شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الرياضة والشباب
لم يكن تفكير "الغربال" بعيداً عن معرفة الأهداف التربوية للرياضة، والتي كانت ألوانها محصورة في (كرة القدم) بل إن معرفته عن الرياضة تتعدى ذلك لتصل إلى الإلمام الشامل لتاريخ هذه اللعبة.
ففي مقال له نشر في العدد 387 بتاريخ 7/1/1351هـ تحت عنوان (نحن والتقاليد) كتب عن "الرياضة" وبين ظهور لعبة كرة القدم كرياضة جديدة في الحجاز موضحاً الحقائق التالية: (إن هذه الظاهرة الجديدة لها في الأمم الراقية مقام عظيم لما تحويه من المنافع الرياضية، وهذه الرياضة ليست لأوربا كما تدعي، بل إن مخترعيها هم العرب، إلا أنهم كانوا يتناولونها بالصوالج (العصى المعقوفة الرأس) بدلاً من الأقدام وإليك قول الشاعر:
والخيـل تلعب بالقتلـى سنابكهـا
لعب الصوالج يوم الـروع بالأكـر
فأوربا استعاضت عن الصوالج الأقدام. وادعت تلك الرياضة لها، عادتها في كل شيء، وليس هنا موضع البحث وعسى أن نأتي عليه يوما ما.
ثم بدأ في عرض القضية: (لقد انتشرت كرة القدم في حجازنا، وانتشرت معها ألفاظها الأجنبية التي تدل على مدلولات أخرى هي جزء منها، وبقدر ما سررت بهذه الرياضة في بلادنا بقدر ما أطلب مقاومتها، وقد سمعت مؤخراً تشجيعها من مواطنينا، استأت من استعمالها لألفاظها الأعجمية، وأن بعض الأدباء في جدة عربا جميع ألفاظها واستعملوها، وإني أشكر لأولئك النفر تلك العاطفة، وأغبطهم على هذا الإحساس والشعور الذي دفعهم لذلك، الذي ترك في نفسي أحسن الذكرى لهم، وإني أطلب من الحجازيين أن يحذوا حذوا إخوانهم فيستعملوا العربية بدل غيرها، وبذلك يخدمون لغتهم ووطنهم، كما إني أطلب من جريدة (صوت الحجاز) وهي التي نعلق عليها آمالاً عظيمة، أن تعتني بالاستحصال على هذه الألفاظ ونشرها، لأنها خصصت منها قسماً للرياضة الأمر الذي جعلنا نكبر لها هذه الخدمة، ونقدر لها هذه المساعي وبذلك تكون الفائدة أعم، لأن المرمى الذي نرنوا إليه جميعاً هو الخدمة الحقة للوطن والأمة).
من كلامه يتضح لنا مدى غيرة "الغربال" على لغته العربية، والتي يخشى عليها من تسرب بعض الألفاظ الأجنبية إلى ساحتها، فكرة القدم لها شعبيتها المنتشرة، ويتجاوب معها قطاع كبير من المجتمع، فكان من الضروري أن يحافظ هذا المجتمع على السمة العربية في المفردات التي ينطقها خاصة ولغتنا العربية (كالبحر في أحشائه الدر كامن) والبديل للمفردات: (أوف سايد، قون، سنتر فرويد، كورنر.. وغيرها ) موجود في القاموس العربي. ولقد أدركت الرئاسة العامة لرعاية الشباب منذ تأسيسها هذا الأمر فوجهت القائمين على الرياضة في بلادنا وخاصة المعلقين إلى ضرورة الالتزام باللغة العربية، وتجنب استعمال المفردات الأجنبية في ذلك.
وكرة القدم التي أيد "الغربال" انتشارها لما تمثله من "فروسية وأخلاق" وجد بأن بعض المتفاعلين مع أحداثها يسيئون فهم أهدافها، بتعاملهم السلبي أثناء إقامة المباريات. وقد لاحظ سيطرة (العداء المستحكم حلقاته بين بعض الفرق الرياضية وبالأخص في جدة) (1) مما يبعدها عن روح التنافس الشريف. ثم إن بعض الناس من جمهور الرياضة لم يوازن بين الواجب والاستمتاع بمشاهدة الكرة فهم (واقعون الآن تحت تأثيرها، والتي شغلتهم عن أشياء كثيرة، من واجباتهم، وصارت حاجزاً منيعاً دون ذلك، تسرب ذلك إلى غيرهم، فانصرف التاجر عن متجره، وصاحب الحانوت عن حانوته، والتلميذ عن مدرستهن والعامل عن عمله) وتعدى الأمر إلى ترك بعضهم الفريضة، وقد تلقى "الغربال" عدداً من رسائل القراء تشرح بعض التصرفات السلبية التي دخلت على الرياضة آنذاك مثل:
يقول أحدهم: (إني أعرف عدداً غير قليل من الأدباء وأرباب الحرف، وأصحاب الأعمال تركوا أعمالهم بلا تردد، لا يهمهم إلا أن يؤذن العصر فيخرجوا إلى ملاعبهم إلى أن قال: ولقد صرح لي كثيرون وزبائنهم يحلمون في الليل بالكرة والقون، والأوف سايد، وإن التعب أثر على أفكارهم وأجسامهم، وعطل أعمالهم، ومع ذلك فهم لا يستطيعون سلوها قطعياً، ولقد تعرضت لأحدهم لأثبط همته فغضب، ولكن نسي تلك النفوس التي تشقي وتتعذب دون أن تشعر أو تحس، نسي الصانع عمله الذي خلاه، نسي الصغير الذي ترك أمه في الظلام تنتظر قدومه لاستحضار ضروريتها، نسي تلاميذ المدارس الذين ضيعـوا فرصة يذاكرون فيها دروسهم).
وقال آخر: (فرق الرياضة في جدة كثيرة منها الاتحاد والرياضي والفلاح والأخاء والتآلف والاتفاق والنجاح والفريق المختلط والشهير بالعدنيين، وهذه الفرق لا يوجد بينهم اتفاق غالباً، بل العداء والبغضاء أقرب بينهم، أو هو مستول عليهم، وفي بعض الأحيان يصل إلى حد الملاكمة.. وإني أخشى أن تصل إلى معارك شديدة كمعارك المزمار).
* وخشية "الغربال" من استفحال مثل هذه الأمور السلبية تعود إلى (أن الذين يعتنون بكرة القدم في جدة ومكة، وهم الشباب الناهض، وأكثرهم في جدة من المثقفين الذين نطلق عليهم لفظ أدباء، وهؤلاء هم رجال الأمة الذين نعلق عليهم آمالاً كثيرة، وإن واجبهم يدعوهم للعمل والمصلحة العامة، والسعي فيما يعود بالنفع على وطنهم وأمتهم أكثر من غيره وقبل كل شيء، ثم إن على المتعلم المثقف من الواجبات أكثر من الذي على غيره، لأن عمله وتثقيفه حـمّله واجبات لا يصح أن يحملها الجاهل..).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :903  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 33 من 111
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج