شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحنان القاتل
وتصرخ ((سلوى)) بصوت عالٍ:
ـ ماما.. ماما..
وتهرع أمها إليها قائلة:
ـ ايشبك يا بنت…
ـ تعالي.. الكورته هادي…
ـ ايش فيها…
ـ ما ابغاها.. يا ماما.. ما ابغاها…
ـ ليش يا روحي...
ـ موضتها بطلت…
ـ بطلت… ونتي حطيتيها على جلدك وعرقتي فيها…
ـ تبغيني آخذ حمام تركي… شوفي سوسو بنت جارنا تغير كرتها وفساتينها.. شي سواريه.. وشي ماتينيه…
ـ والله عشنا وشفنا وسمعنا.. ماتينيه.. وسواريه.. نسيتي.. يا بنت لغة آبائك وأجدادك…
ـ سوسو ما تتكلم مع مامي وبابي إلاّ بالفرنساوي ولاّ بالإنجليزي.. وتسخر أمها عيشة من كلامها فتقول:
ـ ما شاء الله وكمان مامي وبابي.. ودادي.. وأنكل.. بلاش تقليد سخيف يا بنتي.. قلدوا الغرب في الأصول.. مو في القشور.
ـ بس يا مامي.. هادي موضة الكلام اليوم.. زي موضة الفساتين والبنات كلهم يتكلموا زي كدا.. وأنا ما أبغي أكون متأخرة…
ـ خليكي متأخرة.. أحسن ما تضيعي لغتك وبعدها عاداتك وتقاليدك..
ـ رجعنا إلى تزمتك وتعصبك.. أنا ما ابغي ألبس الكرته هادي إلاّ اليوم فقط لا غير…
ـ عندك فساتين غيرها البسي كل يوم فستان وأهريه بعرق العافيه..
وتتذمر ((سلوى)) من كلام أمها فتقول:
ـ أوف يا مامي.. ايش الكلام (السوفاج).. اهريها واعرقي فيها اتكلمي يا مامي كلا مودرن.. شوفي مامت سوسو كيف تتكلم وقلديها.. وتغضب أمها وترد عليها قائلة:
ـ قطع لسانك.. أنا ما أقلد حد.. أنا أتكلم بلهجة بلدي واللي عاجبو عاجبو واللي مو عاجبوا يشرب البحر..
ـ انتي حرة يا مامي..
ـ ودحين ايش تبغي كمان يا سلوى…
ـ ابغي أفصل فساتيني وكرتي على أحدث الموضات في أوروبا وأمريكا.
ـ وبعدين معاكي يا بنت…
ـ ولا بعيدن ولا قبلين.. ايش تبغي تقولي يا مامي..
ـ أبوكي زي ما أنت عارفه ما يحب الإسراف ولا التبذير..
ـ وتجيب ((سلوى)) تهكم:
ـ تبذير وإسراف هوه أنا طلبت عشرات الكرت والفساتين نسيتي يا ماما..
ـ نسيت ايش…
ـ نسيتي إني بنت شبندر التجار…
وتضرب عيشه على صدرها وتقول:
ـ أبوك شبندر التجار إن شاء الله.. بس ربنا هوه العالم بالحال..
ـ في حاجه صايره مع بابي يا مامي…
ـ ما في إلاّ الخير.. إنتي دحين نسوي لك أشيك فساتين بس ألبسي كرتتك هادا اليوم…
ـ وتقبل ((سلوى)) أمها بجنون:
ـ ماما حبيبتي.. أنت أحسن ماما في الدنيا…
ـ بس رقتي وطيبتي وحناني ستجني عليك في يوم من الأيام…
ويدق جرس التليفون فتهرع ((سلوى)) ترد عليه وهي تقول:
ـ هلو.. مين.. سوسو.. تقولي ايش.. معزومه (بارتي) اليوم وأنا معاكي… طيب أكلم الماما وأرد عليكي.. باي..
وتقول أمها وهي مندهشة.
(بارتي) ايش يا بنت…
ـ يعني حفلة مختلطة.. بنات وشباب…
ـ أعوذ بالله يا مامي.. بس صديقات سوسو.. وصديقاتي.. ايش رأيك…
ـ كدا معلش.. بس ما تتأخري لأنصاف الليالي…
ـ لا.. يا ماما.. إن شاء الله أرجع قبل صلاة العشاء بس خلي أخويا يوسف ما يتحير ويتلهى مع أصحابو ويتركني أرن لليل…
ويدخل يوسف وهو يقول:
ـ سمعتك يا سلوى.. أنا ما عندي سيارة أوصلك بيها..
ـ ليش يا خويا…
وتدهش أمه فتقول:
ـ تقول ما عندك سيارة ونحنا اشترينا لك سيارة قبل سنه..
ـ ما هو منشان كدا ما عندي سيارة..
ـ كيف.. أتكلم عدل وبلاش غمغمة…
ـ لا يا مامي…
ـ بلاش كلمة مامي.. هادي.. قول يا أمي أو ماما…
ـ حاضر يا أمي…
ـ قول ايش بها سيارتك…
ـ أصبحت موديل قديم.. في السوق موديلات جديدة والمعارض مليانه…
ـ بس سيارتك جديدة يا ولدي…
ـ جديدة… عمرها سنة وتقولي جديده…
ـ ليش تبغي تغير كل شهر سيارة…
ـ لا.. بس أنا أبغي سيارة كل ما طلع موديل جديد زي ابن جارنا..
ـ وضروري تقليده.. ليش ما تمد رجلك.. على قد لحافك…
ـ نسيتي يا ماما إنو أبويا شبندر التجار…
ـ الله بالسر عليم يا ولدي..
ـ أنا ما أعرف.. أنا أبغي سيارة آخر موديل…
ـ وأختك..
ـ ايش بها..
ـ ما تبغي توصلها للحفلة وترجعها قبل صلاة العشا…
ـ على شرط..
ـ إيه هوه الشرط…
ـ تكلمي بابا يشتري لي سيارة جديدة…
ـ ماني عارفه ايش ولاّ كيف أقول لو وبأيّ عين وأنت مو فالح في المدرسة…
ـ أعدك يا ماما بأني سأدرس وأجتهد وأعوض ما فات بس خلي بابا يشتري لي سيارة.
ـ وعد عيال أم وعد رجال…
وتتدخل ابنتها سلوى وتقول:
ـ وعد رجال وستات يا ماما…
ـ أنتي تكفليه يا سلوى.
ـ ايوا يا ماما.. موكدا يا يوسف…
ـ (بارول دونير)…
ـ وهادي معناها ايش يا ولدي.
ـ وتجيب ((سلوى)) قائلة:
ـ يعني يقسم بشرفه يا ماما.
ـ شرفك الجديد أم القديم.
ـ هوه في شرف جديد وقديم…
ـ ما هو الشرف هادي الأيام زي الموضة جديدة وقديمة…
ـ طيب وشرف بابا.
ـ حاضر سأكلم بابا…
ـ ويقبل والدته بجنون وهو يقول:
ـ ما فيش زيك أم يا أمي…
وتتنهد الأم وهي تقول:
ـ يا ويلكم من حنان أمكم القاتل…
ـ وتمر الأيام ويفلس شبندر التجار ويموت بسكتة قلبية ويستولي الدائنون على داره وما يملك من أموال منقولات ويبيعونها.. ولسوء حال الولدين يوسف وسلوى المادية ويشفق عليهما أصدقاء والدهما الذين لا يملكون إلا الدعاء. نرى أحدهم وهو الحاج صابر يتحدث إلى صديقه الحاج محمود وهو يقول:
ـ حاج محمود.. انظر…
ـ ماذا أنظر؟…
ـ ذلك الفتى والفتاة…
ـ نظري ضعيف يا حاج صابر ولكن ما شأننا بالفتى والفتاة…
ـ إنهما ولدا صديقنا المرحوم (أبو يوسف) الذي توفي غماً وكمداً أثر إعلان إفلاسه.. ها هما يمشيان على قدميهما إلى المدرسة بعد أن كانا يركبان أفخم السيارات وأحدثها موديلاً…
ـ هذه عواقب الحنان القاتل.. سيارات وحفلات وسهرات وسياحات إلى أوروبا.. إلى … إلى…
ـ هذه هي النتيجة المنتظرة. طالما نصحت أبا يوسف، ولكنه كان يسخر من كلامي ويقول:
ـ عندي فلوس زي الرز..
ـ وماذا عن زوجته…
ـ سمعت أنها تعمل في مشغل خياطة…
ـ سبحان المعز المذل…
انتهت
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1259  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 63 من 63

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج