شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة - 1 -
(في البادية حيث يختلط صوت (مهباش) القهوة (النجر) بغمغمة وهمهمة تدل على كثرة المجتمعين.. رغاء إبل، وصهيل خيل وغثاء غنم نسمع بعدها صوت الشيخ عامر يقول):
عامر: قهوة.. قهوة..
(يردد الكلمة أكثر من واحد حتى تصل إلى الساقي فيأتي ويدير القهوة.. ونستدل على ذلك من ملامسة فم دلة القهوة للفنجان).
الأول: فرحتنا يا شيخ عامر ما بعدها فرحة وسرورنا ما يدانيه سرور بفوزك بشياخة العشيرة..
الثاني: لقد رفعت رأس العشيرة عالياً فلك التهاني من كل قلوبنا.. ولك الإخلاص من صغيرنا وكبيرنا...
الأول: ليست الرئاسة يا (لاخوة) غريبة ولا جديدة على دار الشيخ عامر فهي فيه وفي آبائه الأماجد من قبله.
الثاني: لقد أعطى القوس باريها.. مبارك يا عامر مبارك..
عامر: اخجلتموني (يا لربع) بمديحكم وأطرائكم.. أنني لم أفز بالرئاسة إلا بمساعدتكم ووقوفكم معي ومساندتكم ومؤازرتكم لي.. فأنتم والله على ما أقول شهيد عدتي في كل بأس وأنتم نعم الأهل والأقارب والصحب.
أصوات: أنت إن شاء الله عند حسن ظنك بنا...
عامر: وكل ما أطلبه منكم هو الدعاء لي بالتوفيق.. وإرشادي وتقويمي إن رأيتم في اعوجاجاً..
أحدهم: ثق يا عامر أننا سنشد أزرك ما دمت مع الحق, وسنكون لك بالمرصاد إن حدت عن جادة الصواب فسر على بركة الله والله معك..
عامر: بارك الله فيكم.. بارك الله فيكم..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها بوق سيارة وأصوات أطفال يتبعون السيارة فيقول أحدهم):
أحدهم: صوت سيارة...
عامر: أنظروا من في السيارة.
أحدهم: ضيوف.. ضيوف..
عامر: يا مرحبا بالضيوف.. يا مرحبا..
(صوت فرملة السيارة واصطفاق أبوابها إيذاناً بنزول من فيها يعقبها أصوات تردد):
أصوات: ضيوف.. ضيوف..
عامر: (يردد) يا مرحبا.. يا مرحبا.. بالضيوف..
(ينزل الضيوف وعددهم اثنان ما عدا السائق فيتلقاهم عامر بالبشر والترحاب فيقول الضيف الأول):
الأول: السلام عليكم..
الحاضرون: وعليكم السلام
الثاني: يمسيكم بالخير..
عامر: حياكم الله.. أهلاً وسهلاً.. يا مرحبا بضيوف الرحمن.
الأول: الله يحييك.. عشت يا شيخ العرب..
(يصفق عامر ويقول):
عامر: قهوة يا ولد.. قهوة..
(تدار القهوة فيقول الضيف الثاني):
الثاني: القهوة العربي ما في أحسن منها..
الأول: يا الله ما أطيبها.. وازكاها..
عامر: فيها الهنا..
(ثم ينادي)
(جوبير).. انحر لضيوفنا.. يا لها ساعة مباركة..
الأول: الله يبارك فيك.
الثاني: لقاؤك الجميل أَنْساناً مشقة السفر ووعورة الطريق فقد تهنا أكثر من مرة ولكن سواقنا كان ماهر.
أحد الحاضرين: الحمد لله على السلامة.
الأول: الله يسلمك.
أحد الحاضرين: ضيوفنا يظهر مشوارهم كان طويلاً والتعب ظاهراً عليهم..
الثاني: مشوارنا من بيروت.
عامر: يا مرحبا بالأهل والأحباب.. نزلتم أهلاً ووطئتم سهلاً. وأرى والرأي لكم إنكم تقومون لترتاحوا من وعثاء السفر ريثما يكون العشاء جاهزاً..
الأول: الضيف أسير المعزّب.. ونحن ضيوفك يا شيخ عامر..
عامر: هيا بنا..
الثاني: ألا نودع الإخوان الحاضرين..
عامر: الأخوان الحاضرون سترونهم مرة ثانية وسيكونون معكم على العشاء..
الأول: حسناً.. حسناً..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت وضحه تقول):
وضحه: ضيوفنا يا أبو خالد من أي البلاد؟..
عامر: من لبنان يا أم خالد...
وضحه: من لبنان.. من لبنان..
عامر: ولماذا تكررين كلمة لبنان..
وضحه: لا شيء.. لا شيء..
عامر: أرى محياك ظللته غمامة من الكآبة بعد أن سمعت بكلمة لبنان..
وضحه: أنسيت؟
عامر: وهل أنسى الحادث الذي ذهب ضحيته ولدنا (مهند) بسوق البقاع بلبنان.. ولكن..
وضحه: ولكن ماذا؟
عامر: ما ذنب ضيوفنا هؤلاء يا وضحه فالجاني قد هرب إلى أمريكا وما يزال بها. يسرح ويمرح..
وضحه: ونحن نتقلب على فراش من الجمر والحسرة والحزن..
عامر: هذه مشيئة الله.. هذا قضاء الله ولا راد لقضائه..
وضحه: رضيت بقضاء الله وقدره.. قل لي..
عامر: ماذا أقول لك؟
وضحه: ألسنا بانتظار خالد هذا المساء؟
عامر: بلى.. بلى..
وضحه: ولكنه تأخر عن موعده..
عامر: الغائب حجته معه..
وضحه: أخشى أن يكون قد حدث لسيارته شيء..
عامر: الطريق صحراويه ولا يستبعد حصول شيء فيها للسيارة لكن سيارة خالد حديد, وقوية وسائقها ماهر.
وضحه: ربنا يكتب له السلامة..
عامر: آمين يا رب.. قولي لي..
وضحه: ماذا تريد؟
عامر: حاجات العشاء الأخرى جاهزة..
وضحه: بالتمام والكمال..
عامر: عدد ضيوفنا كبير هذه الليلة يا أم خالد.. إن شاء الله كل شيء مهيأ على أحسن ما يكون..
وضحه: إن شاء الله.. كن مطمئناً.. ربنا يطمئنا على خالد..
عامر: يا رب.. حسناً سأذهب للقاء الضيوف والمعازيب..
وضحه: الله معك..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت الضيف الأول واسمه هاني يقول):
هاني: ما أحلى لقاء هذا الشيخ يا توفيق..
توفيق: هذه شيم العرب يا هاني..
هاني: هل كنت تحلم أن تنام على مثل هذا الفراش الوثير في هذه الصحراء وبعد تلك الرحلة المزعجة؟
توفيق: لا والله.. ولا كان يخطر على بالي.. ولكنها من نعم الله سبحانه وتعالى..
هاني: يظهر أن الشيخ عامر له مكانة كبيرة في قومه.. بدليل الاحترام الكبير الذي أراهم يحطيونه به..
توفيق: بلى.. بلى يا هاني.. ثم من حسن حظنا أننا أتينا في اليوم الذي عينته الحكومة شيخاً على العشيرة.
هاني: يا له من اتفاق عجيب..
توفيق: والشيء الذي يدعوك للإعجاب بهذا الشيخ واكباره التواضع الذي يتحلى به.. والبشاشة ودماثة الخلق..
هاني: هذه آداب العرب الأصيلة التي اعتقدناها بعد غزو الحضارة الغربية لنا..
توفيق: صدقت.. صدقت.. فالغزو الحضاري قد واكبه القضاء على بعض تقاليدنا وعاداتنا ومثلنا الإنسانية..
هاني: الحديث ذو شجون والقوم بانتظارنا على العشاء.. هيا بنا..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى خفيفة نسمع بعدها صوت عامر يقول):
عامر: يا هلا.. نوم العافية.. عسى إنكم ارتحتم من عناء السفر..
الأول: شكراً يا شيخ عامر.. لقد نمنا نوماً عميقاً..
أحد الحاضرين: هذا دليل على شدة التعب..
الثاني: لقد قابلتنا عاصفة هوجاء ورمال زاحفة في الطريق حتى كادت الرمال تخنقنا..
الأول: ولولا منزلك القريب لكنا في عداد الهالكين..
الجميع: الحمد لله الذي قدر ولطف..
أحد الحاضرين: لعلها أول مرة تجربون فيها سفر الصحراء..
الثاني: أجل يا أخا العرب.. أجل.. إنها أول تجربة لي ولرفيقي..
أحد الحاضرين: عندما تتكرر سفراتكم فستستمرئون حياة الصحراء وتعتادون على تقلباتها..
الأول: لا أعتقد أنّ من اعتاد سكن المدن أن يستمرىء حياة الصحراء..
أحد الحاضرين: ألست عربياً يا أخي؟
الأول: بلى يا أخا العرب بلى..
أحد الحاضرين: ألم تكن هذه الصحراء ديارهم؟..
الأول: أجل.. أجل.. ولكننا نحن أحفادهم نشأنا في المدن وترعرعنا فيها واعتدنا على حياتها وهوائها وطبيعتها..
الثاني: ولذلك فمن المستحيل أن نعود إلى الحياة التي كان يحياها اباؤنا وأجدادنا قبل ألف سنة..
عامر: الحديث طويل والنقاش فيه بلا حدود وأرى أن نغير الموضوع ونتكلم في موضوع آخر..
أحد الحاضرين: بلى.. بلى.. فلنتكلم عن جو الليلة فأني أرى السحب تتجمع وتتلبد والرياح وتزأر..
أحدهم: أنها نذر مطر عاصف أي والله..
الأول: فال الله ولا فالك..
عامر: ربنا يجيب ما فيه الخير..
(يشتد هبوب الريح وزئيرها.. وتظهر أمائر القلق على محيا عامر فيلتفت إليه أحد الضيوف فيقول):
الثاني: أراك قلقاً يا شيخ عامر.. لعلك لا تشكو من شيء..
عامر: لا شيء.. لا شيء..
الأول: ولكن القلق ظاهر عليك بشكل ملحوظ..
أحد الحاضرين: الشيخ عامر ينتظر قدوم ولده خالد هذا المساء ويخشى عليه من هذه السحب المتكاثفة والرياح الشديدة
الجميع: كتب الله له السلامة في الحل والترحال..
(يزداد قلق عامر كلما ازداد زئير الرياح شدة وبينما هو على هذه الحال يدخل عليهم أحد الأتباع وهو يلهث قائلاً):
التابع: رأيت نور سيارة من بعيد يظهر ويختفي مع غبار الرمال..
عامر: إنها سيارة ولدي خالد.. هيا بنا إلى خارج الدار لعلنا نبصرها..
أحد الحاضرين: إن الرياح شديدة والرؤيا متعذرة ومع ذلك هيا بنا..
(يخرجون فتقابلهم الريح بعتوِّها وعندما يلوح نور سيارة خالد يهتف عامر):
عامر: هذا نور سيارة ولدي..
(يشتد فجأة هوج الرياح فتقتلع الخيام ويلتمع البرق ويلعلع الرعد فيهطل المطر بغزارة كأفواه القرب ويسمع صراخ نساء وأطفال ممن اقتلعت خيامهم تجري وضحه وهي تصرخ مثلهم قائلة):
وضحه: ولدي.. ولدي.. ولدي..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :923  التعليقات :0
 

صفحة 1 من 63
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج