شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تقليد غربي
• بدافع من غيرته على لغته وعروبته؛ كان "الغربال" يناضل وينافح ويجاهد في سبيل تقويم الاعوجاج الذي طرأ على بعض الألسن المقلدة كالببغاء لغة لا تفهمها وبالتالي ليست هي بحاجة إليها.
كتب مقالاً في العدد 386 وتاريخ 30/12/1350هـ في (أم القرى) تحت عنوان (نحن والتقاليد) أشار فيه إلى ما بلي به مجتمعه من تقليد أعمى لبعض الأشياء (دون تبصر ولا تمعن، نقلد غيرنا في كل ما يعملونه أمامنا، وفي كل ما نسمع عنه، حتى تسممت أفكارنا بكثير من التقاليد التي لا تلائم وطننا وزينا).
إنه يشعر بغربة حين تتردد على سمعه ألفاظ أعجمية، يمكن استبدالها باللغة الفصحى التي وسعت كل شيء. ماذا يسمع؟ (فوت بول، سنترال، قول آلو) يقول "الغربال":
(إني مغتاظ من هذه الكلمة (آلو) جداً، لسبب سيطلع عليه القارئ ترك في نفسي ألماً لا يمحى إلا إذا محي استعمالها، أظن أنه لا يوجد خمسة في المائة من الذين يستعملون الهاتف في الحجاز يستعملون كلمة (من) بدلاً من كلمة (آلو). ولقد أصبح الرئيس والمرؤوس والسيد والخادم يستعملها، وبخاصة الدوائر الرسمية التي يجب عليها أن تحافظ على اللغة العربية أكثر من غيرها، لأنها هي الإمام، وليس هذا وحده الذي ينطبق على الدوائر الرسمية، لا بل في الزوايا خبايا سنأتي عليها عند غربلتها).
ثم يذكر هذا الموقف عن كلمة (آلو) التي لم تعجبه:
(ضمني وجملة من الوفود – مصريين وسوريين وهنود – مجلس، وبينما نحن جلوس دق منبه الهاتف، فقام صاحب الدار ورفع السماعة قائلاً: (آلو.. آلو.. آلو) لم ينتقد أحد من الحاضرين العرب هذه اللفظة إلا هندي هناك، أنكر ذلك فخاطبني بالعربية المكسرة: (آلو في المكة؟ هذا كلام إنجليز!!).. لم أسمع كلماته حتى امتقع لوني وحرت جواباً فابتسمت له متصنعاً الابتسامة، ووليت برأسي إلى الأرض، والألم يقطع كبدي.. وكأن ذلك المنتقد أدرك شيئاً مما يجول بخاطري حفزه على معرفة الحقيقة فوضع كفه على جبهتي، ورفع رأسي وهو يقول: ( قول آلو في المكة كثير). عند ذلك لم أستطع أن أخفي الحقيقة، فأجبته بصوت خافت: نعم. فامتعط وجهه وردد كلمات بالهندية لم أعرف منها إلا ما يلي: (عرب آلو. إنجليز.. لا حول ولا قوة إلا بالله) والله إنه لنا بصير ومحق في انتقاده.. ومسيئون نحن في تداول هذه اللفظة وأمثالها، لأننا نحن عرب، واستعمالنا هذه الألفاظ، وتركنا لغتنا ولغة الأدباء والأجداد وهي أم اللغات وأكثرها لفظاً وأوضحها منطقاً، لما يشل في حركتها ومن ثم يقضي عليها – لا قدر الله – وقل مثل ذلك في : سنترال، ومكرفون، وتلفون، لو استعملنا بدل ذلك: مركز، وسماعة، وهاتف، لكان ذلك أجمل وأشرف لنا وللغتنا، فهل نحن منتهون؟!).
من المؤسف أن المجتمع العربي كافة لا يزال معظم أفراده متمسكاً بالتقليد والتغريب، غير آبه بالتعريب.. ولا تزال (آلو) هي السائدة، مع الألفاظ الجديدة الأخرى التي أضافتها التقنية الحديثة!.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :405  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 40 من 111
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.