قفا نشد باليومِ الأغرِ المُحجَّلِ |
ونزه بشعبٍ في الجزائرِ يَعتلي |
ونملأُ سَمعَ الدهرِ فخراً وعزةً |
ونهتفُ بالمجدِ الطريفَ المُؤثَّلِ |
ونستعرضُ التاريخَ أبلجَ نَاصعاً |
يدِلُّ به (مَرُّ الحِفاظِ) ويأتلي |
ونُكبِرُ في الصِيدِ الكُماةِ (مَواقفاً) |
بها يتهادي كلُّ حُرًّ مُسربلِ |
ونُزجي إلى (الأوراسِ) من بطنِ مكةَ |
تهانيَ (نصرٍ) كالرحيقِ المُسلسلِ |
* * * |
هي العَزَماتُ المُلهِمَاتُ كأنها |
هوادرُ موجِ البحرِ بالنارِ تصطلي |
تلظى بها أشياخُها وشبابُها |
وبيضُ العَذَارى من ثكولٍ ورُمَّلِ |
* * * |
فما يومُ (ذي قارٍ) و (يومُ حليمةٍ) |
بسرٍ ولا ذاك (الإِباءُ) بمعزلِ |
تنزَّت قلوبٌ دامياتٌ قريحةٌ |
مدى ألف شهرٍ بالبلاءِ المُنزلِ |
وعضتْ على الدين الحنيفِ ولم تَزل |
نواجذُها رغمَ الهوى المُتخللِ |
تعاصتْ على الكفرِ البَواحِ وحافظتْ |
على (الآي تُتلى) و (الكتابِ المنزلِ) |
وما إنْ مضى يومٌ عليها وليلةٌ |
بدونِ كفاحٍ في المغيرِ المُخذَّلِ |
* * * |
كأن الثرى من حيثُ رقيتْ دماؤها |
هو الشفقُ المُحمرُّ والسيلُ من علِ |
وطافت بها أرواحُ قاداتها الأُلى |
تروحُ وتغدو بالفداءِ المُعجلِ |
من (ابن أبي سَرحٍ) و (عُقبةَ) والذي |
هو (العائذُ) الخواضُ عندَ التَّوغُلِ |
فألقتْ إلى الهيجاءِ وهي مَغيظةٌ |
بأفلاذِها من كلِّ أشوسَ صَيقَلِ |
أروهم (نجومَ الظُّهرِ) والنقَعُ أسودُ |
وهم بين مبهورٍ وبَين مُجندَلِ |
يخافونَ أشباحَ الرؤى في سُباتِهِم |
وأرواحُهُم مَشدودةٌ بالتوهُلِ |
وما قلَّ منهم في الصِّراعِ عَتادُهم |
ولكن بغوا فاستهدفوا للتزلزلِ |
وما راعَهُمْ إلا (المَنايا) كأنها |
قواصفُ رعدٍ أو حواصدُ مِنجلِ |
بأيدي كماةٍ من نِزارٍ ويَعرُبٍ |
ومن كُلِّ ذي بأسٍ شديدٍ مُزَمَلِ |
يرونَ الحياةَ الموتَ والموتُ عندَهُم |
(خلودٌ) ولا يخشونَ غيرَ التبذُّلِ |
تحدوا قوى الطُغيانِ وهي رهيبةٌ |
وأَلقوا عليها أيَّ درسٍ مُفصَّلِ |
مئاتٌ أُلوفٌ عشرةٌ بعدَ عشرةٍ |
تولتْ كأرجالِ الجَرادِ المُهجولِ |
* * * |
ولو أنَّهم ظلوا هُنالِك لم يعدْ |
إلى (السينِ) منهم غيرُ باكٍ ومُعوِلِ |
كذلك كانت في (الملاحمِ) والوغى |
(جزائرُنا) في شعبِها المُتكتلِ |
هي (العَربُ العَرباءُ) أصلاً ومحتداً |
وأرحاؤها أبنائها في التحملِ |
مواكبُها عَبرَ البِحارِ حَوافلٌ |
بكُلِ عَظيمٍ بالفَخَارِ مُكللِ |
* * * |
وما كانَ يوماً للحضاراتِ قيمة |
بغيرِ هُدانا هَدى أكرمِ مُرسَلِ |
ومهما تواصينا بلمِّ شَتاتِنا |
حُظينا بنصرِ اللَّهِ غيرِ مؤجلِ |
* * * |
وفي ذمةِ اللَّهِ المُهيمنِ من مَضوْا |
وماتُوا فعاشوا في (الخُلودِ) المُكمَّلِ |
أولئك ضَحوا في سبيلِ بلادِهمْ |
بأرواحِهِم في كُلِّ ماضٍ ومُقبِلِ |
هُم شهداءُ اللَّهِ والعصبةُ التي |
بها تُضربُ الأمثالُ في كلَّ مَحفلِ |
تنادوا إلى الحُسنى وما ضلَّ سعيهُم |
وإِنَّ لهم بالفضلِ كلُّ مُخولِ |
جماجِمُهُم كانت أساساً لصرحِهِم |
فلا بَدعَ أن يعلو على كلِّ مُعتلِ |
* * * |
على أنَّهم أوشاجُنا وفِجاجنا |
موحدةٌ رغم العَدو المُنكَّلِ |
(عقائدُنا) إيمانُنا وسيوفُنا |
بأيماننا من كُلِّ عضبٍ ومِنصلِ |
وكالشامِ مصرُ والعراقً مودةً |
وكلُّ معم في (العروبةِ) مِخولِ |
سواءٌ لدينا في الأُخوةِ من دَنا |
ومن حلَّ (بالدأماءِ) أبعدَ مَنزلِ |
إِذا ما تشكوا نشتكي من جِراحِهِم |
ونفرحُ ما فازوا بكُلِ مُؤمَّلِ |
* * * |
وفي السنواتِ السبعِ كُنا وراءَهم |
نُجاهدُ ما اسطعْنا بغيرِ تَمهُّلِ |
مَشينا إليهم بالقلوبِ خَوافِقاً |
وأكبادُنا حَرَّى على كلِ مَنهلِ |
تُكابِدُنا (البطحاءُ) تَجري رياحُها |
وتنطلقُ (الدهناءُ) وأعرافُ (يذبلِ) |
ويقدُمنا في ذلك (العاهلُ) الذي |
به اعتزَّ دينُ اللَّهِ أعظم مفضلِ |
أفاض سخاءً واستجابَ نداءَها |
ولبى صريخَ النارِ في كلِّ معضلِ |
وأسعفَها من حيثُ شاءتْ سياسةٌ |
وحرباً ووقاها بكُلِّ مُهللِ |
(سعودٌ) طويلُ العمرِلا زالَ للهُدى |
وللدين والإِسلامِ أمنعَ مِعقَلِ |
وحيَّاهُ (ربُّ البيتِ) أيانَ ما احتبى |
ومكَّنَهُ من دَحرِ كُلِّ مُضلِلِ |
وحيا (وليَ العهدِ) ذُخرَ بلادهِ |
بما هي ترجو من جنوبٍ وشَمألِ |
هو الفيصلُ البتَّارُ قاهرُ خَصمِهِ |
وحَسبُ بني عدنانَ إقدامَ (فيصلِ) |
تولاهما الرَّحمنُ بالحِفظِ ما شَدا |
على الأيكِ صَدَّاحٌ وساجِعِ بلبلِ |