الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > > الحلقة السابعة عشر

الحلقة ـ 17 ـ

(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت شداد يقول وهو يلهج):

شداد: أعندك علم بآخر الأخبار أيها الأمير..؟

مضاض: لا يا شداد قل فإني أراها أخباراً هامة يضيق بها صدرك.

شداد: أجل أيها الأمير أجل.

مضاض: ما هي قل.. افصح.

شداد: جهز الرومان حملة قوامها عشرة آلاف رجل بقيادة /ايليوس غالوس/ لغزو هذه البلاد ومعهم الأنباط كحلفاء وأدلاء.

مضاض: ايليوس غالوس والي مصر من قبل الرومان

شداد: أجل أيها الأمير.

مضاض: وبهذا العدد الضخم من الجند. ماذا ترى يا شداد؟

شداد: أرى أن ندعو مجلس البلدة للتشاور في الأمر لأنه من الأهمية بمكان كما تعلم أيها الأمير

مضاض: حسناً سأفعل. وليكن في أقرب وقت ممكن..

(ضجيج وهرج ومرج وأصوات تعلو وتنخفض مما يدل على اجتماع هام نسمع بعده صوت سيلاوس سفير الانباط لدى الرومان في مصر يقول):

سيلاوس: الجو ملائم أيها الوالي ايليوس فالرياح الموسمية في صالح سفننا وارتفاع الأمواج سيكون دون معدلها في هذا الفصل من السنة.

ايليوس: من أين حصلت على هذه المعلومات يا سيلاوس..؟

سيلاوس: من رئيس الملاحين في سفننا التي تعمل في بحر القلزم ومن عيوننا في سفن الحميريين.

ايليوس: إذا كانت معلوماتك هذه مستمدة من جواسيسك في سفن الحميريين التي تتسيَّد بحر القلزم فهي معلومات صحيحة لأن الحميريين أصبحوا خبراء موثوقين برياح هذا البحر وأنوائه.

سيلاوس: أجل أيها الوالي أجل

ايليوس: يجب أن يكون بحر القلزم بحيرة للأسطول الروماني كالبحر الأبيض المتوسط وأن يصبح الحميريون عبيداً لنا كما أصبحت دول البحر الأبيض المتوسط.

سيلاوس: بل وقل وبلاد العرب جميعها أيها القائد ايليوس.

ايليوس: عندما تتغلب على الحميريين ستقع البلاد العربية جميعها تحت قبضتنا.

سيلاوس: وسيسجل التاريخ أن الرومان استطاعوا اخضاع البلاد العربية التي لم يستطع الإسكندر الكبير المقدوني اخضاعها.

ايليوس: أجل.. أجل.. ولو أن بلاد الإسكندر المقودني الأصلية تخضع حالياً لحكم القيصر أوغست العظيم.

سيلاوس: الحميريون أذكياء جداً أيها الوالي ولا نعدم أن تكون لهم عيون بين ملاحة سفننا وجنودنا فهل احتاط سيدي القائد لهذا الأمر.

ايليوس: بلى يا سيلاوس فقد أوعزت لمساعدة الإجراءات والاحتياطات اللازمة.

سيلاوس: إن الحميريين بغوا وطغوا ودخلهم الغرور بأنهم سادة الطريق البحرية التجارية كما هم سادة الطريق البرية التجارية.

ايليوس: سيلقنهم الرومان درساً لن ينسوه وسوف ننتزع منهم هذه السيادة كما انتزعناها من دول هي أشد بأساً من الحميريين وقوة.

سيلاوس: لا أدري هل سيدي القائد ايليوس حسب حساب بلدة مكورابا المقدسة لدى العرب.

ايليوس: أتعني البلد الذي يوجد فيه البيت الذي بناه إبراهيم.

سيلاوس: بلى أيها الوالي بلى..

ايليوس: سنهدم البيت الذي بناه إبراهيم بمكورابا كما هدمنا الهيكل الذي بناه حفيده سليمان في أورشليم التي سميناها /ايلياء/

سيلاوس: متى يرى سيدي القائد أن تسير هذه الحملة الموفقة.

ايليوس: إنني بانتظار تعليمات سيدي القيصر أوغست العظيم.

(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مضاض يقول):

مضاض: جمعتكم يا قوم للتشاور في أمر الحملة الرومانية التي يشاع أنها موجهة لضرب الحميريين.

شداد: هذا ما تقوله الشائعات أيها الأمير ولكن هذه الحملة تتخذ من غزو الحميريين ذريعة للاستيلاء على البلاد العربية جميعها.

مضاض: إن هذا الغزو هو امتداد لسياسة الاسكندر الكبير المقدوني الذي كان يحاول اخضاع البلاد لسيطرته والرومان ورثة امبراطوريته.

شداد: صدقت أيها الأمير وعلينا أن نستعد لمواجهة هذا الغزو.

أصوات: بلى أيها الأمير بلى.

شداد: نحن وحدنا لا نستطيع أن نصمد لهذه الحملة الكبيرة فالأخبار تتواتر على أنها مجهزة أحسن تجهيز.

مضاض: ما الرأي إذن.؟

أصوات: الرأي لك أيها الأمير..

مضاض: أرى أن نتعاون مع الحميريين وزعماء القبائل العربية المنتشرين في طريق هذه الحملة على الوقوف ضد هذا الغزو مهما يكن الثمن والتضحيات.

أصوات: رأي سديد.. رأي سديد.

شديد: ويجب الإسراع في الاتصال بالحميريين وزعماء القبائل المعنيين لرسم خطة لمجابهة هذا الغزو وتحطيمه قبل أن يحطمنا.

مضاض: أجل يا شداد أجل ويجب أن يحس العدو بهذه المقاومة منذ اللحظة التي تطأ فيه جيوشه أرض بلادنا ولكن.

شداد: ولكن ماذا أيها الأمير..؟

مضاض: أشد ما يحزنني ويؤلمني أن يتعاون النبطيون مع الرومان ضدنا وهم عرب مثلنا.

شداد: أنهم يصانعون الرومان مخافة أن يبطشوا بهم ولاسيما وقد أصبحوا ضعفاء بعد موت ملك الحارث الثالث الذي امتد ملكه حتى جلق الشام.

مضاض: يتعاونون مع عدوهم ضد أخوانهم أني لا أجد مبرراً لذلك ثم.

شداد: ثم ماذا أيها الأمير..؟

مضاض: ألا يذكرون المثل القائل: ((إنما قتلت يوم قتل الثور الأبيض)).

شداد: هذا صحيح أيها الأمير. لئن قضى علينا الرومان لا قدر الله فسيكون دور النبطيين بعدنا حتماً غير أني أيها الأمير غير متشائم ولا ناقم على اشتراك سيلاوس سفير الانباط لدى الرومان ولا (أبو داس) ممثل ملك الانباط في هذه الحملة.

مضاض: كيف يا شداد لا تنقم على هؤلاء الخونة وهم سيكونون أدلاء الرومان على عورات إخوانهم.

شداد: إن العربي لن يخون أخاه العربي مهما كان العداء بينهما شديداً وإذا سمعت أو قرأت إن عربياً خان عربياً فتش وسترى إن ذلك العربي الخائن ليس عربياً أصيلاً بل في دمه مزيج من دماء أخرى.

مضاض: أنك تحسن الظن بأخوانك العرب كثيراً يا شداد.

شداد: إن حسن ظني. بأخواني العرب لا يصل إلى درجة التعصب ولكن حسن ظني مبني على حقائق وبراهين وأدلة وسترى أيها الأمير أن وجود (سيلاوس) و(أبي داس) النبطيين سيكون من الأسباب الرئيسية لهزيمة هذه الحملة.

مضاض: أراك تتنبأ يا شداد وكأن نفسك تحدثك بإدعاء النبوة.

شداد: لا أيها الأمير وهل لي أن أصل إلى هذه المرتبة أو أسمح لنفسي أن تفكر في مثل ذلك ولكن هذا رأي أرجو أن تحققه الأيام.

(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت (شمس) ابنة أبي داس وزوجة سيلاوس تقول):

شمس: كيف تسول لك نفسك التعاون مع الرومان أعدائنا ضد أخواننا في البلاد العربية أنها خيانة ما سجل التاريخ مثلها.

سيلاوس: أتتهمين زوجك يا شمس بالخيانة وأبوك أبو داس ضالع معي فيها.

شمس: أنه في نظري خائن مثلك وإن كان أبي.

سيلاوس: ولكن الرومان اغدقوا علينا من المال والعطايا ما ترين وما نحلم بأن تراه.

شمس: ولكن الرومان يسخرونكم لارتكاب أبشع جريمة عرفها التاريخ.

سيلاوس: ولكن الرومان وعدونا بملك بلاد العرب إن نحن ساعدناهم في حملتهم.

شمس: متى صدق الرومان في وعودهم: لقد وعدوا كليوبترا ملكة البطالسة بإبقائها على عرش مصر إن هي تخلت عن حليفها وحبيبها القائد الروماني (مارك أنطونيو) وتركته وحده في ميدان المعركة يصارع الرومان فلما انتصر الرومان على أنطونيو تنكروا لكليوبترا وأرادوا الغدر بها فلم تمكنهم وفضلت الانتحار فوضعت أفعى في صدرها فلدغتها فماتت لحينها.

سيلاوس: لا تصدقي يا شمس لقد انتحرت كليوبترا حزناً على حبيبها مارك أنطونيو.

شمس: ولكن لم تركته وحده في المعركة يقاتل الرومان وعادت بجيشها إلى مصر لو كانت تحبه حباً لماتت بجانبه في المعركة.

سيلاوس: لقد وجدت أنه من الحكمة أن لا تزج بجيشها في معركة خاسرة.

شمس: إن انسحاب كليوبترا بجيشها هو السبب في هزيمة مارك أنطونيو في المعركة بعد أن كان النصر بجانبه.

سيلاوس: إنها تستحق هذا المصير.

شمس: أجل.. وهذا مصير الخائنين أليس كذلك يا سيلاوس

(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت ايليوس قائد الحملة يقول):

ايليوس: هل استكملت تجهيزاتك البحرية يا ماركوس..؟

ماركوس: بلى يا سيدي القائد ايليوس كل شيء جاهز بانتظار الأوامر بالإقلاع.

ايليوس: وما هي أخبار الرياح الموسمية لقد علمت أنها ملائمة لتحركات سفننا.

ماركوس: أجل سيدي القائد أجل.

ايليوس: وما هي أخبار الحميريين؟ هل صار عندهم علم بحملتنا هذه.

ماركوس: لا يستبعد سيدي القائد أن تتسرب أخبار حملة كهذه للخارج.

ايليوس: هذا ممكن إنما الذي يجب أن لا يعرف لأي جهة ستتوجه هذه الحملة.

ماركوس: ولكن سفن هذه الحملة تملأ بحر القلزم لا البحر الأبيض المتوسط حتى نستطيع تعمية أخبارها.

ايليوس: على كل حال يجب تعمية أخبارها بأي شكل ممكن.

ماركوس: بالأمر يا سيدي القائد.

ايليوس: ماركوس

ماركوس: سيدي القائد

ايليوس: لم تخبرني عن الحميريين وهل عندهم استعدادات لمواجهة حملتنا هذه ما هي تقارير جواسيسك عنها.

ماركوس: التقارير الأولية تشير إلى أن الحميريين يستعدون لمجابهة حملتنا وأنهم على اتصال بزعماء القبائل التي ستمر حملتنا بها بغية تنسيق الجهود وإنشاء جبهة موحدة تستطيع الدفاع عن بلادها.

ايليوس: ما كنت أظن أن سكان البلاد العربية بهذه الدرجة من الوعي والإدراك والإحساس - بالمسؤولية ولكن سأعطي العرب درساً لن ينسوه أبداً.