شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الدراجات
ينظر "الغربال" إلى كل منجز حضاري جديد يدخل إلى مجتمعه، على أنه يحمل جانبي النفع والمضرة، فيكشف النواحي الإيجابية والسلبية لهذا المنجز المستخدم، لتكون الصورة واضحة أمام الناس، لاتخاذ القرار المناسب.
وصادف أن دخلت "الدراجات" إلى بيئة الغربال كمنجز حديث استوردته من الخارج، لاستخدامها في أغراض معينة، غير إنه سرعان ما جنح هذا الاستعمال إلى ناحية مضرة استدعت الغربال أن يكتب عنها في العدد 406 المؤرخ في 22/5/1351هـ في جريدة أم القرى.
(انتشرت الدراجات في حجازنا، أو قل إذا شئت حمير الشياطين – لأنه يوجد قسم غير قليل من عوامنا لا يزال حتى الآن يسميها بهذا الاسم، وبالطبع وافق ذلك الانتشار وكثرة المتعلمين والمستأجرين – ولكن هذا الانتشار وذلك الإقبال أضرنا كثيراً وحملنا نفقات باهظة، أثرت على اقتصادياتنا، وأكسبت أبناءنا طباعاً غير حسنة، وإذا شئت فقل غير شريفة، لأنه مبني على غير قاعدة ولا رواية، يغرنا الجديد بزخرفته وبهرجته وطنطنته، فنقبل عليه ودون تفكير وبغير تمعن ولا تدبر، ثم بعد مدة نقف إزاءه حيارى، لا نجد دواء لذلك الداء فنندم حيث لا ينفع الندم، يأتينا الجديد وهو يلمع ويبرق ويرعد، لا حباً في سواد عيوننا ولا رحمة بنا، لا بل لابتزاز أموالنا ونهب ثرواتنا، وإذا شئت فزد على ذلك فساداً في أخلاقنا وسوءاً في تربيتنا، فيجد منا التشجيع والمساعدة بدل المقاطعة، وليت ذلك في شيء يفيدنا بوجه من الوجوه، وعمل مثل هذا مؤلم ومؤسف ومضر ومهلك، يجب أن نتجنبه ونبعد عنه إذا أردنا أن نحيا حياة سعيدة).
ثم يبدأ في عرض الفوائد التي يمكن أن نجنيها من "الدرجات".
(صنعت الدراجات للاقتصاد في الوقت ولقطع المسافات البعيدة، صنعت الدراجات لأجل أن يستطيع ساعي البريد تسليم ما لديه من تحارير وبرقيات لأصحابها في مدة وجيزة خوفاً من التأخير والتعطيل، صنعت الدراجات لكي يستطيع البوليس أن يؤدي مهمته في وقت قصير، ولهذا وأمثاله صنعت الدراجات واستعملت، ولو استعملناها لأكبرنا هذه الفكرة وقدرنا هذا العمل..)
ويعرض في ذات الوقت صور الاستعمال السيئ للدراجات:
(ولكنا مع الأسف استعملنا الدراجات لنقطع بها الشارع العام ذهاباً وإياباً دونما سبب، استعملنا الدراجات ليدفع العامل المسكين أجرته اليومية، أجرة على قضاء ساعة أو أكثر أو أقل على ظهرها، ثم يبقى صفر اليدين عالة على والده المسكين وأمه الغلبانة.
واستعملنا الدراجات لنجعل أبناءنا يمدون أيديهم لزيد وعمر، ومستعطفين حتى يتجمع عندهم ما يمكنهم دفعه أجرة لها، ولربما كان ذلك سبباً..
استعملنا الدراجات لإيجاد طرق للتبذير فيها زيادة عن الطرق الموجودة كأنها قليلة أو سهلة، وزد على ذلك ما ينتج من جروح ورضوض وآلام في أول استعمالها حين المسابقة والاصطدام).
ثم يوضح "الغربال" وجهة نظره في هذه الظاهرة: (أرجو أن يعرف القارئ أني لست بقولي هذا، أدعو إلى عدم استعمال الدراجات في حجازنا، لا، بل أن أدعو الأمة لتستعمل الدراجات في الأشياء اللازمة والتي صنعت من أجلها، وليكون الآباء قوامين على أبنائهم، فلا يتركون لهم الحبل على الغارب ليسعوا في الأسواق لإزعاج المارة دون داع لذلك الإزعاج، يجب أن نستعمل الأشياء في مواضعها، وفي أوقاتها الضرورية اللازمة بشكل لا يؤثر على اقتصادياتنا ولا يضر بأخلاقنا..)
وحين يتناول "الغربال" ظاهرة ركوب الدراجات في زمانه، فإن الصورة تتكرر في زماننا هذا ولكن في وضع أكثر حداثة، فالدراجات لم تعد تلك المشكلة، فقد أصبحت "السيارات" هي الظاهرة و "المشكلة" حين وضعت في أيدي صبية لم يحسنوا استعمالها، فجلبت بسوء الاستعمال كوارث لا تحصى ولسنا هنا بحاجة إلى شرحها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :355  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 39 من 111
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.