شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الأسرة والطفل
ولأن الطفل هو رجل المستقبل، فإن عناية الأسرة المنزلية به واجبٌ يلزمها أداءه.
وقد تنبه "الغربال" إلى خطورة إهمال التنشئة الأولى للطفل، فكتب عن هذا الأمـر في جريـدة أم القرى العدد 394 وتاريخ 26/ 2/ 1351هـ (لأن العائلة هي المدرسة الأولى للطفل، بين أفرادها ينشأ وفي وسطها يترعرع ومن طبائعها يقتبس، وما يغرسونه في نفسيته من عادات وأخلاق يشب عليها، وما يعودونه من طبائع يأتلفها، وما يعملونه من كلام ينهج منهجهم فيه، لا رأي له في شيء ولا قوة في عمل المحاكاة والتقليد، هما عنده كل شيء فإذا كان ما حول الطفل من الأقوال والأعمال حسناً كانت نشأة الطفل حسنة وإذا كان ما حوله سيئاً كانت نشأة الطفل سيئة).
وقد لاحظ أن في مجتمعه من يفرط في تدليل الأبناء، فيسيؤون إليهم (من حيث يظنون إنهم يحسنون صنعاً) وهناك من يقول للأطفال (هذا مضر وهذا قبيح ويرتكبونه أمامهم) والطفل بطبيعته يقلد أبويه، وقد عزا ذلك إلى جهل البعض بأصول التربية.
ثم وجه اللوم إلى الأدباء والكتاب في زمانه الذين لم يتناولوا مثل هذه القضية في كتاباتهم: (وأني آسف لبعض أدبائنا وكتابنا المنصرفين عن الكتابة في هذه الأشياء التي تهمنا، والتي نحن في أشد الحاجة إليها - ولو أنهم أعطوا المواضيع التي تهمنا من عنايتهم لعاد النفع على الأمة، والأمة كما تعلم أيها القارئ تحتاج إلى كل شيء، وإلى من يرشدها في كل شيء).
وحقيقة كان معظم الأدباء والكتاب في ذلك العصر يميلون إلى الكتابة في الشعر والأدب وما يدور في فلكهما، وإن كانت هناك قلة تعنى بأمر التعليم وإصلاح شأنه مثل الأساتذة الأدباء أحمد السباعي، ومحمد سعيد العامودي ومحمد حسن كتبي، وأمين بن عقيل. وهذا الأخير كتب عن التعليم الصالح للحجاز في المؤلف المشهور (وحي الصحراء) جاء فيه في (ص 139).
(.. كما أن الطالب في هذه المدارس، إنما يدفعه أولياؤه للمدرسة دفعاً، ليكفوا أنفسهم مؤنة تعبه وعنائه، وتبعة مراقبته وملاحظته، وأخيراً للشفقة عليه من الجري والركض في الأسواق في وهج الشمس المحرقة، وتقلبات الجو المخيفة يحجزونه في هذه المدارس ليتفادوا كل ما حسبوه يتطلب عناية ومجهوداً، ويكلف تعباً ونصباً!! أما التعليم المنتج، أما كبت العواطف الشريرة، وتوجيهها نحو الخير والصلاح، أما انتزاع بذور الفساد من نفسيته، وتشذيب أخلاقه وصقل ذهنيته ليكون رجلا صالحاً في الحياة.. فهذا آخر ما يفكرون فيه. بل لعل ذلك فوق ما تتصوره أفهامهم، وتحيط به مداركهم، ثم هو أبعد فعالاً وأصعب غاية أن تقوم به مدرسة كهذه المدارس).
ويلاحظ القارئ ميل الأستاذ أمين بن عقيل للأسلوب الأدبي في كتابته للموضوع فنجد عبارات لغوية مثل (تشذيب – مؤنة – نصب ) وغيرها استعملها في موضوع اجتماعي، بينما نلاحظ تمسك "الغربال" بالأسلوب (الصحفي) القريب إلى أذهان العامة ليتمكن من الوصول إليها بسهولة ويسر.
نعود للغربال لنجده يحث وبشدة على ضرورة العناية بالطفل: (أن بعض العوائل مقصرة في أشياء كثيرة، وأن الطفل المسكين مظلوم في وسطها – إن غذاء الطفل في حجازنا سيء، ونشأة الطفل الصحية سيئة – إن على إدارة الصحافة في هذا واجباً عظيماً، ويجب أن توجه قسماً من عنايتها نحو ذلك، وتعمل بكل الوسائل التي تعتقد أنها تفيد).
إن خشية صاحب (الغربال) على ( جيل المستقبل)، أن ينشأ ضعيفاً متواكلاً دفعته لأن يكون أكثر صراحة وجرأة في الإعلان بإن الطفل قد أهملته الأسرة وإن الواجب يدعو لإنقاذه عبر وسائل عديدة يمكن أن يقوم بها المجتمع لتصحيح الوضع.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :393  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 31 من 111
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الشعرية والنثرية الكاملة للأستاذ محمد إسماعيل جوهرجي

[الجزء الخامس - التقطيع العروضي الحرفي للمعلقات العشر: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج