شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 27 ـ
صفوان: ما مضى فات والمؤمل غيب.. ولك الساعة التي أنت فيها. المهم ماذا يجب أن نفعل والأحداث تتلاحق بسرعة مذهلة.
هند: ليس لها إلا أبا سفيان يا صفوان فإنه يعرف كيف يعالج هذا الموقف المتأزم المنذر بشر مستطير..
صفوان: لقد كسب محمد عبقرية عسكرية فذة بإسلام خالد بن الوليد وداهية من دعاة العرب المشهورين عمرو بن العاص.
هند: ولا شك أن محمداً سيستغلهما للدعوة إلى دينه. من يدري فقد نرى في يوم من الأيام خالد بن الوليد في طليعة المهاجمين لمكة..
صفوان: عجيب هذا الإسلام يا هند.. إن من يدخل فيه لا يتورع عن قتل ابيه أو أخيه في سبيل الدفاع عن عقيدة الإسلام..
هند: أليست معركة بدر أكبر شاهد على ما قلت يا صفوان..
صفوان: بلى يا هند بلى.. قاتل فيها الولد والده والأخ أخاه أو عمه أو ابن عمه.. يا له من مشهد مفجع تفجرت فيه الأحقاد فلا لحمة ولا نسب ولا قربى ولا عصبة إلا أخوة الدين ووحدة العقيدة.
هند: يا لها من روابط متينة ووشائج وثيقة أحكمها دين محمد فجمع الأبيض والأسود والعربي والأعجمي والأمير والحقير كلهم سواسية في شرح هذا الدين لا فضل لأحد على الآخر إلا بالعمل الصالح..
صفوان: ما كنت أحسبك بهذا الاطلاع والإلمام الواسع بالإسلام..
هند: لقد تعلمت ذلك من اختلاطي بعدد من السيدات المسلمات المتفقهات في الدين ومن بعض الموالي المسلمين الذين رفع الإسلام من شأنهم فساوى بينهم وبين الأغنياء والأمراء.
صفوان: بلى لقد رفع الإسلام شأو الموالي درجات على كثير من كبار القرشيين الذين دخلوا حديثاً في الإسلام..
هند: وهكذا أصبحنا تحن أعداء الإسلام نعرف الكثير عنه بسبب الاختلاط الذي أوجده صلح الحديبية ومكّن به الدعوة لمحمد ودين محمد..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت مكرز يقول):
مكرز: أعلمت يا أبا جندل بالنكسة التي أصابت المسلمين. إنها أكثر من نكسة إنها نكبة لمحمد والمسلمين..
سهيل:كيف يا مكرز كيف..
مكرز: لعلّك تذكر أن محمداً بعث رسلاً من قبله برسائل إلى الملوك والأمراء يدعوهم فيها إلى الإسلام..
سهيل:بلى يا مكرز بلى حتى بعث إلى قيصر الروم وكسرى والنجاشي ملك الحبشة..
مكرز: ومن جملة رسله كان الحارث بن عمير الأزدي الذي وجهه إلى أمير بصرى..
سهيل:بلى.. بلى.. وقد قتل من قبل شرحبيل بن عمرو الغساني في مكان يدعى مؤتة..
مكرز: وكما تعلم جرد محمد حملة قوامها ثلاثة آلاف مسلم أمر عليهم زيد بن حارثة وأمره بالتوجه إلى مؤتة للانتقام مممن قتلوا الحارث بن عمير..
سهيل:أذكر هذه الحملة التي سارت قبل مدة ومن جملة أمرائها زيد بن حارثة وجعفر أبي طالب وعبد الله ابن رواحة الأنصاري.. ماذا جرى لها..
مكرز: هزيمة ساحقة ما بعدها هزيمة لحقت بهذه الحملة.. قتل قوادها الثلاثة وكاد جيش المسلمين البالغ ثلاثة آلاف يفنى عن بكرة أبيه ولكن..
سهيل:ولكن ماذا يا مكرز قل وطمني..
مكرز: أخذ الراية خالد بن الوليد..
سهيل:خالد بن الوليد كان من افراد تلك الحملة.. لم أكن أعرف إلى الآن. وبعد..
مكرز: عندما أخذ خالد الراية بعد أن اتفق الناس عليه غير مواقع الجيش وترتيبه وطريقة قتاله وهاجم الروم بينما كان يعد للانسحاب المنظم..
سهيل:يا له من قائد عبقري.. كم كان عدد جيش جيش الروم يا مكرز؟..
مكرز: يربو على المئة ألف كما يقولون..
سهيل:لا نسبة ولا تكافؤ وبعد ماذا جرى للمسلمين؟..
مكرز: إن طريقة الهجوم والانسحاب المنظم جعل قواد الروم يظنون أن للمسلمين قوات كبيرة في الخلف وأن القوات التي اشتبكت معهم إنما هي طلائع فأحجموا عن ملاحقة جيش المسلمين المنسحب. وهكذا نجا المسلمون من الفناء المحقق..
سهيل:لله درك يا خالد.. ما أعظمك. كم كان عدد قتلى المسلمين. لا شك أنه كبير..
مكرز: (يضحك) كم تظن يا أبا جندل؟..
سهيل:نصف جيش المسلمين على الأقل..
مكرز: (يغرق في الضحك) اثنا عشر قتيلاً لا غير يا أبا جندل..
سهيل:لله أنت يا خالد.. لم تلد النساء مثلك..
مكرز: أتدري ماذا سماه محمد..
سهيل:لا يا مكرز.. إن خالد بن الوليد يستحق أعظم الألقاب والأسماء..
مكرز: سماه محمد سيف الله المسلول..
سهيل:صدق محمد.. صدق محمد.. فخالد بعد إسلامه أصبح سيفاً من سيوف الله المسلولة على أعداء الإسلام..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى صاخبة وضجيج وأصوات تعلو وتنخفض نسمع بعدها صوت ماهان قائد الروم يقول):
ماهان: جورجيوس..
جورجيوس: لبيك سيدي القائد..
ماهان: كيف كان قتالكم مع هؤلاء العرب الحفاة العراة..
جورجيوس: حفاة عراة من قال لكم ذلك..
ماهان: هل هؤلاء العرب يختلفون عن غيرهم ممن كنتم تجهلونهم من حدود البادية..
جورجيوس: بلى سيدي القائد بلى..
ماهان: كيف يا جورجيوس..
جورجيوس: وجدنا قوماً يقاتلون في صفوف متراصة منتظمة تمرسوا فنون الحرب والنضال يقاتلون بضراوة وشجاعة غريبة..
ماهان: عجيب وغريب ما تقول ايها القائد.. بم تعلل ذلك..
جورجيوس: إنهم كانوا سيدي القائد يقاتلون عن عقيدة وإيمان.. يسترخصون الموت في سبيلها لأنهم يعتقدون..
ماهان: يعتقدون ماذا؟..
جورجيوس: يعتقدون أن من قتل في سبيل العقيدة شهيد والشهيد مصيره الجنة كما قال لهم نبيهم محمد..
ماهان: محمد.. هذا النبي المزعوم الذي ظهر بالجزيرة ودانت أكثرها له..
جورجيوس: نعم يا سيدي القائد.. إن العرب الذي قاتلناهم في مرتة هم من أصحاب محمد..
ماهان: إذن فقد واجهتهم معركة ضارية ومحاربين اشداء..
جورجيوس: أجل سيدي القائد.. كانوا قلة وكنا على وشك إبادتهم جميعاً ولكن استبسالهم في القتال بالرغم من تساقط قوادهم صرعى في ساحة المعركة هو الذي حال دون ذلك ثم.
ماهان: ثم ماذا يا جورجيوس. لقد شوقتني إلى لقاء هؤلاء الشجعان.. ثم ماذا..؟
جورجيوس: بينما نحن نخطط لتطويقهم وإبادتهم إذا بهم يخرجون بخطة جديدة..
ماهان: ما هي أيها القائد؟..
جورجيوس: هجوم مركز وانسحاب في نفس الوقت..
ماهان: كيف.. هجوم.. وانسحاب.. كيف..
جورجيوس: هجوم بالفرسان يغطي انسحاب المشاة.. على موجات متعاقبة.
ماهان: ألم تستطيعوا إبادة الفرسان المهاجمين؟..
جورجيوس: كانوا يهاجمون بشدة وعندما نركز هجوماً مضاداً ينسحبون فنلاحقهم ثم لا نشعر إلا بموجة أخرى من الفرسان تهاجمنا من مكان آخر وهكذا دواليك بحيث اصبحنا نعتقد أنهم يريدون..
ماهان: يريدون ماذا؟..
جورجيوس: يريدون خداعنا بسحب قواتنا بعيداً عن مراكز تموينها إلى الصحراء حيث لا ماء ولا عشب بل شمس محرقة. ولذلك قررت عدم ملاحقتهم..
ماهان: خيراً ما فعلت يا جورجيوس. لو لحقتهم لدخلوا بك إلى الصحراء ولغرقت أنت ومعك في رمالها المحرقة ولانقضّ عليكم الأعراب من بطن هذه الصحاري..
جورجيوس: على كل أخذوا درساً لا ينسونه من قتالنا وأخذنا نحن درساً من طريقة هؤلاء القوم في القتال وشجاعتهم النادرة..
ماهان: ما سردته علي أيها القائد عن هؤلاء المسلمين جعلني افكر طويلاً في مستقبل امبراطورية الروم بهذه البلاد..
جورجوس: كيف يا سيدي القائد كيف؟..
ماهان: إن سكان بلاد الشام من العرب.. فإذا قدر لمحمد ودين محمد أن يبسط نفوذه ويوطد أقدامه في الجزيرة فسيأتي اليوم الذي تزحف فيه جيوش محمد على هذا الجزء من الإمبراطورية الرومية. وستجد كل عون ومساندة من سكانها العرب..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت هند بنت عتبة تقول):
هند: إذن فقد كان قيصر الروم يتمنى لو خلص إلى محمد ليغسل قدميه. يا لها من قصة لو حدثني غيرك بها يا أبا سفيان ما صدقته..
أبو سفيان: ولقد راجت إشاعة قوية وأنا هناك أن قيصر الروم دعا قومه إلى الدخول في دين محمد ولكنهم هاجوا وماجوا فتدارك القيصر الموقف وقال..
هند: قال ماذا؟..
أبو سفيان: لما آيس من إيمانهم قال لهم.. إني إنما قلت لكم ما قلت لأختبر به شدتكم على دينكم فهدأت ثورتهم وسجدوا له علامة الرضا عما قال..
هند: ألهذا الحد بلغت قوة ودين محمد حتى راود قيصر الروم قومه على اعتناقه.
أبو سفيان: هذا ما كان يتردد على الألسن في المنتديات والمجتمعات وفي الدكاكين والحوانيت.
هند: ألا ترى معي يا أبا سفيان أن انكسار جيش محمد في مؤتة وقتل قواده الثلاثة في المعركة سيكون له رد فعل بين قبائل الجزيرة وعند الروم في بلاد الشام..
أبو سفيان: لم ينهزم يا هند جيش محمد ولم ينكسر بل انسحب بانتظام كان مثار إعجاب قواد الروم كما تردد على أفواه القادمين من جهات الشام..
هند: الفضل في الحقيقة للقائد المخزومي الذي كسبه محمد في غيابك بالشام لقد أضر بنا غيابك كثيراً يا أبا سفيان.. صبأ عمرو بن العاص ولحقه خالد بن الوليد - ودخل كثيرون من الرجال والنساء في دين محمد..
أبو سفيان: هذه هي النتائج الحتمية لصلح الحديبية يا هند.. أعطينا بها فرصة ذهبية لمحمد وأصحاب محمد يسرحون ويمرحون ويبشرون بدينهم ويمكنون له بين الناس.
هند: خطيئة لا تغتفر لكم أيها القرشيين. ألا يمكن معالجة هذا الوضع المتدهور..
أبو سفيان: لقد استشرى الداء واستحال الدواء وعلينا أن نحافظ على بنود هذا الصلح حتى يحدث ما لم يكن بالحسبان..
هند: حتى يحدث ما لم يكن بالحسبان.. هل هذا هو الحل لوضع قريش السيىء يا قائد قريش وزعيمها..
أبو سفيان: أتسخرين مني يا هند؟..
هند: لا، ولكني أسخر من كلامك. أتصبر على هذه الحال حتى تتهيأ الفرصة لمحمد فيغزونا ويدخل مكة عنوة..
أبو سفيان: قلت لك من قبل وربما قالها لك غيري يا هند.. ليس من صالح محمد أن ينقض صلح الحديبية كما أنه لم يعرف عنه أنه نقض عهداً أو وعد وأخلف..
هند: ولكن قريشاً يجب أن تفكر جدياً في التحلل من صلح الحديبية وما جره علينا من ويلات..
أبو سفيان: إن الوضع الذي تتردى فيه قريش حالياً لا يسمح لها بأي حال من الأحوال أن تتحلل من هذا الصلح قبل أن تتهيأ لنا الأسباب لانتشالها مما هي فيه.
هند: إذن فليل قريش طويل ولم يطلع صباحه إلا على أصوات شباب محمد يدخلون مكة مهللين مكبرين..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت مكرز بن حفص يقول):
مكرز: وعاد ابو سفيان وكله ألسنة تلهج بالحديث عن محمد وما يقوله الناس. عن محمد في بلاد الشام وكيف أن الروم يخشونه ويحسبون له ألف حساب..
سهيل:أتعني أن أبا سفيان أصبح داعية لمحمد ودين محمد..
مكرز: هذا ما يشهد به لسان أبي سفيان عليه..
سهيل:ألا ترى أن ما يقوله أبو سفيان لا يعدو الحقيقة..
مكرز: هل أصبح أبو سفيان والقرشيون دعاة لمحمد ودين محمد.. إذا سلكوا هذا الطريق فإنه أكرم وأشرف أن يدخلوا في الدين الذي بدؤوا يحملون الدعوة له.
سهيل:ما بك اليوم يا مكرز ثائر على أبي سفيان. ألا تحمد الله على عودته حتى يقود السفينة إلى شاطىء الأمان..
مكرز: وهل بقيت لنا سفن يا أبا جندل لقد حطمها أبو سفيان على صخور فشله المتواصل..
سهيل:لا تتشاءم يا مكرز.. فليس شيء أضر من التشاؤم على من يريدون الإصلاح.. فأبو سفيان لن يستطيع العمل إلا بمؤازرتك وموأزرة كل قرشي فها نحن نؤازر أبا سفيان..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :652  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 27 من 58
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج