شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رجال كالنساء
من المظاهر المرتبطة بشخصية الفرد ومظهره، تلك التي شاعت عند البعض في زمن الغربال، وهي "تربية الشوارب واللحى" بطريقة مخالفة للسنة، وكذلك "إطالة شعر الرأس أو تقصيره" على طريقة (التواليت) وهذا التعبير هو الشائع آنذاك، وإن كان الآن له معناه (الأجنبي) المغاير.
كتب الغربال عن هذه الظاهرة في العدد 388 وتاريخ 1351هـ (أم القرى) وتحت عنوان (نحن والتقاليد) تناول في مقاله ظاهرة (اللحى والشوارب، والتواليت) فقال: (وصل إلى الحجاز الشوارب المقطوطة، واللحى المكعبة، وسرعان ما انتشرا وعمّ جميع المدن الحجازية على الإطلاق، واعتنقه الكثير من الشباب الناهض، فأصبحنا نرى شوارب مقطقطة ولحى مكعبة، أو إذا شئت قلت مشوهة، أشياء لسنا في حاجة إليها، ومن العيب علينا استعمالها، نحن عرب فما لنا وهذه التقاليد المضرة الهالكة المشوهة لخلقنا والمخالفة لأصول ديننا، والقاضية على تقاليدنا وشخصيتنا العربية، ولا أعرف بل ولا يوجد صلة تربطنا بهذا التقليد الأعمى حتى نأخذه ونعتنقه، ومن الغريب أن من المقلدين لهذا النوع قسماً من الشباب المتعلم الذي يلتون ويعجنون في ذكر العرب والعربية).
ثم يصف الحال بوضوح: (وهناك شارب "الطرة" والغريب إنه، وإذا شئت فقل والمصبية من أمر هذا التقليد، إننا نجد أصحابه، بينما هم يحافظون على الشوارب ويبرمون فيها نهارهم، ويربونها كما تربى المرأة شعرها، نجدهم يحلقون لحاهم – والعياذ بالله – لا أعرف ماذا يريدون من وراء ذلك وماذا يبتغون؟.. هل يريدون أن يكونوا جرداً مرداً؟ أظن كذلك!! الرجل يبلغ سن الرجولة (ولا حول ولا قوة إلا بالله) فيقدم على أشياء ترجعه إلى عهد الطفولة، فيحلق لحيته، ويربي شاربه كأنه يأبى إلا أن يمتع نفسه بذلك العهد الماضي، وهو لا يعرف كيف مضى، فيبعد عن نفسه شوك اللحية.. كما يقول بعضهم، والشارب شاربي وأنا أدري بنفسي. شيء غريب إذا كنت ترضى بالنقص لنفسك، فالدين الإسلامي لا يرضى بذلك ولا يقره، والشخصية العربية تنفر منه، ولا تحب أن تتقيد به، ما دمت أنت من اتباع هذا المذهب، ومن أبناء تلك الأمة فالواجب الديني، والقومية العربية تحتمان عليك أن تتقيد بقيودهما، وإني أقول ما أقول، مؤملاً من أولئك النفر، العدول عن هذه الخطة، خطة التقليد الأعمى، إن الواجب الديني يحتم علينا العدول عن ذلك، وبصفتنا مسلمين موحدين يجب اتباع ما يأمر به وينهى عنه).
أما ظاهرة "التواليت" فقد أشار إليها على أنها عادة دخيلة، وتقليد أخذه الشباب من الغرب، وطريقة عمل "التواليت" تتم – كما شرحها – على النحو التالي:
(والآن لنستعرض تربية الشعر في حجازنا أو التواليت، كما يسميه المغرمون بهذا التقليد. فنجد لهم طرقاً مخصوصة لغسله وتنشيفه، ومشطه ودهنه وصقله، ولهم (عُدَّة) مخصوصة تحتوي على الصابونة، جنس جيد إن لم يكن (ممسك) – اسم نوع من الصابون وهو الممتاز آنذاك – والمشط، والمرآة، وسكينة – أي موسى – (جنس جفرليت جلاتين) وقارورة الوزلين، وقارورة الكولونيا، وأشياء كثيرة لا أعرفها. والمستعملون للتواليت في مكة، بعض من الشباب، أما في جدة فهو منتشر فيها انتشاراً عظيماً، أما في المدينة فقليل، وأستطيع أن أقول يكاد يكون معدوماً في بقية المدن الحجازية، وإني أخجل أن أقول أن أكثر المستعملين للتواليت في الحجاز هم من الشبيبة التي نعلق عليها آمالاً عظيمة).
وبعد وصفه للأدوات التي تجهز قبل الحلاقة يبدأ في شرح العملية:
(يقوم صاحب (التواليت) من الصباح، فيشمر عن ساعد جهده واجتهاده، ويغسل رأسه، ثم يُنشفه جيداً ويمشطه بعد أن يضع عليه الكولونيا ما شاءت له نفسه الأمارة بالسوء بعد كل هذا يمشي الموسى على لحيته (لأجل أن يأخذ إن كان هناك زغب أو شعر ظهر جديداً، أو شيء يعكر صفو الخد ونعومته) ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقد تستغرق منه هذه العملية من نصف ساعة إلى ساعة، وهذا الوقت لا يؤثر عليهم لأن من عادتهم ضياع الوقت سدى، ثم يتساءل بحسرة: ما هي الفائدة التي نجنيها من ورائها؟ أقول وأنا على يقين من قولي إننا لا نجني من ورائها غير تبذير الأموال والتشبه بالنساء، والتقليد الأعمى، والله لا نجني من وراء ذلك غير الضياع والإهمال والقضاء على شعارنا وزينا العربي، بل ونخالف الشريعة في ذلك).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :413  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 38 من 111
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.