟ |
وعندي من الهَمِّ ما يَصْطَلي |
فكفِّ السُّؤَالَ.. وخَلِّ الجَدَلْ! |
حملتُ سؤالي إلى روضةٍ |
بها الطيرُ تشدو رقيقَ الغَزَلْ! |
فقلتُ أَيَا طيرُ كيفَ الهوى؟ |
وكيفَ لدَيْكِ شَفَافُ الأَمَلْ؟ |
ألستِ تُغنِّينَ في نَشْوَةٍ؟ |
وتَرْوينَ بالحبِّ كأْسَ النَّهَلْ؟ |
فقالتْ.. غِنَائي بُكَاءُ السَّقيمْ |
وما قدْ ينوءُ بهِ مِنْ عِلَلْ؟ |
وشجوُ غنائي سُلُوٌّ لِمَا |
يَجيشُ بِصدْريَ منذُ الأَزَلْ |
فإنْ كنتُ أَشْدو نشيدَ الحياهْ |
وأَطْبَعُ في الثَّغْرِ رَطْبَ القُبَلْ! |
وانثُر لحنَ جَمَالِ الربيعْ! |
غناءً يفوحُ بناي الجَذَلْ! |
فلا تَحْسَبَنَّ حياتي رَفَاهْ |
فإني أداري هَوىً مُشْتَعِلْ |
وأَرسمُ عبرَ نغومِ الأصيلْ |
كهوفاً توَاري دموعَ الخَجَلْ! |
لأَبعثَ في الكونِ دِفْءَ الهوى |
وبسمةَ حبٍّ نديِّ الرَّفَلْ! |
وفي النفسِ منِّي حَريقٌ دَفينْ |
يُعمِّقُ لفْحاً.. جُذُورَ الوَجَلْ! |
فَتِلْكَ حياتي وقدْ عشتُها |
بعيداً عن الزَّيفِ والمُنتَحَلْ! |
فقدَّمتُ شكري لطيرٍ حكى |
بصْدقِ العبارةِ لفظاً.. حَمَلْ! |
وأَلْمحَ أنَّ حياةَ الورى |
سُقُوطٌ وسَحْقٌ لِمَنْ قدْ سَفُلْ |
وَأَعْلَنْ أنَّ منالَ الملا |
ركوبُ الصِّعَابِ بكلِّ السُّبُلْ |
تلمَّسْتُ في الطيرِ صِدْقَ الجوابْ |
فَقدَّمتُ.. طَاقَةَ زهرٍ وفُلْ! |
وبتُّ أُناشدُ مَنْ لا يُجيدْ |
صعودَ الجبالِ.. وحَطْمَ الكَبَلْ! |
أَلَسْنا نُعاني نزيفَ الجراحْ؟ |
وكمًّا من الحزْنِ فينَا حَصَلْ؟ |
نُواري الدَّنَاءَةَ لا نَرْعَوي |
كأنَّا نُخَبِّىءُ.. سَقْطَ الفَشَلْ! |
نَسيرُ على وَجْههَا صائلينْ |
نَغَرُّ بمالٍ قصيرِ الأَجَلْ؟ |
ونحسَبُ أَنَّ رصيدَ البنوكْ |
سيدفعُ عنَّا رُكَامَ الزَّلَلْ؟ |
تَرَفَّقْ.. أَخا التِّيهِ لا تحطِمَنْ |
نياطَ الوئامِ.. بِقَطْعِ الأَهِلْ! |
وتَجْثو على صَهَوَاتِ المنى |
ودونكَ نجمُ الوَفَا.. قدْ أَفَلْ! |
تحسَّسْ ضميرَكَ هَلْ يَجْتَلي |
عبيرَ الوِصَالِ لفاني الطَّلَلْ؟ |
فإنَّ الحياةَ بساطٌ لنا.. |
نَغذُّ بها السَّيْرَ نحوَ العَمَلْ! |
فَنَبْضُ الحياةِ لنا جامعٌ |
إِذا الخَطْبُ جاءَ بنا أَوْ نَزَلْ |
فنعمَ الحياةُ لمنْ يَشْتَهي |
حياةً يَقَرُّ بها مَنْ وَجَلْ |
ويطرحُ عنْهُ نُزُوعَ الهَوَى |
بوَصْلٍ يُضَمِّدُ.. قَرْحَ المُقَلْ! |
فَشَطُّ النَّجَاةِ لنا مَعْبَرٌ |
فَلَيْتَ نَعُودُ إِليهِ.. وَهَلْ؟ |