شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 27 ـ
أبو داس: أمرك سيدي القائد...
ايليوس: وارفع مرتبه أيضاً يا انطونيوس؟...
انطونيوس: أمرك سيدي القائد...
ايليوس: وأنت يا انطونيوس؟..
انطونيوس: سيدي القائد...
ايليوس: لقد عيناك قائداً للقوات البرية والبحرية..
انطونيوس: شكراً لسيدي القائد وأرجو أن أكون عند حسن ظنه وأهلاً لثقته.
ايليوس: متى يتوقع وصول الإمدادات البحرية.
انطونيوس: هذا المساء سيدي القائد أو صباح غد إذا لم تكن الرياح مؤاتية...
ايليوس: أشيروا علي بما يجب أن أفعله بعد وصول الإمدادات البحرية...
انطونيوس: الرأي الأول والأخير لسيدي القائد.
ايليوس: ولكني جمعتكم هنا للتشاور فماذا ترون؟؟.
أبو داس: إذا كان سيدي القائد مصمماً على احتلال عاصمة الحميريين فهذا لا سبيل إليه إلا بإنزال قوات إلى البر لأن عاصمة الحميريين تقع بعيداً عن البحر..
ايليوس: أتريد أن نعود يا أبا داس إلى القتال في البر بعد ما ذقنا منه الأمرين...
سيلاوس: ولكن طبيعة الأرض التي سنسير إليها تختلف عن طبيعة الأرض التي قطعناها...
ايليوس: كيف يا سيلاوس؟...
سيلاوس: الأرض التي قطعناها وتعرضنا فيها إلى ما تعرضنا كانت أرضاً صحراوية... رمال زاحفة وشمس محرقة وماء قليل وعشب معدوم.. أما..
ايليوس: أما ماذا؟
سيلاوس: أما الأرض التي تقع فيها عاصمة الحميريين فأرض جبلية تكسوها الأشجار جيدة التربة والمناخ فلا شمس محرقة ولا رمال زاحفة..
ايليوس: ولكنها جبال وعرة ولا شك يا سيلاوس.. أليس كذلك يا أبا داس؟
أبو داس: بلى سيدي القائد بلى...
ايليوس: إذن كيف تستطيع مركباتها السير فيها...
أبو داس: لا لزوم للمركبات.. ثم..
ايليوس: ثم ماذا يا أبا داس؟..
أبو داس: ثم إنه لم تعد لدى الجيش الروماني أية مركبات.. لقد غرق نصفها في رمال الصحراء والنصف الآخر أكلته المعارك أليس كذلك يا انطونيوس؟..
انطونيوس: بلى.. بلى.. ليست لدينا في الوقت الحاضر أية مركبات صالحة للدخول في المعارك...
ايليوس: إذن فليس عندنا سوى الخيل والبغال...
سيلاوس: والحمير سيدي القائد...
ايليوس: أنركب الحمير يا سيلاوس؟
سيلاوس: سنكون مضطرين لركوبها سيدي القائد لأنها ستكون وسيلة نقلنا الوحيدة في بعض المناطق الجبلية التي سنمر بها...
ايليوس: وإذا سارت قواتنا بمحاذاة الشاطئ لتكون تحت حراسة أسطولنا فهل نضطر إلى ركوب الحمير...
سيلاوس: الحمير من وسائل النقل التي لا غنى عنها في حملتنا هذه..
ايليوس: لقد ذكرتني بحمير اليهود لأنهم لا يركبون غيرها.. أفي بلاد العرب يهود؟..
أبو داس: نعم ولكنهم ليسوا من سكانها الأصليين..
ايليوس: كيف أبا داس؟
أبو داس: لقد لجأوا إلى بلاد العرب عندما أحرق نبوخنتصر ملك بابل هيكل سليمان وسبى من سبى منهم إلى بابل وهرب الباقون إلى بلاد العرب. ثم عندما دخل أدريانوس القائد الروماني إلى أورشليم وأحرقها ودمر أسوارها..
ايليوس: يا ويل بلاد العرب من اليهود.. ما دخلوا بلداً إلا استولوا على اقتصادياته وافقروا أهله وأشاعوا الفرقة والفساد بينهم..
سيلاوس: صدقت سيدي القائد صدقت ولكن...
ايليوس: ولكن ماذا يا سيلاوس؟....
سيلاوس: ولكن اليهود الذين لجأوا إلى بلاد العرب ليسوا من الكثرة بحيث يخشى شرهم...
ايليوس: مهما يكن اليهود من القلة أو الكثرة فإنهم بلاء ما بعده بلاء...
أبو داس: لقد شغلنا سيدي القائد بحديث اليهود....
ايليوس: إذا أوقعت البلاد العربية في قبضة الرومان فسيكون أول عمل لي هو تطهيرها من اليهود والآن.. ماذا ترون...
أبو داس: الرأي لكم سيدي القائد ولانطونيوس فأنتم عسكريون تفهمون بشئون الحروب وفنونها وقد أعطينا رأينا الأول لك.
ايليوس: إن أبا داس يقول صدقاً هات رأيك يا انطونيوس..
انطونيوس: أأقول رأي سيدي القائد أمام أبي داس وسيلاوس..
أبو داس: ليسمح لنا سيدي القائد بالانسحاب فلا بد وأن عند انطونيوس أشياء لا يجب أن يعرف بها غيركما.
ايليوس: أنك في منتهى اللباقة يا أبا داس. لقد أحسن ملك النبطيين حين اختارك ممثلاً شخصياً له...
أبو داس: إطراء أعتز به وأشكر سيدي القائد عليه...
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت شمس زوجة سيلاوس تقول):
شمس: يا مرحبا بمزاحم يا مرحبا.
مزاحم: شكراً لك يا أختاه.
شمس: من أين قدمت.
مزاحم: من يثرب..
شمس: عهدي بك ذهبت بتجارتك إلى تيماء..
مزاحم: تيماء ويثرب ليستا بعيدتين عن بعضهما..
شمس: كيف كانت تجارتك لعلها كانت مجزية...
مزاحم: لا يا أختاه... إن حملة الرومان على بلاد العرب أوجدت نوعاً من الهلع والفزع على قلوب الناس....
شمس: أعندك أخبار جديدة عن هذه الحملة.؟
مزاحم: أخبار الحملة لا تسر يا أختاه...
شمس: كيف يا مزاحم كيف؟
مزاحم: علمت أن الحملة منيت بخسائر جسيمة في جميع المعارك التي خاضتها ضد القبائل العربية وقد علمت أنها تخوض منذ أيام معركة حامية بينها وبين قوات التجمع العربي؟
شمس: أخلقت الحملة الرومانية تجمعاً عربياً... شكراً لك يا رب.. قل لي والتجمع العربي هذا ستكون من أي شيء؟
مزاحم: التجمع العربي مكون من قوات المكيين والحميريين...
شمس: ومن قائد قوات هذا التجمع العربي؟
مزاحم: القائد الحميري ريدان الذي أباد مشاة الأسطول الروماني في معركة وادي الجنادب...
شمس: يا الهي لك الحمد ولك الشكر... وتقول يا مزاحم أنها أخبار سيئة..
مزاحم: نعم سيئة لأني أخشى على والدي أبي داس وصهري سيلاوس أن يقتلا في المعركة المحتدمة حالياً إن لم تكن قد انتهت...
شمس: عندما ذهب والدي وزوجي كإدلاء للحملة الرومانية على أخواتهم وأهلهم العرب ألم يدخلا في حسابهما أن الحرب يوم لك ويوم عليك...
شمس: بلى ولكن كيف أتجرد من عاطفتي نحو والدي وصهري...
شمس: إنهما
مزاحم: أنهما منا يا شمس...
شمس: لا شيء.. لا شيء...
مزاحم: لا شيء.. كيف.. إنك كما يبدو غير مرتاحة لاشتراكهما مع الرومان.
شمس: وهل أنت كعربي راض عن فعلتهما هذه؟
مزاحم: إذا تجردت عن عاطفتي فأني غير راض عن عملهما...
شمس: ألا يعد عملهما خيانة...
مزاحم: وأي خيانة... إنها خيانة لا يكفر عنها إلا الموت.. الموت وبأبشع الوسائل ولكن...
شمس: ولكن ماذا يا مزاحم...
مزاحم: لقد كان إغراء الرومان لهما كبيراً... إنه الملك... إنه التاج تاج العرب..
شمس: بئس.. ملك أسوده وتاج ألبسته. على أشلاء أهلي وقومي...
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت أبي داس يقول):
أبو داس: كيف ترى الأمور يا سيلاوس....؟
سيلاوس: أراها تسير من حسن إلى حسن...
أبو داس: إذا لم يفسدها علينا انطونيوس...
سيلاوس: إن انطونيوس روماني عريق في رومانيته وحقده على العرب يجري في دمه وما يجري في الدم لا يزال إلا بتصفيد الدم...
أبو داس: على كل حال لقد خطونا خطوة علمية في سبيل إقناع ايليوس بإنزال قوات إلى البر...
سيلاوس: ولكني أوقن أن انطونيوس سيغير رأي ايليوس...
أبو داس: لا تيأس يا بني فكم قضى اليأس على كثير من الأعمال الجسام...
سيلاوس: هو ليس يأساً بالمعنى الصحيح لهذه الكلمة ولكني لا أطمئن بل لا ارتاح إلى أي عمل يدخل فيه انطونيوس...
أبو داس: هذا شيء آخر ولكن كثيراً من الناس لا ترتاح إليهم نفسياً غير أن أعمالهم ترغمك على أن ترضى وترتاح إليها...
سيلاوس: إلا أعمال انطونيوس...
أبو داس: إذن فأنت مصاب بعقدة هي انطونيوس.. ويجب مداواتك منها.
سيلاوس: ولكنه داء لا يداوى إلا بالبتر...
أبو داس: ولكن ألا ينفع فيه يا سيلاوس..
سيلاوس: لا يا أبا داس لا..
أبو داس: هيا بنا إلى ايليوس لعلنا نجد عنده الدواء لذلك.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت انطونيوس يقول):
انطونيوس: إن هذين النبطيين أبي داس وسيلاوس هما عربيان؟
ايليوس: بلى يا انطونيوس بلى..
انطونيوس: وإخلاصهما لبلدهما وأهلهما لا شك فوق إخلاصهما لروما وأمبراطورها
ايليوس: هذا صحيح.. ولكن ماذا تعني بكل هذه المقدمة..؟
انطونيوس: أعني أننا يجب أن لا نطمئن إلى هذين العربيين..
ايليوس: ولكن كيف حكمت علي خيانتهما ألديك دليل مادي..؟
انطونيوس: لا ولكن عندي قناعة من مجريات الحوادث.
ايليوس: كيف يا انطونيوس كيف؟...
انطونيوس: منذ غادرنا مصر ونزلنا في الأرض العربية ونحن ما نخرج من نكسة إلا لنسقط بنكسة أخرى ولا نتقي ضربة إلا لنضرب بأشد منها.
ايليوس: ولكن ما دخلهما في كل ما جرى..
انطونيوس: لو كانا مخلصين في عملهما كأدلاء ما وقعنا في كل هذه المآزق؟
ايليوس: ولكن طبيعة البلاد العربية هي السبب في كل ما حدث..
انطونيوس: تكون طبيعة البلاد العربية لها دخل ولكن كان بوسع الدليلين العربيين أن يجنبانا هذه الكوارث.
ايليوس: كيف يستطيعان ذلك يا انطونيوس.. ضع نفسك مكانهما وهات الحل..
انطونيوس: أدل الحملة الرومانية على طريق غير هذه الطريق..
ايليوس: ولكن إذا كانت كما تطرق هي فكيف يتسنى لهما تضعوها...
انطونيوس: مهما يكن لا يصلحان كأدلاء وعلينا ونحن مقبلون على جديدة من القتال أن نفتش على أدلاء غيرهما...
ايليوس: هل لديك أدلاء غيرهما أعني غير أبي داس وسيلاوس؟
انطونيوس: سأفتش وسأعرض الأمر على سيدي القائد.
ايليوس: فتش وليكن أدلاءك من غير العرب فأي عربي هو مخلص لعروبته قبل أن يكون مخلصاً لروما... هذا رأيك أليس كذلك؟..
انطونيوس: بلى سيدي القائد بلى...
مزاحم: شمس تعالي إلي تعالي...
شمس: ما وراءك يا أخي..؟
مزاحم: أخبار خطيرة عن الحملة الرومانية؟
شمس: ما هي يا مزاحم... تكلم وبسرعة...
مزاحم: هزم الرومان في معركة التجمع العربي التي شاء المتحمسون أن يطلقوا عليها. وقتل قائد القوات الرومانية...
شمس: أتعني ايليوس قتل...
مزاحم: لا ماركوس... ماركوس...
شمس: وايليوس...
مزاحم: ايليوس أصيب بسهم وفر بما تبقى من جيشه إلى الأسطول.
شمس: إذن فقد تطهرت أرض بلادي من رجس الرومان المعتدين. حمداً وشكراً لك يا رب....
 
طباعة

تعليق

 القراءات :614  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 27 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.