شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 22 ـ
مزنة: أماه.. لقد حضر خالي فريد وابنته خلوب لزيارتنا..
سلمى: أهلاً وسهلاً ومرحباً بأخي وبنتي..
فريد: لقد انقطعت زياراتك هنا فجئنا نسأل عنك والحمد لله الذي رأيناك بخير..
مزنة: أنا الذي شغلتها عنكم يا خالي..
فريد: لماذا؟..
مزنة: إنها تحدثني كل ليلة عن أمجاد الجزيرة العربية وقد حضرتم في وقت الحديث.
فريد: يا لها فرصة طيبة نشترك معك في الاستمتاع بالحديث عن ماضينا المجيد.. هيا يا أختي.. هيا..
(موسيقى انتقالية)..
سلمى: وعاد النبي صلَّى الله عليه وسلم من عند مرضعته حليمة السعدية وكان في الخامسة من عمره.. وفي السادسة من عمره خرجت بأمه آمنة رضي الله عنها إلى يثرب لزيارة أخوال جده عبد المطلب وفي طريق عودتها لمكة توفت ودفنت بالأبواء..
خلوب: وأين تقع الأبواء هذه يا عمتاه؟..
سلمى: الأبواء مكان يقع في منتصف الطرق بين المدينة المنورة ومكة..
مزنة: ومن كفل النبي صلَّى الله عليه وسلم بعد وفاة أمه؟..
سلمى: جده عبد المطلب وكان يحبه حباً شديداً، ولكن الأجل وافى عبد المطلب بعد سنتين فكفله عمه أبو طالب حسب وصية عبد المطلب. وكان يحبه حباً شديداً أكثر من أولاده فكان ينام رسول الله صلوات الله عليه بجنبه.. وكان يخصه بأحسن الطعام ويعزه ويكرمه ويبالغ في تبجليه..
فريد: ومتى قام النبي صلَّى الله عليه وسلم بأول رحلة إلى الشام. يا أختاه؟..
سلمى: كانت قريش ترحل كل سنة رحلتين: رحلة الشتاء إلى اليمن لأنها أدفأ ورحلة الصيف إلى الشام فيحتارون ويتجرون.. ولما بلغ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم الثانية عشرة، خرج عمه أبو طالب إلى الشام في تجارة قريش وأخذ معه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فلما بلغ من سفره (بصرى) بأرض الشام رآه بحيرا الراهب فعرفه فاستضاف قريشاً وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يكلمهم ولكنه في هذه المرة قال لهم:
(نقلة صوتية بدون موسيقى)..
بحيرا الراهب: يا معشر قريش إني قد صنعت لكم طعاماً وأحب أن تحضروا كلكم صغيركم وكبيركم وعبدكم وحركم..
سلمى: وتخلف رسول الله صلَّى الله عليه وسلم من بين القوم لحداثة سنه في رحالهم. فلما نظر بحيرا في القوم ولم ير تلك الصفة قال:
بحيرا الراهب: يا معشر قريش لا يتخلف أحد منكم عن طعامي..
سلمى: وحضر النبي صلَّى الله عليه وسلم فلما رآه بحيرا جعل يلحظه كثيراً وسأله عن أشياء وسأل عمه أبا طالب عن أشياء أخرى وبعد ذلك همس بحيرا في أذن أبي طالب قائلاً:
بحيرا: أرجع بابن أخيك إلى بلده، وأحذر عليه اليهود، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت فسيناله منهم شر عظيم..
سلمى: فرده أبو طالب إلى مكة وازدادت شفقته به واشتد تحفظه عليه..
وحضر رسول الله صلَّى الله عليه وسلم مع عمه حرب الفجار..
مزنة: وما هي حرب الفجار يا أماه؟.
سلمى: سميت حرب الفجار لوقوعها في الشهر الحرام حيث كانت تحترم الشهور الحرم احتراماً دينياً، حتى أن الرجل إذا رأى قاتل أبيه أو ابنه في الأشهر الحرم لم يتعرضه بسوء..
خلوب: وما هي هذه الأشهر الحرم يا عمتاه؟..
سلمى: هي.. رجب، وذو القعدة وذو الحجة ومحرم..
فريد: وما هو حلف الفضول يا أختاه؟..
سلمى: هو الأخذ للضعيف من القوي، والغريب من القاطن وسببه أن يمنياً قدم إلى مكة ببضاعة فاشتراها منه العاص بن وائل وأمتنع من دفع قيمتها له فأستجار ببعض عشائر من قريش فأبوا أن يعينوه على العاص بن وائل فصعد اليمني على جبل أبي قبيس عند طلوع الشمس، وقريش في أنديتهم حول الكعبة وصاح بأعلى صوته طالباً الإنصاف ممن ظلمه فاستجاب له بنو هاشم وبنو زهرة وبنو أسد بن عبد العزى واجتمعوا في دار عبد الله بن جدعان التميمي لشرفه وكبر سنه وتحالفوا على أن يردوا الفضول على أهلها. أي ما يؤخذ ظلماً، وأن لا يقروا ظالماً على ظلمه ((مابل بحر صوفه)) ومارسا حراء وثبير في مكانيهما.. ثم مشى المجتمعون إلى العاص بن وائل وأنتزعوا منه سلعة اليمني ودفعوها إليه فسمي حلف الفضول..
فريد: ما أحسنه وأعدله..
سلمى: وقد حضر هذا الحلف رسول الله صلَّى الله عليه وسلم.. وروى عنه أنه قال: ما أحب أن لي بحلف حضرته في دار ابن جدعان حمر النعم ولو دعى به الإسلام لأجبت!..
مزنة: هل سافر النبي صلَّى الله عليه وسلم إلى الشام مرة ثانية؟..
سلمى: سافر إلى الشام وهو في الخامسة والعشرين من عمره وفي تجارة لخديجة بنت خويلد رضي الله عنها ربحت ربحاً وفيراً. وبعد هذه الرحلة بشهرين تزوج صلَّى الله عليه وسلم من خديجة بنت خويلد.. وكان كل أولاده صلَّى الله عليه وسلم منها إلا ولده إبراهيم فقد كان من مارية القبطية.
مزنة: حدثيني عن حياة النبي صلَّى الله عليه وسلم قبل البعثة النبوية..
سلمى: شب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم والله تعالى يكلؤه من أقذار الجاهلية، ليهيئه لما يريده له من الكرامة والرسالة حتى صار أفضل قومه مروءة وأحسنهم خلقاً وأصدقهم حديثاً وأوفاهم أمانة فما رؤي مماريا ولا ملاحيا أحداً حتى سماه قومه بالأمين لما جمع الله فيه من الأمور الصالحة والخصال الحميدة والأفعال السديدة..
مزنة: ما أروع ما تقولين يا أماه..
سلمى: وفي الحادثة الآتية ما يدل على تسمية قريش له صلَّى الله عليه وسلم بالأمين..
(نقلة موسيقية انتقالية)..
عتبة بن ربيعة: نحن بني عبد مناف أحق منكم بوضع الحجر الأسود الذي أقتلعته السيول من جوار الكعبة..
زمعة المخزومي: لا يا عتبة بل نحن بني مخزوم أدعى منكم بهذا الشرف.. وسنقاتل دون ذلك..
أبو أمية ابن المغيرة: يا بني عبد مناف يا بني مخزوم بل يا معشر قريش.. استمعوا إلى رأي..
أصوات: قل وأوجز.. قل وأوجز..
أبو أمية بن المغيرة: اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم..
أصوات: موافقون.. موافقون على رأيك يا أبا أمية بن المغيرة..
أبو أمية بن المغيرة: راقبوا أول من يدخل إلى المسجد..
أصوات: هاهو الأمين يدخل.. رضينا.. هذا محمد..
(نقلة صوتية)..
سلمى ومن معها: صلَّى الله عليه وسلم..
سلمى: وأخبروه صلَّى الله عليه وسلم بالخبر فوضع إزاره وبسطه على الأرض فأخذ الحجر الأسود فوضعه فيه بيده ثم قال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم أرفعوه جميعاً ففعلوا حتى إذا بلغوا بالحجر موضعه وضعه صلَّى الله عليه وسلم في محله بيده الشريفة..
فريد: إنها فكرة عظيمة ألهمها الله سبحانه وتعالى لنبيه صلَّى الله عليه وسلم لكي يحقن دماء قومه وليهيء أذهان قريش إلى هذه الشخصية التي ستحمل رسالة ربها وتود بها خير الأداء.
سلمى: ولما بلغ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم الأربعين سنة من عمره وفي السابع عشر من شهر رمضان المبارك بعثه الله تعالى للناس بشيراً ونذيراً ورحمة للعالمين لينقذهم من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى الصراط المستقيم.. وبدأ صلَّى الله عليه وسلم بالدعوة سراً فأول من آمن به من الرجال ابو بكر الصديق ومن الفتيان علي بن أبي طالب ومن النساء خديجة بنت خويلد ومن الموالي زيد بن حارثة وهنالك نقطة يجب أن أوضحها..
فريد: ما هي يا أختاه؟..
سلمى: يزعم بعض المؤرخين أن الذين دخلوا في الإسلام في أول عهده كانوا من الضعفاء والأحداث والموالي.. ولكن ذلك غير صحيح في إطلاقه.. فالصحيح أنه كان بين السابقين إلى الإسلام من أشراف قريش وسادتهم ومن أبنائهم ومن حلفائهم ومواليهم وليسوا كلهم من الضعفاء والأحداث والموالي..
فريد: شكراً يا أختي على هذا التصحيح فأبو بكر وعثمان وعلي والزبير ابن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبد الله وخالد بن سعيد بن العاص، وابو عبيدة عامر الجراح وأولاد بن مظعون وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب والمقداد بن الأسود وزيد بن الخطاب أخ عمر بن الخطيب وأبو ذر القفاري وحمزة عم النبي صلَّى الله عليه وسلم وغيرهم ممن لا تحضرني أسماؤهم كلهم من أشراف قريش وسادتها..
سلمى: وقد دخلوا الإسلام جماعات أفراداً بغير إكراه وإجبار وأوذوا في سبيل عقيدتهم ولم يزدهم ذلك إلا ثباتاً على دينهم وتمكيناً في إيمانهم..
مزنة: إلى متى ظلت الدعوة إلى الإسلام سراً يا أماه..
سلمى: ظلت أربع سنوات حتى أمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلَّى الله عليه وسلم أن يصدع بأمره وذلك بقوله تعالء.. فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِين (الحجر: 94) ثم أمره بإنذار عشيرته الأقربين بقوله تعالى: وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ . وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (الشعراء: 214 - 215)..
ولما جهر صلَّى الله عليه وسلم بدعوته وعاب على قريش آلهتهم وبيّن لهم أنها لا تضر ولا تنفع كما سفه عقولهم لعبادتهم ما لا يضر ولا ينفع ولا يغني عنهم من الله شيئاً..
مزنة: وماذا صنعت قريش إزاء ذلك يا أماه؟..
سلمى: راجعوه ليكف عن تسفيه آلهتهم فتلا عليهم من القرآن الكريم ما أفجعهم وأسكتهم ثم راجعوا عمه أبا طالب في شأنه فردهم رداً جميلاً. ولما استفحل أمر الدعوة وبدأ الناس يدخلون في دين الله أفواجاً.. اجتمع وجوه قريش وذهبوا إلى منزل أبي طالب وقالوا له..
أحدهم: يا أبا طالب إن لك سناً وشرفاً ومنزلة فينا، وأنا قد استثنياك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وأنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبانا وتسفيه أحلامنا وعيب آلهتنا حتى تكفه عنا. أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين.
سلمى: ثم انصرفوا عنه فعظم على أبي طالب فراق قومه له وعداوتهم ولم يطب نفساً بأن يخذل بابن أخيه أو يسلمه إليهم فدعاه إليه وقال له.
أبو طالب: يا ابن أخي إن قومك جاءوني فقالوا لي كذا وكذا فأبق علي وعلى نفسك ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق..
سلمى: وظن الرسول صلَّى الله عليه وسلم أنه قد بدأ لعمه ظن فيه وأنه خاذله أو مسلمه. وإنه ضعيف عن نصرته والقيام معه فقال:
(يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله تعالى أو أهلك فيه ما تركته)..
خلوب: وماذا كان موقف أبي طالب بعد هذه الإجابة العظيمة يا عمتاه؟..
سلمى: قال:
أبو طالب: إذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت فوالله لا أسلمك شيء أبداً..
(خبطة موسيقية قوية)..
سلمى: انتهينا من حديثنا الليلة فإلى الغد إن شاء الله..
فريد: ما أعذب وأروع ما تقولين يا أختاه وودت لو أن داري قريبة منك لكنت أول الحاضرين للاستماع شكراً يا أختي على هذا التقريظ.. تصبحين على خير..
سلمى: تصبحين على خير.. مع السلامة..
مزنة: مع السلامة يا خالي.. مع السلامة خلوب..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :709  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 22 من 69
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.