شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 16 ـ
(أصوات تعلو وتنخفض مما يدل على اجتماع هام نسمع بعده صوت مضاض يقول):
مضاض: جمعتكم يا قوم للتشاور في الأوضاع الجارية في البلدان المجاورة لنا والتي لها مساس وتأثير على الحركة التجارية بهذا البلد.
شداد: أتراك أيها الأمير تشير إلى الحكم الجديد في اليمن ملك سبأ وذو ريدان.
مضاض: بلى يا شداد بلى.. بماذا تشير على..؟
شداد: أرى أن تظل علاقاتنا معهم كما كانت أيام السبئيين وأن تحافظ على سياسة الحياد التام التي جعلت هذا البلد بمنأى عن كل الهزات والقلاقل التي تعرضت لها الأمم المتاخمة لنا
أصوات: رأي سديد يا شداد.. رأي سديد..
مضاض: لا شك أن المحافظة على أن يكون لهذا البلد قداسته ومكانته في قلوب الناس قد جعلناه نصب أعيننا ونهجنا الذي نسير عليه ولكن.
شداد: ولكن ماذا أيها الأمير..؟
مضاض: لقد ظهرت قوى جديدة في شمالنا وجنوبنا وغربنا وشرقنا والصراع بينها أمر محتوم وأني لأخشى أن نجد أنفسنا في يوم من الأيام مضطرين لتغيير سياستنا الحيادية.
شداد: قد يكون لمخاوفك أيها الأمير أساس من الصحة فحملة اسكندر المقدوني بجيشه اليوناني الضخم على مصر وسوريا وفارس والهند قد غمرت هذه المناطق بعادات ومدنيات جديدة.
أصوات: هات يا شداد من معين معارفك ومعلوماتك.
شداد: إن اختلاط سكان هذه المناطق بالفاتحين الجدد أوجد حركة من العمران والازدهار في ميادين العلوم والتجارة وغيرها من الميادين.
مضاض: كيف يا شداد كيف؟.
شداد: ذلك لأن هؤلاء الفاتحين كانوا أكثر مدنية وعلماً ورقياً من سكان هذه المناطق الذين تأثروا بهذا الفتح واطبعوا بمعطياته.
أصوات: وبعد يا شداد..
شداد: وهلك اسكندر المقدوني واقتسم قواده تركة فتوحاته فاستقل القائد بطليموس بملك مصر وأسس دولة البطالسة فيها واستقل القائد سلوقس بملك سوريا وأسس دولة السلوقيين فيها.
مضاض: نحن هنا يا قوم نعتمد على التجارة اليومية ولكن البطالسة كما تعلمون أعادوا فتح قناة/ سيزو سترس/ وابتدأت بواخرهم تمخر عباب بحر القلزم.
شداد: إذا كان هذا مصدر مخاوفك يا مضاض فأنت على حق ولاسيما وقد اشتهر البطالسة بمعرفتهم بعلم الفلك مضافاً إلى معرفتهم بالرياح الموسمية التي اكتشفها/ هبالوس/ أحد العلماء اليونانيين في حملة اسكندر المقدوني.
مضاض: أنني أخشى من الصراع التجاري بين البطالسة والحميريون/ ملوك سبأ وذي ريدان/ أن يتطور إلى صراع دموي نجد أنفسنا مضطرين للاشتراك فيه.
شداد: إن الصراع التجاري الواقع أيها الأمير هو في صالحنا.
أصوات: كيف يا شداد.. كيف؟..
شداد: سيضطر الحميريون إلى الاحتفاظ بطرق تجارتهم البرية سليمة دائماً لعدم وجود مزاحم لهم فيها بعد أن أنزل البطالسة بواخرهم في بحر القلزم.
مضاض: من يدري فقد يتفق الحميريون والبطالسة لأن نقل البضائع بطريق البحر أضمن وأسرع أما الطريق البرية فكما تعلمون معرضة لهجمات قطاع الطرق وأتاوة شيوخ القبائل التي تمر بها هذه القوافل.
شداد: عندما تتأزم الأمور نأخذ بعين الاعتبار أيها الأمير مصلحة البلد ونسير فيها ورب هذا البيت يحمي هذا البلد من كل سوء والأخبار تدل على أن البطالسة دخلوا في دور الضعف والانحطاط..
أصوات: الرأي لك أيها الأمير الرأي لك.
مضاض: بالرغم من أن نجم البطالسة قد بدأ في الأفول فجانبهم لا يؤمن بل يجب أن تأخذوا بعين الاعتبار أن خلفاء اسكندر المقدوني يتوارثون كرهه للحرب لأن العرب كانوا الأمة الوحيدة التي لم تبعث بسفرائها إلى اسكندر المقدوني الذي كان عازماً على أن يجعل بلاد العرب ضمن امبراطوريته لو لم يفاجئه الأجل.
أصوات: هذا صحيح أيها الأمير. هذا صحيح.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت حزقيال يقول):
حزقيال: أرى بريقاً من الأمل يا أم إسحاق يلوح في سماء اليهود الملبدة بالغيوم الداكنة.
أم إسحاق: إنه خداع نظر أو بريق خلب يا حزقيال.
حزقيال: أبلغ بك التشاؤم إلى هذا الحد. بعد أن استفاد المكابيون من الخلافات التي وقعت بين البطالسة والسلوقيين فاستقلوا بحكم /يهوذا/ مرة ثانية.
أم إسحاق: وما أزال متشائمة..
حزقيال: حتى بعد أن أقام اليهود لهم قوى ومساكن طيبة في يثرب وثيماء وسيطروا على التجارة والقيادة في تلك الجهات.
أم إسحاق: كيف اتفاءل يا حزقيال وذكرى المئة ألف يهودي الذين أسرهم بطليموس وأرسلهم إلى مصر والثمانين ألف يهودي الذين قتلهم أنطوخيوس ملك السلوقيين في ثلاثة أيام تتراقص أمام عيني كيف لا أتشاءم وأغرق في التشاؤم.
حزقيال: قد تكونين على حق في تشاؤمك ولكن ليس إلى هذا الحد من الإغراق فبلاد العرب قد فتحت أبوابها لنا نمرح ونمرح ونعزل ونولي
أم إسحاق: كل هذا إلى حين يا حزقيال وسيصحوا العرب من سباتهم هذا سيحاسبوننا حساباً عسيراً.
حزقيال: دعينا نعيش ليومنا هذا وغداً يخلق ما لا تعلمين فلماذا لا تنتهز أيامنا هذه فتثبت أقدامنا ونبني مستقبلنا في هذه البلاد وعندما يصحوا أهلها يجدوننا أقوياء فلا يستطيعون إلا قبول الأمر الواقع.
أم إسحاق: أنك تتكلم وكأنك واثق من أن اليهود لن تدب بينهم الخلافات وتتنازعهم النحل والأهواء فيأكل بعضهم البعض ويصحوا العرب فيأكلون الجميع.
حزقيال: لا أدري يا أم إسحاق أنني على النقيض مما تشعرين أكاد أرقص من البهجة والإنشراح.
أم إسحاق: إنها رقصة العصفور بعد سكين الذبح.
حزقيال: أجارنا رب موسى من تصوراتك المرعبة وتشاؤمك الفظيع.
(أجراس الدواب ورغاء الإبل نسمع بعدها صوت /ذكوان/ يقول):
ذكوان: هذا الصراع والتنافس التجاري بين البطالسة والحيويين لا أدري إلى متى سيستمر ولمن ستكون الغلبة.
مخرمة: أن هذا التزاحم قد رفع أسعار البضائع الهندية بشكل لا يتناسب مع أجور النقل التي نتقاضاها يا ذكوان.
ذكوان: أنسيت الارتفاع الذي طرأ على البضائع المستوردة من الشمال فاليونان الذين فطروا على التجارة وحذقوا فنون الصناعة قد أوجدوا في بلاد الشام صناعة راقية وإنتاجاً رفيعاً.
مخرمة: بلى يا ذكوان فالبضائع الجميلة الجيدة الصنع الرفيعة الذوق هذه البضائع التي تغمر أسواق تيماء ويثرب ومكة واليمن هي من منتوجات وصناعة المدن العشر التي أنشأها اليونان في بلاد الشام.
ذكوان: لقد مررت ببعضها في رحلاتي الماضية فراعني ما رأيت من تقدم في كل لون من ألوان الحياة فيها يا مخرمه.
مخرمه: إن هذه المدن كانت موجودة قبل إحتلال الإسكندر المقدوني لهذه البلاد ولكن اليونان الذين استوطنوها استطاعوا أن يغيروا كل شيء فيها حتى بدت وكأنها أنشئت من جديد.
ذكوان: إن هذا الارتفاع في الأسعار هو على حساب المستهلك.
مخرمه: ولا يستفيد منه إلا التاجر وأي تاجر أنه التاجر اليهودي الذي أوته بلادنا فسيطر بذكائه وواسع حيلته على التجارة وأصبح عميلاً لكبار التجار المنتجين سواء من اليونان بالشام أو من الحميريين في اليمن.
ذكوان: كانت هناك مساع لولاة مكة لوضع حد لسيطرة اليهود على التجارة في هذه البلاد ولكني لا أجد أثراً ملموساً لهذه المساعي.
مخرمه: أجل يا ذكوان أجل ذلك لأن العرب تمزقهم الخلافات والمنازعات التي استغلها اليهود فوسعوا شقتها وزادوا في أجيجها ولهيبها.
ذكوان: إنها ورب إبراهيم سيطرة إلى حين. وإن المساعي التي يبذلها ولاة مكة لتبصير العرب بأخطار اليهود ستظهر نتائجها في الأيام القادمة.
مخرمه: أرجو أن يمتد بنا العمر حتى نشهد ميلادها يا ذكوان.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مضاض يقول):
مضاض: تتحدث الأنباء عن ظهور عدو جديد للبطالسة والسلوقيين يا شداد فما هي معلوماتك عن هذا العدو الجديد.
شداد: هذا العدو موجود من قبل أيها الأمير. وكان مشغولاً عن هذه المنطقة بثبيت ملكه في بلاده والبلاد المجاورة له. إن هذا العدو هو الرومان الذي بدأ بزحفه على هذه المنطقة.
مضاض: ولكن ما هي الأسباب؟..
شداد: معين الثروة الذي لا ينضب بجذب الطامعين والفاتحين الذين ينتهزون ضعف حكام هذه المنطقة فيسابقون لاحتلالها والاستفادة من خيراتها.
مضاض: وسكانها الأصليين يذهبون تحت سنابك خيل الغزاة والفاتحين.
شداد: أجل أيها الأمير. لقد احتل الرومان بلاد اليونان وقضوا على ملك السلوقيين في سوريا والبطالسة في مصر.
مضاض: وملكتهم كليوبترا قيل أنها وضعت أفعى في صدرها فلدغتها وماتت لحينها.
شداد: أجل أيها الأمير حين رأت إن مساعيها لإغراء قيصر الرومان قد فشلت انتحرت بلدغة الأفعى
مضاض: يا لها من ملكة جبارة أنهت حياتها بهذه الطريقة الغريبة.
أصوات: ما هو موقفنا أيها الأمير من هؤلاء الرومان..؟
مضاض: ماذا ترون أنتم. ماذا ترى يا شداد؟
شداد: الانتظار حتى ينجلي موقف الفاتحين الجدد.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت أم إسحاق تقول):
أم إسحاق: وتقول يا حزقيال لا تيأسي ولا تغرقي في يأسك بالنسبة لمستقبل اليهود فها هو يومي القائد الروماني يقضي على حكم جمعتنا المكابى وينكل باليهود ويدعو أورشليم.
حزقيال: إن هؤلاء الرومان أشد قسوة على اليهود من سبقهم من الأمم.
أم إسحاق: أنهم عسكريون والعساكر قد نزع الله من قلوبهم الشفقة والرحمة وملأها بالبطش والغدر والفتك.
حزقيال: ليت من تبقى من اليهود بعد خراب /أورشليم/ يفيئون إلينا فمقامنا هنا خير.
أم إسحاق: على الأقل يا حزقيال قبل أن يصحو التنين العربي من سباته.
حزقيال: إن العرب غارقون في سبات طويل لا أظنهم يفيقون منه إلا بعد أن نكون قد وطدنا أقدامنا في بلادهم وأصبح لنا من الحقوق فيها مثل ما لهم.
أم إسحاق: لا أعرف في أهلك وأبائك يا حزقيال شاعراً...
حزقيال: لم هذا السؤال يا أم إسحاق..؟
أم إسحاق: أنك مغرق في خيالاتك وتصوراتك كإغراق الشعراء في أوهامهم وخيالاتهم. أيستطيع اليهود أن يجلدوا أقدامهم في هذا الخضم العربي ولا يبتلعهم.
حزقيال: إن غرس الخلف والتفرقة بين العرب هو سلاحنا الفتاك للبقاء بين ظهرانيهم.
أم إسحاق: وإلى متى يظل العرب منقسمين أو مختلفين إلى يوم الدين.
حزقيال: إلى أن يظهر
أم إسحاق: يظهر ماذا..؟
حزقيال: إلى أن يظهر بينهم من أهلهم وعشيرتهم من يوحدهم تحت راية العقيدة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :679  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 16 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج