(وأعلنت الإذاعة المصرية عن أولى حفلات ((ضحى)) من ((مسرح الخلود)) فتهافت الناس على شراء التذاكر حتى نفدت، واكتفى من لم يجدوا تذاكر، بالجلوس إلى المذياع وهو ينقل إليهم صوت ((ضحى))، وسمع ((خالد)) الإعلان من الإذاعة وقرأه في أمهات الصحف المصرية فاشترى من السوق السوداء تذكرة بضعفي ثمنها الأساسي، وفي الليلة المحددة غصت صالة المسرح وشرفاته بالنظارة وفي مقدمتهم ((خالد))، ورفع الستار، وبدت ((ضحى)) في أجمل حلة، وأحسن منظر. وصدحت الموسيقى وانطلقت ((ضحى)) تغني القطعة التالية بصوت ملائكي ساحر، كان يقابل ويقاطع بتصفيق الاستحسان والإعجاب).
الغناء:
غمرت ليلي الجميل طيوف
من نحيب يلوم إثر نحيبِ
وهموم تمر صرعى هموم
ووجيب يجيء بعد وجيب
أترع الكأس من دنان عذابي
وأغني على أنينٍ رتيب
أملٌ ضاع في مجاهل أمسي
وهوًى شاب قبل يوم مشيبي
شيع الليل ساهداً يا فؤادي
وصل الصبح بالضحى بالغروب
شاكياً باكياً غراماً قديماً
والتياعاً يجدُّ في التعذيب
طوح اليأس بالأماني وولت
أمسيات الهنا وضلت دروبي
واعترتني من البعاد ظنون
وظنون المحب سر الشحوب
أيها البدر يا نجى الهيامى
ضاق صدري من البعاد المريب
يزحم الشك خاطري وجناني
فأنا منه في عذابٍ رهيبِ
كلما زحزح اصطباري هموماً
قد أناخت على فؤادي الكئيب
داهمته أشد منها بلاء
يا لقلبٍ معذب مكروب
هجع الليل في فراش الصباح
وعلى لحن صادحات طروب
ومشى الفجر في مطارف تيهٍ
ووشاح من الزهور قشيب
يوقظ الفتنة النؤوم ويزجي
نفحات من الأريج الرطيب
فيه وحي الهوى وحلم العذارى
والهيامى وتمتماتُ الحبيبِ
(وتبصر فجأة خالداً بين المتفرجين، فيفترّ ثغرها ويتورد محياها، ثم تندفع مغنية بشوق وحرارة):