شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة - 3 -
(وتفتح سوسن الباب وإذا بها وجهاً لوجه مع عاصم وشقيقته ابتسام فتقول والدهشة ترين على كلامها):
سوسن: من.. أنت!.. غير معقول.. غير معقول.. يا مرحبا.. تفضل.. تفضلي ابتسام.. أهلاً وسهلاً…
عاصم: شكراً…
ابتسام: ألف شكر يا سوسن…
سوسن: مس ماريا، أقدم لك صديقتي مس ابتسام، وهذا أخوها مستر عاصم…
ماريا: تشرفنا…
عاصم: تشرفنا مس ماريا…
ابتسام: تشرفنا مس ماريا…
سوسن: متى كان الوصول يا ابتسام؟…
ابتسام: من المطار إلى شقتك…
سوسن: كيف عرفتم عنواني؟…
ابتسام: من فؤاد، فقد أخذناه منه وأعطانا رسالة لك وهدايا منه وهدايا متواضعة مني ومن عاصم…
سوسن: شكراً.. شكراً…
ماريا: حسناً.. أنا استأذن يا سوسن، فقد جاء الوقت الذي يجب أن أعود فيه إلى والدتي…
سوسن: غير ممكن إلا بعد أن تأكلي من الهدايا التي جاءتني وتأخذي حصة والدتك منها…
ماريا: شكراً.. أنا آكل حصتي وحصة والدتي…
سوسن: حصة والدتك محفوظة، فالخير كثير والحمد لله…
عاصم: فؤاد الحمد لله بخير ولكن فكره مشغول عليك لتأخر رسائلك، وقد طلب منا أن نذهب من المطار رأساً إليك لنطمئنه عنك وسأبرق له فور خروجي من هنا…
سوسن: وأنا كذلك.. شكراً.. شكراً.. والآن تفضلي ماريا بالأكل…
ماريا: شكراً.. إن أشكال الهدايا متنوعة ولا بد أن لكل نوع طعماً ومذاقاً خاصاً…
سوسن: كلي منها جميعها…
ابتسام: حتى تعرفي طعم ومذاق كل نوع…
ماريا: هذا يعني أني سأتعشى…
(ضحك من الجميع يقول عاصم):
عاصم: هذه مقبلات للعشاء يا مس ماريا…
سوسن: وستتعشين معنا يا ماريا على شرف ابتسام وعاصم…
عاصم: شكراً يا آنسة سوسن.. يسعدني أن تقبلوا دعوتي لكن لنتعشى معاً…
سوسن: ولكنك وابتسام ضيوفي الآن…
عاصم: أنا أخوك يا آنسة سوسن والحال واحد…
ابتسام: أجل يا سوسن، فؤاد وعاصم أخوة إن كان في الدنيا خير…
سوسن: ما رأيك ماريا في العشاء معنا؟…
ماريا: هذه المقبلات خير من أي عشاء آخر.. على كل حال سأحتفظ بحقي في العشاء إلى لقاء آخر…
(ضحك من الجميع نسمع بعدها صوت سوسن تقول):
سوسن: وهو كذلك.. حقك محفوظ يا ماريا…
ماريا: أستأذن، فقد أكلت حصتي وحصة والدتي…
سوسن: تفضلي في هذا الكيس حصة والدتك…
ماريا: شكراً.. شكراً.. إلى اللقاء….
الجميع: إلى اللقاء…
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت ماهر يقول وهو منفعل ومحتد):
ضاهر: أجاءتك آخر الأنباء يا سليم؟…
سليم: أية أنباء يا ضاهر؟…
ضاهر: عاصم…
سليم: ما وراء عاصم؟
ضاهر: أعلمت بما فعله؟
سليم: لا يا صديقي؟ ماذا فعل؟
ضاهر: لحق بسوسن…
سليم: لحق بسوسن.. ماذا تقول؟
ضاهر: أجل عاصم وأخته ابتسام يدرسان الآن في الجامعة التي تدرس فيها سوسن…
سليم: أحقاً ما تقول؟
ضاهر: أي وربي…
سليم: كيف استطاع أن يكون ابتعاثه إلى الجامعة نفسها التي تدرس فيها سوسن؟
ضاهر: بمساعدة أصدقاء والده ومعارفه هو…
سليم: لا شك أنها أنباء مزعجة… ولكن…
ضاهر: ولكن ماذا؟
سليم: وما أهمية ذلك بالنسبة لك؟ كانت سوسن خطيبة لك وفسخت الخطوبة والزواج قسمة ونصيب…
ضاهر: ولكنه تحدٍ لي من قبل عاصم…
سليم: فتاة وانفسخت خطبتها منك.. هل تريدها أن لا تتزوج من غيرك..
ضاهر: لا.. ولكن محاولات عاصم هذه تستهدف التمهيد للزواج من سوسن…
سليم: وماذا يضرك من محاولات عاصم؟…
ضاهر: كيف.. زواج سوسن من عاصم تحدٍ لي يجب أن أرد عليه..
سليم: عندما قلنا إنك ما تزال تحب سوسن.. غضبت وأنكرت ذلك، وهذه الزوبعة التي تثيرها كل يوم كيف تحللها وتفسرها يا صديقي؟
ضاهر: لا أدري، ولكن الذي أدري…
سليم: ولكن الذي تدري هو..
ضاهر: هو ماذا…؟
سليم: هو أنك ما تزال تحب سوسن حتى الجنون..
ضاهر: أنا.. أنا!…
سليم: نعم أنت.. ويكفيك مخادعة نفسك ومخادعتنا… اعترف وأرح نفسك وأرحنا من هذه العنتريات اليومية التي لا لزوم لها….
ضاهر: أجل يا صديقي.. أجل.. إني ما أزال أحب سوسن وسأظل أحبها إلى الأبد…
سليم: برافو ضاهر.. برافو.. ألا تشعر الآن بارتياح شديد بعد هذا الاعتراف؟…
ضاهر: بلى.. بلى..
سليم: إذن، فلنفكر في اتخاذ خطوات جديدة حكيمة…
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت وجدي يقول):
وجدي: صباح الخير سيد فؤاد…
فؤاد: صباح الخير سيد وجدي.. أهلاً وسهلاً بك…
وجدي: شكراً.. شكراً.. لقد حضرت بناء على طلبك ولا أريد أن أضيع من وقتك الثمين، فما هي أسباب الطلب؟
فؤاد: علمت أنك تحمل شهادة تجارة وإدارة أعمال..
وجدي: نعم.. نعم…
فؤاد: وإن عقدك مع الشركة التي تعمل بها قد انتهى..
وجدي: أجل.. أجل..
فؤاد: وإنك لا ترغب في تجديده مع الشركة المذكورة بالرغم من إلحاحها…
وجدي: بلى.. بلى.. ولديّ ما يثبت ذلك…
فؤاد: ما رأيك يا سيد وجدي؟
وجدي: في أي شيء؟
فؤاد: في أن نتعاون معاً…
وجدي: إنني أرحب بذلك ولكن ما هو نوع التعاون؟
فؤاد: تقوم بإدارة أعمال أي تصبح مديراً لأعمالي جميعها…
وجدي: شكراً.. شكراً.. وإنها ثقة أعتز بها وأفخر.. ولكن..
فؤاد: ولكن ماذا؟
وجدي: ولكني لست أهلاً لهذه الثقة…
فؤاد: أنت أهل ومحل لهذه الثقة وإني أرجوك القبول فلا تخيب رجائي…
وجدي: قبلت وأرجو أن أكون عند حسن ظنك بي..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت عاصم يقول):
عاصم: ابتسام، ابتسام،
ابتسام: نعم يا عاصم…
عاصم: تعالي بسرعة…
ابتسام: خيراً إن شاء الله…
عاصم: أنسيت؟
ابتسام: ماذا نسيت؟
عاصم: موعدنا مع سوسن…
ابتسام: لم أنسه ولكني أريد استكمال تحضير بعض مواد الدراسة لأني واثقة أننا سنعود متعبين من حضور سباق الزوارق…
عاصم: إنه سباق ممتع، لعلَّنا لأول مرة في حياتنا نشهد مثله…
ابتسام: أجل يا أخي أجل.. إنهم هنا يعرفون كيف يستغلون طبيعة بلادهم وجمالها.. أما نحن فمع الأسف، لا نفكر في استغلال مناظر بلادنا الساحرة الجميلة…
عاصم: لا أدري هل ماريا ستذهب معنا؟…
ابتسام: من كل بد لأنها ستكون دليلنا ومرشدنا ثم…
عاصم: ثم ماذا؟
ابتسام: أنسيت أننا مدعوون على فنجان قهوة في دار ماريا لنتعرف إلى والدتها؟…
عاصم: ياه… نسيت والله نسيت… يومنا سيكون كله مزدحماً…
ابتسام: ولذلك فعلينا أن نحضر دروس الغد قبل أن تبهرنا مناظر السباق وواجبات الزيارة وما سيجد مما لم يكن بالحسبان…
عاصم: صدقت.. صدقت.. لن أعطلك عن درسك…
ابتسام: ولا أنا، وجرس الساعة هو الذي سينبهنا إلى حلول الوقت…
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت ماريا تقول):
ماريا: هلو.. سوسن..
سوسن: هلو.. ماريا.. كيف أنت؟…
ماريا: بخير.. بخير.. وأنت؟…
سوسن: وأنا كذلك لله الحمد…
ماريا: لقد جئتك قبل بدء الذهاب لمشاهدة السباق.. لكي نستذكر معاً دروس غد.. فاليوم سيكون كله إجازة.. أليس كذلك؟
سوسن: بلى.. بلى..
ماريا: هل عند عاصم وابتسام علم بالموعد؟
سوسن: أجل يا ماريا.. لقد أخبرتهما وسيأتيان إلى هنا قبل الموعد المحدد لنذهب معاً…
ماريا: كانت والدتي مسرورة عندما أبلغتها أنك وبعض معارفك ستزورونها…
سوسن: نحن الذين حقاً سنسعد بزيارتها ولا سيما في هذا اليوم المشمس الجميل..
ماريا: إنه يوم عربي كما يحلو لنا أن نسمي اليوم الذي تسطع فيه أشعة الشمس…
سوسن: ونحن اللائي تعودن رؤية الشمس يومياً في بلادنا نرى أنفسنا مسرورين منك برؤيتها، لأن لنا مدة طويلة وسماء بلادك ملبدة بالغيوم والغيث ينهمر منها مدراراً…
ماريا: إن طبيعة بلادنا قاسية جداً يا سوسن…
سوسن: قاسية جداً ولكنها أيضاً جميلة جداً…
ماريا: لن يجمع الله بين عسرين يا سوسن…
سوسن: صدقت يا ماريا صدقت…
ماريا: والآن هيا بنا ننظم مذاكرتنا ريثما يحين موعد الخروج…
سوسن: وهو كذلك.. هيا بنا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت سليم يقول):
سليم: اطمئن يا ضاهر، فالأمور تسير حسب الخطة المرسومة…
ضاهر: أتظن أن جهودك ستثمر يا صديقي؟…
سليم: إنني واثق أن مساعيّ ستكلل بالنجاح…
ماهر: لقد بذلت أنا من جهتي بعض المساعي مع الجهات التي بيدها الحل والعقد ولكن..
سليم: ولكن ماذا؟
ضاهر: أخشى…
سليم: تخشى من أي شيء؟
ضاهر: أنا لا أخشى من أي شيء ولكني أخشى على سوسن…
سليم: من أي شيء تخشى عليها؟…
ضاهر: من وقع الصدمة…
سليم: كيف؟
ضاهر: لعلَّها تحب عاصم حباً كحبي لها مثلاً، فإذا أبعدناه عنها فسوف تكون الصدمة قاسية عليها وهذا يعني أني تجنيت على نفسي، وسوسن نفسي بل أعز من نفسي…
سليم: لِمَ لَم تحسب كل هذا الحساب قبل أن ندخل في العميق أو الغميق كما يقول المثل؟…
ضاهر: لقد صحوت يا صديقي وزالت عن عيني غشاوة الحقد والكراهية وبدأت أفكر في الأمر بمنطق العقل لا بمنطق العاطفة…
سليم: جاء تفكيرك متأخراً يا صديقي، أي بعد فوات الأوان…
ضاهر: إذن، ضربت ضربتك يا سليم…
سليم: بل أنت الضارب لأنك السبب والموجه…
ضاهر: لا حول ولا قوة إلا بالله.. وتقدرون فتضحك الأقدار…
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة تتخللها ضحكات وهمسات من سوسن وماريا وابتسام التي تقول):
ابتسام: تفضلوا إلى شقتنا المتواضعة…
ماريا: شكراً…
سوسن: أين عاصم يا ابتسام؟
ابتسام: ذهب يفتح صندوق البريد.. انظري إنه قادم ومعه شيء.. لا أدري هل هو خطاب أو برقية؟
(ويصل عاصم وهو يقول):
عاصم: يا إلهي.. يا إلهي.. إنها برقية… يا ابتسام…
ابتسام: افتحها واقرأها وعلمنا…
 
طباعة

تعليق

 القراءات :939  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 43 من 63
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.