شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(المشهد العاشر)
 

(يصل ((خطّار)) و((خالد)) ((سوق الغرب)) ويأمر الأول السائق بالإسراع في سواقته، وهو يكاد يجن فرحاً إلى جهة داره، ولشد ما كانت دهشته وخيبة أمله عندما شاهد منزله ركاماً تذروه الرياح. تقف السيارة و((خطّار)) لا يصدق ما يرى و((خالد)) واجم أيضاً. ثم يأمره ((خطّار)) بأن ينطلق بهما مسرعاً إلى أقرب مركز للبوليس فيقف هناك ويدخل إلى مقر ضابط البوليس وقد دفع أكثر من واحد من المراجعين ويخاطب الضابط، ويلحق به ((خالد))):

خطّار:

أين لِيلِي؟ وأين داري وملكي؟

   

الضابط:

   

أنت ((خطّار))؟ أين كنت؟

 

(تبدو أمارات الخوف على وجه ((خالد)) وقد خشي أن يفشي ((خطّار)) ما أصابه وخاصة بعد هذه النكبة التي حلّت به، وإذا بـ ((خطّار)) يقول):

خطّار:

   

أتاجر

 

(يرتاح ((خالد)) من جوابه):

الضابط:

قيل في الخطف كنت أحقاً؟

   
 

(ويمتعض ((خطّار)) قائلاً):

     

إنها فرية اللئيم الغادر

 

كنت في نجد في تجارة سمن ومواشي...

   

الضابط:

   

وعدت منها ظافر

 

(ويقطع ((خطّار)) حبل حديثه التافه فيقول):

خطّار:

أين لِيلِي؟

   

الضابط:

لقد بحثنا طويلاً

 

ورجعنا نجرّ ثوب الخاسر

 

ضل سعيي وسعي غيري ولما

 

ينجلِ الصبح في سرانا الحائر

خطّار:

وفؤاد، ألم يفدكم بشيء؟

   

الضابط:

   

قد طويناه في ظلام المقابر

 

(يتهاوى ((خطّار)) على أقرب كرسي إذ لم يعد يحتمل الصدمات المتتالية ويقول بصوت متهدج):

خطّار:

كيف مات الحزين؟

   

الضابط:

قتلاً وحرقاً

   
 

(وينخرط ((خطّار)) في البكاء وهو يقول):

خطّار:

   

يا لها نكبة تشيب الخاطر

 

(ويتذكر ((لِيلي)) ويظن أنها لاقت المصير نفسه فيقول):

 

((لِيلِي)) ترى أين أنت الآن يا لِيلي

 

أأنت تحيين أم مثواك أخدودُ؟

خالد:

لا تبك ((خطّار)) واصبر صبر معتصم

 

بالله…

خطّار:

   

كيف وقلبي اليومَ موؤودُ؟

 

(ويخرج ((خطّار)) من مركز البوليس متكئاً على ذراع ((خالد)) وقد عمَّ الحزن ضابط البوليس وجنوده، وبينما هما سائران يقول له ((خالد))):

خالد:

خل البكاء وقم نبحث....

   

خطّار:

أمن أمل؟

   

خالد:

   

من يدري أنك يا خطّار مجدودُ

 

أنستكين إلى اليأس المرير..

   

خطّار:

أجل

 

لنتركِ البحث فالتوفيق مفقودُ

 

((لِيلي)) قضت نحبها حزناً وقد يئست

 

من عودتي وثوى في اللحد أملود

 

(ويمسح دموعه وعندما يدخلان السيارة يقول له ((خالد))):

خالد:

والآن ما تنوي ((خطّار)) تفعله

   

خطّار:

   

لا شيءُ ((خالد)) إن الفكر مكدودُ

 

فقدت لِيلي ومالي بعدها أمل

 

فالعيش من دونها ذلٌّ وتنكيدُ

 

(ثم يتوقف عن الكلام وآثار الإعياء بادية على وجهه ويعود ثانية ليقول):

خطّار:

الموت خيرُ سبيل لي وقد ذهبت

 

((لِيلي)) ومالي فلا أهلُ ومعدودُ

خالد:

يا أبا ((لِيلِي)) اصطبر

 

يفرج الله الكرب

 

لا البكا يجدي ولا

 

دمعه يطفي اللهب

 

إن ((لِيلِي)) لم تمت

 

إن قلبي ما كذب

خطّار:

إنها ماتت....

   
 

(ثم يصعد زفرة كادت روحه تصعد معها ويقول):

 

أجل، ربّ هذا ما كتب

 

(ويلتفت إلى ((خالد)) ويربت على كتفه قائلاً):

 

بني ((خالد)): إني جد مكتئب

 

فالحزن حطم ما أبقاه لي جلدي

 

فما جزيت جميلاً أنت فاعله

 

ولا يداً رفعت ما أسقطته يدي

 

اذهب لمصر وتابع في مدارسها

 

علماً يضيء سبيل القصد والرشدِ

 

أمّا أنا فسأبقى باكياً أبداً

 

حتى تفارق روحي واهن الجسدِ

خالد:

تبقى وحيداً ولا مالٌ ولا ولدٌ

 

وليس من سائل عنكم بذا البلدِ

 

وكنتَ في نعمة واليوم مفتقر

 

للناس والناس لا ترثي لذي أوَدِ

 

وكان جودك ملء السهل والجبل

 

وفيض برّك أفياء لمبترد

 

واليومَ لا مالَ تهديه لذي عوز

 

فالدهر خان وما أبقى على أحد

 

لا أتركنَّك تحيا لا معيلَ على

 

كيد الزمان وفقد الأهل والولدِ

خطّار:

بنيَّ ما الرأيُ؟

   

خالد:

رأيي أن تفيء إلى

 

أبي وظل أمان وارف ودد

 

(وتروق الفكرة لخطّار فيقول):

خطّار:

شكراً بني سأمضي...

   
 

(ثم يقبّل خالداً قبلة أبوية ويقول له):

 

الوداع إذاً

   
 

(ويلتفت إلى ركام داره وربوع بلده ويقول):

     

وأنت يا موطني بعداً إلى الأبدِ

 
طباعة

تعليق

 القراءات :573  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 17 من 150
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج