| المسلمون في ((بيونس
(1)
إيريس))
|
| (عاصمة الأرجنتين) |
| وعدد المسلمين في بيونس إيريس كما أخبرني السيد علي باكير رئيس المركز الإسلامي فيها يربو على الأربعمائة ألف. ولو فرضنا أن الرقم مبالغ فيه إلا أننا مهما أنقضاه فسيظل عدد المسلمين في الأرجنتين كبيراً إذا ما قيس بعدد المسلمين في بقية بلدان أمريكا الجنوبية بما فيها البرازيل. |
| وتتألف الجالية الإسلامية في الأرجنتين من المهاجرين السوريين وهم الغالبية يليهم اللبنانيون ثم الفلسطينيون والمسلمون من غير البلاد العربية. |
| وقد جلب هؤلاء المهاجرون فيما جلبوا معهم نعراتهم الإقليمية والطائفية. وهكذا حينما تتجول في شوارع بيونس إيريس التي يبلغ سكانها في النهار تسعة ملايين تستلفت نظرك اللافتات المختلفة: الجمعية الحمصية الجمعية الحموية. الجمعية العلوية، نادي يبرود، الطائفة الدرزية. الجمعية النبطية وغير ذلك من الأندية والجمعيات. |
| والمسلمون في الأرجنتين أحسن حالاً من الناحية المالية عن غيرهم من المسلمين في بقية بلدان أمريكا الجنوبية فلهم مركز إسلامي كبير لعلّه أفخم مركز إسلامي في أمريكا الجنوبية والشمالية بل وفي المملكة المتحدة ويقع المركز الإسلامي في شارع من الشوارع الرئيسية في بيونس إيريس وبه قاعة كبيرة تتسع لـ (250) مصلى وبه صالونات وغرف فسيحة ومستودعات. ويتألف من أربعة طوابق وخلف المركز أرض تبلغ مساحتها حوالي ثلاثة دونمات وقد خصصت إحدى غرف هذا المركز لمكتبة الإمام محمد عبده أهدتها وزارة الأوقاف المصرية للمسلمين في بيونس إيريس أثناء زيارة السيد نائب الوزير توفيق عويضة. وقد عهد المركز إلى أحد أعضائه من الشبان المثقفين بتنظيم المكتبة وترتيبها وجعلها في متناول القراء. وسيقام احتفال بيوم افتتاحها. |
| والمسلمون في بيونس إيريس تنقصهم القيادة الدينية الواعية والمرشدون المثقفون تثقيفاً دينياً عالياً وتثقيفاً عصرياً عالياً مع معرفة تامة باللغة الإسبانية ذلك لأن الجيل الصاعد من الشباب المسلم في الأرجنتين مؤهل جداً ويحتل مراكز ضخمة في الإدارات والمصالح الحكومية وهو بحاجة إلى توجيه ديني سليم وقيادة تتجاوب مع أهدافه ومراميه وتتفاعل مع ما يختزن من طاقات علمية هائلة. |
| واتفق يوم وصولي إلى بيونس إيريس إن كان اجتماع مسبق لرؤساء الجمعيات الإسلامية فذهبت من المطار إلى المركز الإسلامي وحضر رؤساء الجمعيات وكانوا يمثلون ثماني جمعيات وتبادلنا الكلمات الترحيبية وتناقشنا في أحوال المسلمين ببلاد الأرجنتين وتكلم رئيس المركز الإسلامي السيد علي باكير عن رحلته إلى البلاد العربية وعن الوعود التي أعطيت له بشأن مساعدة المركز على بناء مسجد ومدرسة على الأرض الواقعة خلفه بعد شراء الدارين الملاصقين للمركز لهذه الغاية. ولما سألته عن مقدار المساعدة التي طلبها من البلدان التي زارها أجاب بأنها مليون دولار أمريكي فقط لا غير. فابتسمت فتساءل فقلت إن المبلغ كبير جداً أو بالأحرى خيالي ولا يمكن أن تجد بين الدول العربية التي زرتها من تستطيع أن تقدمه لك حتى لو اجتمعوا كلهم ثم: قال: ثم ماذا؟ قلت إن الجالية الإسلامية بالأرجنتين غنية ولله الحمد كما سمعت منك ومن السادة رؤساء الجمعيات المحترمين وعدد أفرادها كبير. فلو جمعت دولاراً من كل فرد منهم في السنة لأمكنك تنفيذ مشروعك هذا خلال سنتين وبدون الاستعانة بأي بلد عربي وأيد رأيي بعض الحاضرين من رؤساء الجمعيات وقالوا يجب أن نعتمد على الله ثم على أنفسنا وإذا بدأنا في البناء واحتجنا فما أظن أن رؤساء الدول العربية وفي مقدمتهم عاهل المملكة العربية السعودية يبخلون علينا بالمساعدة. أما أن نطلب المساعدة قبل المباشرة الفعلية في البناء وظهور معالمه فلا أعتقد أن أحداً سوف يساعدنا ثم ضرب مثلاً على ذلك بالمدرسة التي شرعوا في بنائها والتي هي على وشك الانتهاء وقال: لقد صممنا على البناء فاستعنا بالله وجمعنا من الجالية فقام البناء والحمد لله فشكرته على آرائه القيّمة السديدة وقلت يجب أن تكون جمعيتكم قدوة لبقية الجمعيات الأخرى في الأرجنتين. وبعد ذلك اتفقنا على أن يقوم المركز الإسلامي بحملة تبرعات واسعة بينما يجري في الوقت نفسه عمل الخرائط والتصميمات للمسجد والمدرسة. |
| وانفض الاجتماع وذهبت مع رئيس المركز الإسلامي وسكرتيره للعشاء وفي أثناء ذلك شكا إلي من أن الشباب لا يقبلون على المركز بحجة أنهم لا يجدون في المركز إلا محاضرات دينية. إنهم يريدون نشاطات أخرى بالإضافة إلى النشاط الديني كما تفعل الجمعيات المسيحية وكما تفعل الجمعيات الصهيونية، فأجبته: لأن تفعل كما تفعل الجمعيات المسيحية والصهيونية فهذا ما لا أوافقك عليه لأن فيما تفعله هذه الجمعيات كثير من المعصيات والأمور التي تتنافى تعاليم الإسلام. فقال بماذا تنصح فقلت أنصح بالآتي: |
| 1 ـ دروس دينية مرتان في الأسبوع بالإضافة إلى يوم صلاة الجمعة. |
| 2 ـ محاضرات تثقيفية مقتبسة من التاريخ الإسلامي ومن أفعال السلف الصالح. |
| 3 ـ تمثيليات مقتبسة أيضاً من التاريخ الإسلامي. |
| 4 ـ رحلات كشفية. |
| 5 ـ إنشاء ملاعب للتنس وكرة السلة والكرة الطائرة في الساحة الملاصقة للمركز. |
| 6 ـ تخصيص غرفتين في الدور السفلى من المركز لمزاولة طاولة التنس ولأنواع التسلية البريئة. |
| كما يمكنك أن تبدأ محاضراتك التثقيفية وتمثيلياتك الإسلامية بموعظة دينية. |
| 7 ـ أن تشرك الشباب المثقف في إدارة المركز فتجعلهم يشعرون بوجودهم وبالمسؤولية الملقاة على عاتقهم. |
| فشكرني ووعد بأن يعرض هذه النصيحة على مجلس إدارة المركز وهو موقن أنهم سيقبلونها ويعملون بها. وقبيل سفري أكد لي رئيس المركز وغيره من أعضاء مجلس إدارة المركز بأنهم سيقومون بحملة واسعة لجمع التبرعات للمسجد والمدرسة والعمل بما نصحتهم به. |
| الرأي |
| 1 ـ المجال واسع لتنشيط الدعوة الإسلامية وتبليغ رسالة الإسلام واسترداد الشباب المسلم التائه في بيداء التيارات الفكرية الضالة والقضاء على المؤتمرات الصليبية التي تتربص بهم لتتخطفهم كما تخطفت إخوانهم من المسلمين في جمهورية التشيلي. ولذلك فإرسال الدعاة المثقفين ضرورة ملحة شرط أن يكونوا ملمين باللغة الإسبانية بالدرجة الأولى. |
| 2 ـ استغلال الشباب المسلم الذي يشغل مناصب بارزة في جهاز الدولة في سبيل الدعاية لقضايا المسلمين المصيرية. |
| 3 ـ الحكومة الأرجنتينية تهتم بالأديان وهنالك دائرة يرأسها موظف برتبة وكيل وزارة مهمته العناية بالشؤون والطوائف الدينية في الأرجنتين وقد علمت فيما علمت أن هذا الموظف يظهر عطفاً كبيراً على المسلمين هناك وأنه في لقاءات زعماء المسلمين به كان ينصحهم بوجوب إصلاح وتقوية قيادتهم الدينية. كما أن الحكومة العسكرية الحالية في الأرجنتين اتجاهها ضد إسرائيل واضح والصهيونية تبذل مساعي كبيرة لاجتذابهم بإرسالها الوفود وعرض الخبرات العلمية والفنية ولكن آذان الحاكمين للأرجنتين غير مستعدة للإصغاء في الوقت الحاضر وأخشى ما أخشى أن تثمر جهودهم إذا لم تقم الدول الإسلامية والعربية بمجهود مماثل ((فكثرة الدوي يعلم السحر كما يقول المثل)) ولعلّ فتح الأسواق العربية لمنتجات جمهورية الأرجنتين ضمان لالتزامها سياستها الحالية. |
|
|
شارع عبد المقصود خوجة
00966-12-6982222 - تحويلة 250
