شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 59 ـ
الراوي: وخرج أبو بصير حتى نزل العيص على البحر في طريقه قوافل قريش التجارية إلى الشام وسمع المسلمون المقيمون بمكة يأمره ففر إليه منهم نحو سبعين رجلاً اتخذوه لهم قائدا ومرشدا وجعلوا وإياه يقطعون على قريش طريقها حتى كانوا لا يظفرون بأحد منهم إلا قتلوه ولا تمر بهم عير إلاّ سلبوها..
(صوت أبي بصير وقد انتهى من صلاته، وهو يسلم ويقول):
أبو بصير: السلام عليكم ورحمة الله.. السلام عليكم ورحمة الله
المصلون من خلفه: (أصواتهم) السلام عليكم ورحمة الله .. السلام عليكم ورحمة الله..
أبو نصير: اللهم تقبل منا إنك سميع الدعاء.
المصلون: آمين يا رب العالمين.. آمين.
أبو بصير: يا قوم قد فررتم إلى هذا المكان في سبيل الحفاظ على دينكم والجهاد في سبيل الله ممن أذوا الله ورسوله.. وها نحن ولله الحمد يزداد عددنا يوما بعد يوم ورزقنا يتدفق علينا من عند الله بغير حساب.
أصوات: صدقت يا أبا بصير.. صدقت..
صوت: لقد هربنا من تعذيب قريش.. وعبودية قريش وظلمها.. ووحشيتها.. وخشينا من أن نرتد بعد أن أكرمنا الله وهدانا إلى هذا الدين الحنيف.
أبو بصير: يا قوم بلغني أن قافلة كبيرة لقريش ستسلك بعد عصر غد طريقا جانبية غير طريق العيص مخافة أن نترصدها وننقض عليها كما فعلنا بسابقاتها..
أحدهم: وأين تقع هذه الطريق الجانبية؟
أبو بصير: في وادي الزوراء..
أحدهم: إنها ليست بعيدة عن هذه الطريق.
أبو بصير: ولكنها وعرة ومجالنا في مهاجمة القافلة مضمون النتائج ذلك لأن الفرسان المواكبين للقافلة لن يستطيعوا مهاجمتنا إذا ما حصدتهم نبالنا وحستهم سيوفنا..
أحدهم: ولكن كيف الوصول إلى هذه الطريق من دون أن تحس بنا عيون هذه القافلة أو أفراد القبائل الموالين لقريش في هذه الناحية.
أبو بصير: أرى أن نشخص إلى وادي الزوراء في أعداد قليلة ونتخذ من الليل ستارا ونكمن في النهار في المغاور وتحت الصخور المنتشرة على سفح وادي الزوراء وستكون إشارة الهجوم بيننا هي رفع هذه الراية السوداء هل لأحدكم رأي غير ما ذكرت؟
أصوات: لا… لا… بالصواب نطقت يا أبا بصير.
أبو بصير: هيا بنا.. نسير على بركة الله فقد أسدل الظلام رواقه وليسبر كل رتل منكم طريقه والله معنا.
أصوات: الله معنا.. الله معنا..
(نسمع همسات المتسائلين منهم ووقع حوافر خيل الراكبين منهم.. كما نسمع أصوات اجتماع في مكان آخر وصوت يقول):
الصوت: يا قوم… سنسلك طريق وادي الزوراء غدا إلى مكة بدلا من طريق وادي العيص لنأمن هجمات أبي بصير وشرذمة كبيرة قطاع الطرق من اتباع محمد اتخذوا من وادي العيص قاعدة للسطو على القوافل.
صوت آخر: لم يقتصر اعتداءهم على القوافل فحسب بل على كل إنسان يمر من وادي العيص حتى تمنى أبو سفيان لو أنه لم يتفق سهيل بن عمرو مع محمد على رد من أسلم من قريش إلى مكة إذا ذهب إليه بغير إذن من وليه.
صوت: يا قوم كنت أحد الناجين من اعتدائهم في إحدى المرات على قافلة صفوان بن أمية.. فقد هاجمونا بضراوة واستبسال ما عهدت له مثيلا من قبل..
أحدهم: يا ليت قريشا تعيد النظر في اتفاقها هذا مع محمد إننا نخشى أن تنقطع تجارتنا مع الشام إذا ما اشتدت شكيمة أبي بصير وصحبه وساندهم قطاع الطريق وطلاب النهب والسلب من القبائل المنتشرة على هذه الطريق..
(نسمع صوت مسير القافلة من الأجراس المعلقة: في أعناقها ووقع حوافر الفرسان المواكبين للقافلة لحراستها وهمساتها مبهمة وأصوات تعلو وتهبط):
أحد جماعة أبي بصير: انظر يا سالم ها هي طلائع قافلة قريش تدخل بطن وادي الزوراء فلنستعد للهجوم..
الثاني: راقب جيداً راية أبي بصير..
الثالث: إنها قافلة ضخمة موسوقة بالغلال والبضائع..
الرابع: جعلها الله من نصيبنا..
أحدهم: ارتفع علم أبي بصير.. هيا إلى القتال.. الله أكبر نسمع صليل السيوف ورغاء الإبل وسقوط القتلى والجرحى وصوت يقول:
الصوت: يا ويحهم لقد اختاروا المكان المناسب للهجوم.
صوت: أخذنا على غرة.
صوت: إنهم يغيرون علينا من كل جانب ومن كل حدب ينسلون..
(أصوات: تهليل وتكبير: الله أكبر… الله أكبر… الله أكبر.. والسقوط قتلى وأنات جرحى)..
صوت: اقتلوهم… لا ترحموهم.. لا نريد أسرى.. إنهم لم يرحموكم بمكة. لقد عذبوكم واضطهدوكم لا رحمه الله من رحمهم.
(موسيقى انتهاء المعركة وصوت أبي بصير يقول):
أبو بصير: الحمد لله على نصره الذي وعد به عباده المتقين.
أحدهم: إنها قافلة موسوقة بالغلال والذخيرة.
الثاني: لك الحمد يا إلهي على ما أنعمت.. هيا يا أبا بصير اقسم الغنائم بيننا.
أبو بصير: سأفعل.. بسم الله الرحمن الرحيم..
(صوت رجل يصرخ في أعلى مكة قائلا:)
الصوت: يا أهل مكة.. يا أهل مكة… يا أهل مكة… عدا أبو بصير وصحبه عليهم فما تركوا من رجال القافلة أحداً ولا من أموالكم شيئاً.
(أصوات تجمع.. هرج ومرج.. وضجيج.. وصوت يقول):
الصوت: هيا إلى أبي سفيان في دار الندوة.
أصوات: هيا.. هيا.. هيا..
(وفي الطريق نسمع من يقول):
صوت: لقد ضاع كل ما أملك في هذه القافلة
صوت آخر: وأنا أيضاً يا عامر راح كل ما جمعته عشيرتي في هذه القافلة..
صوت: ضربة قاصمة لتجار قريش وتجارتها.
(قائد المتجمعين يقول لأبي سفيان…)
القائد: يا أبا سفيان قضى أبو بصير على تجارة قريش وتجارها هذه هي المرة الخامسة وهو يسطو على قوافلنا ولم تقدر قريش على تأديبه حتى استشرى أمره وطار صيته وانخرط تحت لوائه الفاتكون وقطاع الطرق.. والمجرمون..
أبو سفيان: صدقت يا هذا.. انصرفوا من حيث أتيتم واتركونا نتدبر في هدوء وروية ما يجب أن نفعل..
القائد: ولكن ما نملك ضاع وأصبحنا على شفا الفقر والفاقة.
أبو سفيان: يا قوم… يا قوم… أمهلونا ولا تهملونا.
أصوات: (أنقذونا من أبي بصير.. أنقذونا من أبي بصير… ردوا إلينا أموالنا.. أنقذونا من المسلمين…)
أبو سفيان: يا قوم لم أشأ أن أتحدث إليكم أمام هذا الجمع من الموتورين والآن وقد انصرفوا في الرأي عندكم؟
صفوان: رأي يا أبا سفيان أن نجهز حملة تأديبية نستأصل فيها شأفة هؤلاء الأفاكين المجرمين.
أبو سفيان: تستأصل شأفة من.. إنهم مردة يا صفوان إنك لا تعرف أين يتجمعون بل أين يهجمون.. إنهم يتفرقون حين لا سلب ولا نهب ويجتمعون بقدرة عجيبة حين يلوح في الأفق صيد ثمين.
عكرمة: ولكن أنتركهم يقطعون طريقنا التجارية كما كان يفعل محمد قبل صلح الحديبية ونحن لم نصدق أن هذا الصلح أعطانا أعظم الطمأنينة لاستعادة مكانتنا التجارية التي فقدناها أيام اتصال الحرب بيننا وبين المسلمين.
أبو سفيان: إنك تتكلم بتفكير سليم يا عكرمه ولكن كيف التخلص من هذه الشرذمة من المسلمين التي يزداد عددها يوميا بانضمام الفارين من المسلمين في مكة إليهم والأعراب الذي يعيشون حياتهم على النهب والسلب..
صفوان: لقد نكبني محمد وأتباعه في أبي وأخي بيدر من قبل ونكبني أبو بصير وصحبه قبل شهر في قافلتي حتى تحرج موقفي المالي وأصبح شبح الفاقة يطرق بأبي فلماذا لا..
أبو سفيان: فلماذا… ماذا… قل… أين..
صفوان: إن سبب هذا التجمع الإسلامي في وادي العيص هو الشرط الذي اتفق عليه سهيل بن عمرو مع محمد والقاضي برد المسلمين من قريش إلى مكة إذا هم ذهبوا إلى محمد بغير رأي موإليهم.. لماذا لانتفاهم مع محمد ونلغي هذا الشرط الذي أفاد محمداً وأضر بنا..
أبو سفيان: تكلم يا سهيل بن عمرو فأنت موقع هذا الاتفاق.
سهيل بن عمرو: يا قوم لقد لمست حالة من القلق وعدم الرضا بين المسلمين من هذا الشرط في صلح الحديبية بالذات إثر توقيعي عليه وخاصة من عمر بن الخطاب ولولا إيمان المسلمين العجيب بمحمد لانقلبوا عليه وأنا أرى.
أبو سفيان: ترى ماذا؟
سهيل بن عمرو: أن نكتب إلى محمد نسأله أن يؤدي هؤلاء المسلمين إليه حتى يتركوا الطريق آمنا فإن وجودهم بهذا الشكل يهدد شرط الهدنة الذي اتفقنا عليه وحالة الاستقرار التي ينشدها كلانا..
أبو سفيان: رأي سديد ما أشرت به يا سهيل بورك فيك ماذا تقول يا صفوان؟
صفوان: إني مندهش في هذا الحل الذي توصل إليه سهيل بن عمرو.. وإني أوافق عليه.. لأن حرصنا على بقاء المسلمين بين ظهرانينا كمثل من يبقى شوكة في فراشه..
أبو سفيان: دبج الرسالة إلى محمد بيراعك يا سهيل.
سهيل: إنني أول من يتضرر بإلغاء هذا الشرط ولكن في مصلحة قومي وأهلي يهون الضرر.
أبو سفيان: بورك فيك يا سهيل.. إننا لندرك أن ابنك أبا جندل هو في طليعة من ينسحب عليه إلغاء هذا الشرط من صلح الحديبية وإننا لنقدر لك هذه التضحية العظيمة في سبيل قومك وأهلك.
(خبطة موسيقية قوية)..
الراوي: وهكذا صدقت الحوادث حكمة محمد صلى الله عليه وسلم وبعد نظره ودقة سياسته، وأثبتت أنه حين عقد صلح الحديبية أرسى دعامة لا تنقض في سياسة الإسلام وإنتشاره وهذا هو الفتح المبين الذي أشار إليه القرءان الكريم في قوله تعالى: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً . لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً (الفتح: 1 - 2) صدق الله العظيم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :664  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 59 من 69
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج