شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المسلمون في جيانا
مقدمة:
تضم المنطقة الواقعة ما بين نهر الأمازون والشمال الشرقي من أمريكا الجنوبية مقاطعات جيانا البريطانية، وجيانا الهولندية، وجيانا الفرنسية وأجزاءاً من البرازيل وفنزويلا.
ومعنى جيانا في لغة سكانها الأقدمين: (أرض المياه)، وكانت جيانا في وقت ما تسمى (الساحل الموحش) لأن ما بها من مستنقعات وأحراش، وموانع طبيعية كل ذلك كان من الأسباب التي لم تجذب المستعمرين الأوائل من الأسبان والبرتغال إليها. فقد اقترب كريستوف كولومبوس من ساحلها في سنة 1498 ولكنه لم يرسو بها. ولعلّ مشاهدته هو ومن جاء بعده، من المستعمرين الأسبان والبرتغال. لأماكن أخرى أكثر جاذبية وقابلية للاستثمار كان في مقدمة أسباب ارتدادهم عنها. ولئن نجت جيانا من هؤلاء فإنها لم تنج من الجوابين والمغامرين من شعوب أوروبا الأخرى الذين وجدوا في مستنقعاتها مواقع أمان استراتيجية وفي أراضيها الساحلية الخصبة ربما زراعياً طيباً.
ومن الأسباب التي أدت إلى استيطان الأوروبيين في جيانا هي الأسطورة التي رواها السير (روبرت داد لي) أثناء تجوابه في عام 1595م للسواحل الشمالية من أمريكا الجنوبية عن وجود (مدينة ذهب) في المناطق الداخلية من جيانا.
وأكد السير (روبرت رالي) هذه الأسطورة بعد حملته الاستكشافية التي قام بها في سنة 1617 - 1618م. على أن المناطق الساحلية من جيانا عمرت قبل هذا التاريخ بالمستوطنين الأوروبيون الذين أسسوا لهم مراكز فيها للتجارة وزراعة التبغ.
وفي مستهل القرن السابع عشر (1604 - 1606م)، أقدم (شارل لييه الفرنسي) على مغامرة عقيمة فأسس مستعمرة فيما يسمى اليوم بجيانا الفرنسية، وقد حفز هذا العمل (روبرت هاركورت البريطاني). على ضم ساحل جيانا جميعه باسم الملك جيمس الأول إلى التاج البريطاني، وابتدأ الصراع بينهما سجالاً وتدخلت دولة ثالثة في الصراع هي هولندا. وقد أفاد من هذا الصراع الأسبان والبرتغال إذ عملوا على الاستيلاء على ممتلكات الهولنديين على مصب نهر الأمازون. وعندما أحست الدول الثلاثة المتصارعة بالخطر تذكرت المثل السائر ((إنما قتلت يوم قتل الثور الأبيض))، فتناست ما بينها من خلاف دموي ووقفت صفاً واحداً ضد هجمات الأسبان والبرتغال المشتركة.
وعندما زال خطر الأسبان والبرتغال عاد الصراع على أشده بين الإنجليز والهولنديين، ولم يقتصر هذا النزاع على جيانا وحدها بل تعداه إلى مستعمرات هولندا في أمريكا الشمالية. فقد كانت هولندا تستعمر جزيرة مانهاتان وضواحيها التي تقع عليها مدينة نيويورك اليوم وأطلقت عليها اسم (الأراضي الواطئة الجديدة) وهو اسم هولندا نفسها. كما أسمت المنطقة التي تقع عليها نيويورك اليوم (أمستردام الجديدة). وكانت بريطانيا تستعمر ما يسمى اليوم بالولايات المتحدة الأمريكية. وفي سنة 1664م أصدر الملك شارل الثاني ملك بريطانيا أوامره إلى الكولونيل (نيكلس) باحتلال (الأراضي الواطئة الجديدة) فسار في ثلاثمائة من رجاله وأرغم الهولنديين على الاستسلام والتنازل عن هذه المنطقة لبريطانيا مقابل إعطاء الأخيرة لهم جزءً من جيانا وهو ما يسمى اليوم بجيانا الهولندية (أو سيرينام) بموجب اتفاقية عرفت في التاريخ بمعاهدة (برده) وذلك في عام 1664م. وبعد تنازل هولندا عن هذه المقاطعة منحها الملك إلى أخيه جيمس دوق يورك الذي ألغى اسم (امستردام الجديدة) وسماها نيويورك. وبموجب هذه المعاهدة قسمت جيانا إلى ثلاثة أقسام: القسم الغربي استعمرته بريطانيا، والوسط هولندا، والشرقي فرنسا.
وكان سكان جيانا الأصليون خليطاً من قبائل الوروا، والأرواك، والكاريب والماكيوس (والماكيوس يطلق على المولود لأب إسباني وأم من الأرواك).
وقد استورد الأوروبيون الزنوج من إفريقية للعمل في مزارعهم فهرب قسم منهم من مزارع أسيادهم في جزر الهند الغربية وفي شواطىء جيانا إلى مناطق الغابات من داخل جيانا. وعندما نادت الثورة الفرنسية بتحرير العبيد ظهر هؤلاء الزنوج من غاباتهم واشتغلوا بالفلاحة وقطنوا المدن للعمل في المصانع والشركات واصبحوا عنصراً بارز المعالم والملامح في سكان جيانا الفرنسية.
واحتاج هؤلاء المستعمرون إلى الأيدي العاملة لاستثمار كنوز جيانا وخيراتها فجلبوا الحشود الكبيرة من العمال من جزر الهند الشرقية ومن الهند والصين وإندونيسيا. وقد تمركز الهنود في ما يسمى بجيانا البريطانية وأصبحوا عنصراً بارزاً في سكانها. أمَّا في جيانا الهولندية فكانت السيادة للعنصر الإندونيسي والصيني. وفي جيانا الفرنسية كان عنصر الزنوج العنصر المتميز ويليه عنصر (الكريول) وهو نتاج التزاوج بين البيض والسود. وتحاشت العناصر الآسيوية السكن في جيانا الفرنسية لأن فرنسا كانت تتخذها منفى للمجرمين السياسيين وغير المرغوب فيهم من سكان مستعمراتها الأخرى ولانتشار الملاريا والحمى الصفراء بها بشكل ذريع نظراً للإهمال الصحي من قبل المستعمرين. ولا شك أن فرنسا ستهتم بحل هذه المستعمرة بعد أن أعلن الجنرال ديجول أخيراً اتخاذها قاعدة للصواريخ الموجهة.
وإلى القارىء الكريم بيان عن خصائص كل مستعمرة من هذه المستعمرات الثلاثة:
جيانا البريطانية:
وتقع في الشمال الشرقي من أمريكا الجنوبية. تحدها فنزويلا غرباً. وجيانا الهولندية شرقاً، والبرازيل جنوباً، والمحيط الأطلسي شمالاً. وتبلغ مساحتها (83.000) ميل مربع وسكانها حسب إحصاء (1960) (566.000) نسمة وعاصمتها جورج تاون.
وفي 13 أغسطس 1962م أعلنت مسودة دستور لاستقلال جيانا ضمن الكومنولث البريطاني. وفي جيانا البريطاني شلالات جميلة ولعلّ أجملها شلال الملك جورج السادس الذي يبلغ ارتفاعه 1600م قدم. وأكثر مناطق جيانا غابات كثيفة وفيها خامات كبيرة من الذهب والماس والمانجنيز والمايكا. ويعد السكر أهم صادرات هذه المستعمرات ويليه الخشب وأهمه الخشب المعروف بالماهوجين والفحم والرز والعسل الأسود.
جيانا الهولندية:
أو سير نيام، وتقع على الساحل الشمالي من أمريكا الجنوبية. تحدها شرقاً جيانا الفرنسية، وغرباً جيانا البريطانية، وشمالاً المحيط الأطلسي وجنوباً البرازيل. وتبلغ مساحتها (55,400) ميل مربع، وسكانها حسب إحصاء 1961 (308,000) نسمة وعاصمتها (بارا مارييو). وأهم حاصلاتها الألومنيوم الخام الذي يشكل 65% من استهلاك الولايات المتحدة من هذه المادة الهامة. ومن حاصلات جيانا الهولندية للتصدير والحمضيات والأرز والبن.
وبموجب التعديل الذي أجري في الدستور الهولندي في 29 ديسمبر 1954م أصبح لسكان جيانا الهولندية وجزر الأنتيل الهولندية نفس الحقوق التي يتمتع بها المواطن الهولندي الأصلي في مملكة هولندا مع استقلال ذاتي داخلي تام وصوت في الحكومة الهولندية:
جيانا الفرنسية: وتقع على الشمال الشرقي من أمريكا الجنوبية تحدها جيانا الهولندية والبرازيل من الشرق والجنوب. وتبلغ مساحتها (35,135) ميل مربع. وسكانها حسب إحصاء 1960م (31,000) نسمة. ولجيانا عضو من مجلس الشيوخ الفرنسي ونائب في المجلس الوطني بباريس. ولجيانا حاكم ومجلس عام مكوّن من ستة عشر عضواً؛ وعاصمتها كايني.
وكانت فرنسا تتخذ من جيانا منفى للمجرمين السياسيين وغيرهم وكانت تسمى فرنسا جيانا هذه جزيرة الشيطان. ولكن فرنسا في عام 1944م أعادت 28000 منفياً في هذه الجزيرة إلى أوطانهم وأقفلت السجون التي كانت معدة لهم، فعادت الحياة الطبيعية لهذه المستعمرة وستعمر جيانا ولا شك بعد أن اتخذتها فرنسا قاعدة لصواريخها الموجهة.
وتغطي الغابات الفنية بالخشب 95% من أراضيها وما يتبقى بعد ذلك يزرع به الأرز والقمح والكاكاو وقصب السكر ويستخرج الذهب من منجم فيها وأهم صادرات جيانا الفرنسية هي: الأخشاب، والذهب والكاكاو والموز.
كيف دخل الإسلام إلى جيانا:
عندما نادت الثورة الإفرنسية بتحرير العبيد ثار هؤلاء على أسيادهم من المستعمرين الذين يتملكون الأراضي الزراعية والمصانع في جيانا. فاضطر هؤلاء إلى جلب الحشود الوفيرة من العمال من مستعمراتهم في الهند وجزر الهند الشرقية والصين وإفريقية ومع هؤلاء العمال دخل الإسلام إلى جيانا. ويمكننا القول بأن الإسلام دخل إلى جيانا قبل مائة سنة على وجه التقريب وأول ما أضاء أضاء جيانا البريطانية. وكان معظم المهاجرين من المسلمين إلى جيانا أميين يجهلون دينهم إلاَّ النزر اليسير منهم. وهكذا بقي مشعل الإسلام باهت النور حتى الفترة ما بين 1854 وعام 1860 عندما تجددت الهجرة على نطاق واسع وحينما أصبحت تعاليم الإسلام تلفت الأنظار وتسترعي اهتمام السكان الأصليين. وبعد ثلاث سنوات أي في سنة 1863 شيد أول مسجد في مدينة جورج تاون عاصمة جيانا البريطانية وتلته مساجد أخرى مختلفة من جيانا البريطانية وبلغ عدد المسلمين في جيانا البريطانية أربعين ألفاً وعددهم في جيانا الهولندية اثنين وخمسين ألفاً وفي جيانا الفرنسية ثلاثة آلاف. غير أن المسلمين في جيانا الهولندية والفرنسية بحاجة إلى الرعاية الدينية.
وقد اتصلت رابطة العالم الإسلامي بالجمعيات والهيئات الإسلامية في جيانا البريطانية وقدمت لهم كتباً ونشرات دينية كما أهدتهم أشرطة سجل فيها القرآن الكريم بصوت المقرئين السعوديين. والرابطة على اتصال وثيق بهم وتحاول عن طريقهم الاتصال بالمسلمين في جيانا الهولندية إلاَّ أن شعار الاستعمار فيها من الحديد الصلب ولكن المحاولات مستمرة ومن الله التوفيق.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :5069  التعليقات :1
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 65 من 65

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج