شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 21 ـ
أبو جندل: حسوهم يا قوم بسيوفكم.. إنهم مشركون.. انتقموا لتعذيبكم وتشريدكم..
(أصوات سقوط قتلى وأنين جرحى تختلط بموسيقى صاخبة يعقبها سكون مطبق نسمع بعده صوت أبي بصير يقول):
أبو بصير: الحمد لله.. انتصرنا.. والحمد لله..
أبو جندل: وقد جند لنا جميع حراس القافلة يا أبا بصير..
أبو بصير: القافلة زاخرة بالمؤن والبضائع الشامية والرومية..
أبو جندل: كنت أفكر في مصير إخواني المسلمين السبعين فإذا الله سبحانه وتعالى يهيء لنا ولهم أسباب الحياة.
أبو بصير: وعلى الله فليتوكل المؤمنون.. لقد توكلنا عليه عندما هاجرنا فراراً بديننا فكانت هذه الخيرات جزاءً وفاقاً..
أبو جندل: إنني بالرغم مما لاقيته من تعذيب من والدي سهيل بن عمرو ما أزال أدعو الله في جميع صلواتي أن يهديه للإسلام..
أبو بصير: إنني أعرف عن والدي أكثر منك يا أبا جندل.. إنه يمجد الإسلام في قرارة نفسه بالرغم مما يظهر من تشدد ضده..
أبو جندل: ولكن لم كل هذا التشدد من والدي يا أبا بصير؟..
أبو بصير: إنه يخشى ألسنة مشركي قريش العتاة..
أبو جندل: أتعني أبا سفيان وصفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل..
أبو بصير: بلى يا أبا جندل بلى.. ولا تنسى هند بنت عتبة زعيمة المشركين والمشركات..
أبو جندل: أخشى أن يدرك والدي الموت وهو مشرك..
أبو بصير: الأعمار بيد الله ولكن ثق يا أبا جندل أن والدك إذا أسلم فسيكون مثلاً بين المسلمين في صلاحه وتقواه..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت هند بنت عتبة تقول):
هند: والتقى أبو جندل بأبي بصير وكونا عصابة للسطو على القوافل التجارية..
أبو سفيان: ما كنا نخشاه وقعنا فيه يا هند والحبل على الجرار كما يقولون..
هند: ولكن..
أبو سفيان: ولكن ماذا يا هند؟..
هند: ألا تستطيع قريش إرسال حملة لتأديب هؤلاء العصاة وسمعتهم قبل أن يستفحل خطرهم..
أبو سفيان: بكل تأكيد تستطيع قريش أن تقضي على هذه العصابة لولا أنها تخشى أن يؤدي ذلك إلى صراع مع محمد..
هند: أنترك هؤلاء العصاة يسطون على قوافلنا التجارية ويهددون بتدمير اقتصادنا..
أبو سفيان: لا يا هند لا.. ولكن هؤلاء العصاة لم يقوموا بعد بأي سطو مسلح..
هند: أننتظرهم حتى يسطو على قوافلنا ويتذوقوا طعم النهب والسلب وعندها يصعب الرتق على الراقع..
أبو سفيان: أرى قبل القيام بأية حملة تأديبية أن نوعز إلى أولياء هؤلاء المسلمين العصاة أن يذهبوا إلى أقربائهم ويحاولوا إقناعهم بالعودة إلى مكة..
هند: أأنت جاد فيما تقول يا أبا سفيان أم تراك تهزل؟..
أبو سفيان: بل جاد كل الجد يا هند فيما أقول..
هند: والله إن ذهب أولياء هؤلاء العصاة إليهم لاستردادهم لقتلوهم وما قضية قتل أبي بصير لمن ارسله أولياؤه عنا ببعيد..
أبو سفيان: الحقيقة موضوع هؤلاء العصاة صعب وشائك ويحتاج إلى محاولات لمعالجته بطرق سلمية قبل اللجوء إلى العلاج المسلح..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سهيل بن عمرو يقول):
سهيل:ما بك يا مكرز؟ لست كعادتك.. أراك مطرقاً ساهماً ومسحة من الكآبة ترين على محياك..
مكرز: لا شيء يا أبا يزيد..
سهيل:لا شيء وفي وجهك أشياء..
مكرز: أجل يا أبا يزيد.. أجل.. لدي أشياء ولكنها لا تسرك أنت بصورة خاصة..
سهيل:لعلّها عن أبي جندل.. هل حدث له أو منه شيء؟..
مكرز: لم يحدث له شيء.. إنما حدثت منه أشياء فظيعة جداً.. جداً..
سهيل:أشياء فظيعة جداً.. ما هي يا مكرز.. لقد شغلت بالي..
مكرز: أبو جندل، وأبو بصير.. ومدافعهم من المسلمين والأعراب والمتشردين قاموا بسطو على قافلة لقريش فيها تجارة كبيرة لصفوان بن أمية..
سهيل:يا لها من أخبار مزعجة مكدرة.. ولكن..
مكرز: ولكن ماذا؟
سهيل:ألم يتمكن حراس القافلة من جند المعتدين؟..
مكرز: كانوا من الكثرة بحيث أبادوا حراس القافلة عن بكرة أبيهم..
سهيل:ابلغ جمع المسلمين هناك إلى هذا الحد من الكثرة؟..
مكرز: ليسوا جميعهم من المسلمين بل معهم عدد لا بأس من الأعراب وقطاع الطرق والفاتكين..
سهيل:المسألة خطيرة يا مكرز بحيث تحتم اجتماع قادة قريش وزعمائها لوضع حد لها.. وإلا قضي على تجارة قريش نهائياً..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت ابي بصير يقول):
أبو بصير: لا يمكنك أن تتصور يا أبا جندل مبلغ سروري بالاستيلاء على هذه القافلة بالذات..
أبو جندل: ولماذا هذه القافلة بالذات يا أبا بصير..
أبو بصير: ذلك لأن لصفوان بن أمية فيها تجارة كبيرة ولا شك أنه الآن يحترق كمداً وغيظاً وحسرة على ضياع أمواله؟؟
أبو جندل: ما رأيت أحداً في جشع صفوان بن أمية وحبه للمال..
أبو بصير: وبخله وشحّه..
أبو جندل: صدقت يا أبا بصير صدقت ما سمعت في حياتي أنه قام بعمل خيري أو أعان منكوباً أو واسى بائساً..
أبو بصير: وما رأيت أشد سطواً على أموال صفوان مثل أبي سفيان..
أبو جندل: بلى يا أبا بصير بلى.. إن لأبي سفيان سحراً خاصاً على صفوان..
أبو بصير: وهند بنت عتبة الأخرى لها سلطان كبير على صفوان لا يقل عن سلطان..
أبو جندل: إذا أظهر صفوان هذا التساهل في أمواله مع أبي سفيان أو هند بنت عتبة فذلك لأنه يستغل صلاته بهما فيجني من الأرباح أضعاف ما يعطى لهما..
أبو بصير: هذا صحيح.. ولكن حالة الألم المحض التي سيعشيها صفوان حينما بلغه النبأ هي مبعث سروري يا أبا جندل..
أبو جندل: كلنا نتشفى فيه يا ليته يصاب بنكبات مادية أكبر وأكثر مما اصيب به في هذه القافلة..
أبو بصير: إنه عدو لدود للإسلام والمسلمين.. كما لاقيت من التعذيب على يديه ويدي شياطينه حين بلغه إسلامي..
أبو جندل: كثير من المسلمين الذي جاءوا معي هربوا فراراً من بطش صفوان بن أمية وأعوانه بهم.. إن عدو الله لا يبخل بصرف الأموال في سبيل تعذيب المسلمين حتى الموت..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة ووقع أقدام تمشي بعنف في الغرفة هي أقدام هند بنت عتبة كانت تتكلم وهي محتدة:
هند: لا يا أبا سفيان.. لا.. لم يعد في قوس الصبر منزع.. لقد وقعت الواقعة وسطا أبو بصير وأبو جندل ومن معهما من المسلمين والأعراب على قافلة لقريش..
أبو سفيان: وفي القافلة أموال وتجارة كبيرة لصفوان بن أمية.. إن خسارته فظيعة فظيعة جداً يا هند..
هند: ولهذا فهو طريح الفراش من جراء الصدمة..
أبو سفيان: إنها صدمة وأية صدمة ولكن مال صفوان لا يحصى ولا يعد.. وسيعوض خسارته من تجارته في جهات أخرى..
هند: ولكن الخسارة خسارة مهما عوضها المرء من تجارته الأخرى فإنه لا يستطيع أن يعوّض أتعابه الجسدية والفكرية.. ثم..
أبو سفيان: ثم ماذا يا هند؟..
هند: ثم إن هذا الحادث فتح باباً على قريش إذا لم تسده بسرعة وبضربة قاصمة فتجارتها ستكون مهددة بالانهيار..
أبو سفيان: بلى يا هند بلى.. وقد أصبحت معالجة هذا الوضع الخطير ضرورة ملحة..
هند: ولكن ما هي سبيل المعالجة؟..
أبو سفيان: لا يمكن القيام بأية معالجة جدية من دون التعاون مع محمد..
هند: كيف يا أبا سفيان.. ألا تستطيع قريش معالجة الأمر من دون الاستعانة بمحمد..
أبو سفيان: إن أكثرية العصاة هم من المسلمين ولا أحد له سلطان عليهم غير محمد.. إنهم لا يخضعون إلا له.. إن كلمة واحدة من محمد تضع الأمور جميعها في نصابها..
هند: وتريد قريش أن تقاوم محمداً وهي لا تستطيع سحق عصابة من المسلمين لا يزيد عددها على الثلاثمائة مسلم.. إلا فلتستسلم قريش لمحمد وتذعن له وتدخل في دينه فهو أشرف لها..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مكرز بن حفص يقول):
مكرز: لقد اجتمعتم يا قادة قريش ما الذي تمخض عنه اجتماعكم..
سهيل:قررنا أن نلجأ إلى محمد في هذه الأمر..
مكرز: تلجؤون إلى محمد يا قادة قريش وزعماؤها..
سهيل:بلى يا مكرز بلى.. وأي ضير علينا في هذا؟..
مكرز: أتعجز قريش عن القضاء على شرذمة من المسلمين؟..
سهيل:إنهم عصابة يتنقلون من مكان إلى آخر ومطاردتهم قد تضطرنا إلى الدخول في حرب مع محمد..
مكرز: (متهكماً).. وقريش غير مستعدة لقتال محمد.. لقد خدرها صلح الحديبية وأمات فيها كل نخوة وحمية..
سهيل:(محتداً) لا تقل هذا يا رجل.. إنك تهين قادة قريش وأنا منهم..
مكرز: ولكن قادة قريش ارتضوا هذه الإهانة حين قرروا الالتجاء إلى محمد..
سهيل:لا سبيل للتفاهم معك يا مكرز فأنت تتكلم بعواطفك لا بقلبك..
مكرز: بل بالإثنين معاً يا أبا يزيد..
سهيل:محمد تهمه سلامة طريق القوافل التجارية كما تهمنا..
مكرز: ولكن اعتداء المسلمين واقع على قوافل قريش وحدها.
سهيل:إن المعتدين خليط من المسلمين من الأعراب.. فإذا انفتح هذا الباب فسينتهز الأعراب وقطاع الطرق الفرصة لسلب قوافل المسلمين التجارية أيضاً..
مكرز: ولكن محمداً يستطيع البطش بالمعتدين..
سهيل:لا يستطيع محمد وحده القيام بهذه المهمة بدون مساندة منا له كما لا نستطيع نحن إلا بمساندته.. أفهمت يا مكرز؟..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت أبي جندل يقول):
أبو جندل: ما الذي أصابك يا أخي.. لقد هدك المرض وبراك السقم..
أبو بصير: هذا المرض من رواسب أيام التعذيب التي قاسيناها من قريش..
أبو جندل: أريد أن أذهب بك إلى المدينة لأداويك عند أحد أطبائها..
أبو بصير: ولكن لا أستطيع السفر.. لقد هدني المرض يا أبا جندل..
أبو جندل: لا حول ولا قوة إلا بالله.. تمرض يا أبا بصير في الوقت الذي نحن بأشد الحاجة إليك..
أبو بصير: لا أحد منا بحاجة الآخر يا أبا جندل بل كلنا بحاجة إلى رحمة الله وعونه وتوفيقه.. إن أيامي قصيرة يا أبا جندل.. والموت حق فإذا قضيت فاحمل راية الجهاد عني..
أبو جندل: أنت بخير يا أبا بصير.. بخير إن شاء الله..
أبو بصير: أرى رسولاً من المسلمين في طريقه إلينا..
أبو جندل: أجل.. يا أبا بصير.. أجل..
الرسول: السلام عليكم..
أبو بصير وأبو جندل: وعليك السلام..
الرسول: هذا كتاب إليك يا أبا بصير من النبي صلَّى الله عليه وسلم أأقرؤه عليكما أم أخبركما بمضمونه..
أبو جندل: قل مضمونه فكلانا نجهل القراءة..
الرسول: إن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يأمركما بأن تقدما عليه بالمدينة وأن يلحق من معكم من المسلمين ببلادهم وأهليهم ولا يتعرضوا لأحد مر بهم من قريش ولا لغيرهم..
أبو بصير وأبو جندل: السمع والطاعة لأمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلم..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :594  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 21 من 58
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج