الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > > الحلقة السادسة

الحلقة ـ 6 ـ

شاس: إنني أصبحت في حالة يأس يا بن أُبي.. كلما قمنا بعمل ضد محمد أحبطه قبل وقوعه مما يؤيد ما سبق أن قلت لك عنه..

ابن أبي: ما هو يا شاس؟ إني أكاد لا أتذكر..

شاس: قلت لك إن محمد بن عبد الله لا شك عندي أنه نبي كموسى وعيسى..

ابن أبي: الآن تذكرت.. تذكرت.. ولو سلمنا أنه نبي كما تقول أترغب الدخول في ملته يا شاس؟..

شاس: عدنا إلى حديثك الأول.. أتود أن تثير الخلاف بيننا. محمد نبي ولكننا نحن اليهود نبغض هذا النبي ونكرهه وسنقاومه ما بقي فينا أحد على قيد الحياة.. أسرك هذا يا ابن أُبي؟

ابن أبي: وأي سرور يا شاس.. لقد أفعمت قلبي سروراً وحبوراً بما قلت..

شاس: والآن ما هي خططك للمستقبل يا بن أُبي؟

ابن أبي: هذه أسرار ولا يمكن أن أبوح بها قبل أن تنفذ.. المهم نحن وإياكم متفقون على حرب محمد حرباً لا هوادة فيها..

(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مكرز بن حفص يقول):

مكرز: يا لهند بنت عتبة يا سهيل.. لقد أوتيت عقلية جبارة..

سهيل:وذكاء لمّاحاً وخارقاً يا مكرز.. تصور أقنعت زوجتي وابنتي وأم زوج عكرمة بن أبي جهل وفاطمة بنت الوليد زوج الحارث بن هشام.. وربطة بنت منبه زوج عمرو بن العاص وأخيراً وليس آخراً برزة بنت مسعود زوج صفوان بن أمية..

مكرز: قدرة عجيبة لهند هذه يا سهيل.. كل من ذكرت قد لا أستغرب أن يشتركوا بأزواجهم إما أن يخرج صفوان بن أمية بزوجه فهذا ما لا يخطر لي على بال بل أكاد لا أصدق لو لم أره بأم عيني..

سهيل:إنها واحدة من قدرات هند بنت عتبة الخارقة.. لقد شغلتنا بأخبار هند بنت عتبة عن أخبار محمد..

مكرز: هل لديك جديد عنها يا سهيل؟

سهيل:الشيء الذي يسترعي الانتباه يا مكرز هو..

مكرز: هو ماذا يا سهيل؟..

سهيل:هو خروج محمد إلى صحراء الأسد بالرجال الذين حضروا معركة أُحد ولا أحد غيرهم.. وبينهم من كانت جراحه ما تزال تنزف..

مكرز: إنه تجلد هائل يضرب به محمد المثل وليدخل في روعنا إن هزيمة أحد لم توهن المسلمين ولم تفت في عضدهم..

سهيل:وإن محمداً والذي نفسي بيده ما يزال قوياً وسوف يرأب الصدع الذي ألمّ بقواته في أسرع وقت..

مكرز: ألا تشعر معي يا سهيل أن أبا سفيان أضاع فرصة العمر حين لم يهاجم المدينة عقب انصرافه من أحد..

سهيل:لو كنت على علم بما لدى محمد من قوة احتياطية لأعطيتك رأي.. أمَّا وأني أجهل ذلك فلا أستطيع أن أخطأ يا سفيان ولا سيما وأن محمداً تمكن من لم شعث جيشه المبعثر في سرعة مذهلة..

مكرز: إنها قدرة عجيبة لمحمد تدل على قيادة بارعة ومعرفة واسعة بوسائل التغطية.. أما كيف أوتي محمد هذا فهذا أعجب العجب.

سهيل:ولذلك تراني غير مستطيع أن أتجاوب مع شعورك بالخطأ الذي ارتكبه أبو سفيان حتى أضاع تلك الفرصة الذهبية كما تقول..

(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت أم اسحق تقول):

أم اسحق: أراك تجهر بعدائك للمسلمين يا شاس وإني بت أخشى عليك أن تلقى مصرعك كما لقي كعب بن الأشرف..

شاس: صدقيني يا أم اسحق إني لا أستطيع ضبط أعصابي حين أدخل في حديث عن المسلمين..

أم اسحق: ولكن ذلك ليس من الحكمة كما يدل على أنك من الناس الذين لا يركن إليهم في القيام بأية مهمة خطيرة طالما أن ما في قلبك يجري به لسانك.

شاس: بلى يا أم اسحق بلى لا سيما ونحن نخوض مع المسلمين معركة حياة أو موت..

أم اسحق: وأنت بطريقتك هذه تعجل بقومك إلى الهلاك والدمار..

شاس: في الحقيقة يا أم اسحق لعلّ ما يثيرني بالدرجة الأولى هو أننا كلما وضعنا خطة ضد محمد بعد درس وتمحيص جاء محمد فأفسدها في لمحة بصر..

أم اسحق: سمعتك تتحدث بأن محمداً من الأنبياء ومن أولي العزم كموسى وعيسى فهل تظهر أن مقاومته من السهولة بمكان..

شاس: لا ورب موسى يا أم اسحق ثم إن محمداً هذا يمتاز عنهم فلم أعرف فيما قرأت أو سمعت نبياً أوتي من العزم وبعد النظر وسعة العلم والأفق كما أوتي محمد..

أم اسحق: ومع كل ذلك فأنت لا تضع في موازينك هذه المعلومات بل تطلق لحقدك وبغضك وكرهك لمحمد وأصحاب محمد العنان وتنسى في غمرة هذه الكراهية كل هذه الاعتبارات..

شاس: لعلّك على حق يا أم اسحق أو لعلّي أسعى إلى حتفي بظلفي فالحق بصفوة من بني قومي سبقوني إلى هذا المصير..

أم اسحق: يجب أن تغير سياستك ومنهجك يا شاس وإلا تعرضت لمصير من سبقوك من بني قومك كما تقول..

(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت داعس يقول):

داعس: رهط من عضل والقارة يريدون مقابلتك يا بن أُبي.. إني لأول مرة أسمع بهذا الاسم..

ابن أبي: إنهما قبيلتان من الهون بن خزيمة بن مدركة.. أدخلهم في الحال يا داعس.

داعس: أدخلوا يا قوم..

(نسمع وقع أقدامهم وهمساتهم وأخيراً نسمع صوت ابن أُبي يقول):

ابن أبي: يا مرحبا.. يا مرحبا.. نزلتم أهلاً وحللتم سهلاً..

عامر: عمرت دارك يا بن أُبي وصفت أيامك وأضاءت لياليك..

ابن أبي: أأنت من عضل أم القارة يا عامر..

عامر: إنني من عضل ورفيقي الطفيل من القارة..

ابن أبي: هل نجحتما في تنفيذ ما اتفقنا عليه..

عامر: أتستطيع التكلم على انفراد؟

ابن أبي: قولا فليس هنا ما تخشيانه..

عامر: جئنا محمداً كما علمتنا ادعينا بأننا بحاجة إلى نفر من أصحابك يفقهوننا في الدين ويقرئوننا القرآن ويعلموننا شرائع الإسلام..

ابن أبي: هل استجاب محمد إلى طلبكم؟..

عامر: بلى يا بن أبي وقد بعث معنا ستة من أصحابه..

ابن أبي: أتعرفون أسماءهم؟..

عامر: نعم.. هم.. مرثد بن أبي مرثد، خالد بن البكير، عاصم بن ثابت، خُبيب بن عدي، زيد بن الدَّثينة وعبد الله بن طارق..

ابن أبي: إنهم من خيرة أصحاب محمد ومن القراء والمتفقهين في الدين.. ماذا تنوون أن تصنعوا بهم..؟

عامر: يسمعنا أحد يا ابن أُبي؟..

ابن أبي: قولا فالطريق أمان.. وسركما في قرار مكين..

عامر: لقد عزمنا يا بن أُبي على أننا إذا وصلنا على الرُّجيع..

ابن أبي: وما هذا الرجيع؟..

عامر: ماء لهذيل بناحية الحجاز على صدور الهدأَةِ… إذا وصلنا بهم إلى هذا الماء غدرنا بهم واستصرخنا عليهم قبيلة هذيل فقتلوهم شر قتلة..

ابن أبي: خطة حكيمة وتخطيط سليم.. أسرعا في التنفيذ وسيدفع لكما (داعس) المبلغ الذي اتفقنا عليه.. قم يا داعس وأدفع لهما..

عامر: سترى يا زعيم يثرب إننا عند حسن ظنك..

ابن أبي: وسيعلم محمد أن ابن أُبي يعرف كيف يثأر لكرامته المهدرة..

(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت مكرز بن حفص يقول):

مكرز: ألا تنوي يا سهيل أن تذهب إلى التنعيم لتشهد مقتل الأسيرين المسلمين؟..

سهيل:أتعني الأسيرين اللذين بقيا أحياءً من السرية التي غدر بها رهط من عضل والقارة..

مكرز: بلى يا سهيل بلى.. وهما زيد بن الدًّثينة وخُبيب بن عدي..

سهيل:وماذا في ازهاق روحين مشهد يا مكرز..

مكرز: علمت أن أبا سفيان سيشهد صلب هذين الأسيرين..

سهيل:لعلّ أبا سفيان يروقه منظر الدماء المهراقة وخاصة إذا كانت من المسلمين..

مكرز: وصفوان بن أمية وغيره من زعماء قريش سيشهدون الصلب..

سهيل:صفوان بن أمية يريد أن يشفي غليله بمرأى زيد بن الدثينة الذي اشتراه ليقتله بأبيه أمية بن خلف.. أما أنا فليس لي ظمأ إلى منظر الدماء المهراقة غدراً وظلماً..

مكرز: ولكنه منظر لأعدائك يا سهيل ألا تود مشاهدته؟..

سهيل:لا يا أخي.. بورك لك في هذا المشهد.. فاذهب وأشبع رغبتك الصادية بمرأى الدماء المنسابة والأرواح المزهقة على أعداء الغل والحقد..

مكرز: أراني بدأت أميل معك يا سهيل في عدم الذهاب إلى المجزرة ولكن..

سهيل:ولكن ماذا يا مكرز؟

مكرز: ألا ترى أن هذا الغدر بهذه السرية المحمدية كان بناءً على تدبير محكم إذ لا يمكنني أن أتصور أن رهطاً من عضل والقارة تخطر على بالهم هذه الخطة الجهنمية..

سهيل:المدينة تزخر بأعداء المسلمين من اليهود وجماعته عبد الله بن أُبي بن سلول..

مكرز: مع أن عدد سرية المسلمين لا يزيد على الستة إلا أن خسارة المسلمين كانت فادحة جداً يا سهيل فقد علمت أن هؤلاء المسلمين الستة كانوا من خيرة القراء من أصحاب محمد..

(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت شاس يقول):

شاس: يا لها خطة محكمة تلك التي دبرها عبد الله بن أُبي..

أم اسحق: إن هلاك ستة أشخاص لا ينقص الطاقات الهائلة التي تزخر بها قوة محمد من الرجال..

شاس: ولكن هؤلاء الرجال الستة صفوة ممتازة من رجال محمد الشجعان.

أم اسحق: صحيح.. يا شاس.. ولكن محمداً سوف يثأر لهؤلاء الستة بأضعاف مضاعفة من قاتليهم..

شاس: مهما ثأر محمد فلن يستطيع تعويض خسارته الفادحة فيمن قتلوا يا أم اسحق..

أم اسحق: هنالك مثل يا شاس يقول: ما دامت الولادة تلد فكل شيء يعوّض..

شاس: ولكن مبدأ الفتك بالنابهين والمتعلمين من رجال محمد مبدأ خطير.. لأن تعويض هؤلاء ليس سهلاً أبداً يا أم اسحق..

أم اسحق: إنني معك من حيث خطورة المبدأ.. ولكن محمداً لا شك سيحبط هذه المؤامرة كما أحبط كثيراً من أمثالها من قبل..

شاس: الخطة المدروسة من الصعب التغلب عليها أو اتقاء شرها بسهولة يا أم اسحق..

أم اسحق: أنا لا أقول إن محمداً سيكشف هذه الخطة بسهولة أو بسرعة ولكنه عاجلاً أم آجلاً سيكشفها وسينتقم من واضعيها شر انتقام..

شاس: ولكن بعد أن يقدم مواكب من الضحايا على جسر الوصول إلى واضعي هذه الخطة..

(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى سريعة نسمع بعدها صوت ابن أُبي يقول):

ابن أبي: اذهب الآن إلى مالك بن أُبي قوقل وسويد ووديعة وقل لهم يقوموا بتنفيذ خطة التغطية على حادث عضل والقارة..

داعس: أتراهم يستطيعون تنفيذ الخطة من دون إشرافك عليها يا بن أُبي..

ابن أبي: لقد وضعت لهم التفاصيل بكل دقة وما عليهم إلا التنفيذ..

داعس: إني أشك في قدرتهم على التنفيذ إذا لم تكن أنت بنفسك على رأسهم..

ابن أبي: أريد أن أخلق منهم رجالاً للمستقبل يا داعس.. فإنني لست مخلداً كما أن سني لا تقدر على تحمل أعباء كل صغيرة وكبيرة.. فدعهم يجربوا حظهم في هذه المرة..

(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى وهرج ومرج وأصوات تعلو وتنخفض وهمهمات وغمغمات نسمع بعدها أصوات رجال ابن أُبي من المنافقين يقولون والموسيقى الصاخبة مصاحبة):

أصوات: يا ويح هؤلاء المفتونين الذين هلكوا هكذا..

أصوات: لا هم قعدوا في أهلهم ولا هم أدوا رسالة صاحبهم..

(تنوالى الموسيقى الصاخبة نسمع بعدها صوت شاس يقول):

شاس: ما أروع ما تقوم به جماعة عبد الله بن أبي..

أم اسحق: ما وجه الروعة فيما تفعله جماعة ابن أُبي؟..

شاس: تظاهر بأنهم متألمون مما حدث لسرية محمد من جهة وشماتة في قرارة أنفسهم لما وقع..

أم اسحق: هل تنطلي هذه الحركات على محمد وأصحابه؟..

شاس: الظاهر أنهم لم يقوموا بعمل مضاد تجاهها..

أم اسحق: إن هذا السكوت المطبق من جانب المسلمين على أفعال جماعة ابن أُبي أو المنافقين كما يسمونهم يدل على أن المسلمين يريدون أن يسيروا غور هؤلاء المنافقين حتى يضربوهم في الوقت المناسب..

أصوات: يا ويح هؤلاء المفتونين الذين هلكوا هكذا..

أصوات: لا هم قعدوا في أهلهم ولا هم أدوا رسالة صاحبهم..

صوت صادر من مكان بعيد: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ. وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ. وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُُوفٌ بِالْعِبَادِ. صدق الله العظيم (سورة البقرة: 204 - 207).

طباعة

تعليق

القراءات :720

التعليقات :0

صفحة 6 من 58

من ألبوم الصور

المزيد >>

من أمسيات هذا الموسم

بتاريخ: 23/02/1436ھ الموافق: 12/15/2014م

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.

المزيد >>