شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الشيخ أمين الماحي
أحد الرجال العظام، الذين صنعوا البدايات الأوَل، وأضاءوا المشاعل الأوَل لِحركة التعليم في الجزيرة العربية الشيخ أمين الماحي، مؤسس كتّاب الماحي بالشبيكة الذي تحول بعد ذلك إلى المدرسة الأهلية في رباط (جوناقد) الهندي.
والده محمد الماحي فهو أمين محمد الماحي، نشأ في مكة متصلاً اتصالاً وثيقاً بالشيخ عبد الله حمدوه السناري مدير مدرسة الفلاح بمكة، فيما بعد تزوج الشيخ أمين إحدى بنات الشيخ عبد الله وتولى باسمها الطوافة لمدة سنوات، حتى استطاع بعد ذلك الاستقلال عنها بالطوافة للسودان حتى توفي رحمه الله.
حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب في مبدأ حياته، والتحق بمدرسة الفلاح بعد تأسيسها في محلة "القشاشية" بجوار الحرم المكي بمكة المكرمة، وطلب العلم على عدد من فضلاء المشتغلين بالعلم والقراءة والتدريس في المسجد الحرام، ويسكن في ما يسمى اليوم "جبل عمر" المشرف على محلتي الشبيكة والهجلة من مكة، وبعد بقائه بضع سنين في مدرسة الفلاح معلماً بها استقل في عام 1339هـ بإنشاء "كتّاب" سمي باسمه "كتاب الماحي" في محلة الشبيكة، فالتحق به لفيف من فتيان المحلة وغيرها، وما لبث هذا الكتّاب أن اشتهر واتسع وكثر طلابه فسماه "المدرسة الأهلية" في أوائل العهد السعودي عام 1343، واختار له عدداً من المعلمين، وأدخل فيه بعض العلوم الأدبية والإنشائية والمحفوظات والفقه والنحو، فأقبل الطلاب عليه. وكان من معلمي هذه المدرسة في أول عهدها من كانوا أساتذة لي فيها يوم التحقت بها في عام 1346هـ: الأستاذ عبد الكريم طيب، والشيخ علي مود الباني، وأستاذ مصري انتدب من قبل مديرية المعارف يوم أشرف عليها الشيخ كامل قصاب المربي، الشامي الشهير، ومن معلميها بعد ذلك بسنوات عبد الله كوشك، وصدِّيق بشير أحمد، وعبد الله متولي، وجميل حكيم، وعبد الله باجودة، والشيخ ماجد كردي من مشاهير مكة يومئذ، وغيرهم، وبقيت المدرسة الأهلية في مباني رباط وقف حكومة (جوناقد) من مهراجات الهند المسلمة أكثر من عشرين عاماً، ثم انتقلت المدرسة منها إلى مبنى آخر مجاور، لمدخل مسجد المحجوب المعروف في تلك الساحة المسماة باسمه وظل فيها سنوات عديدة، كان طلاب مدرسته يزيدون ويتناقصون، وهو مقبل على أداء مهمته في تعليمهم وتحفيظهم القرآن الحكيم، فقد كان حافظاً مجوداً لا يكف لسانه عن التلاوة، وهو الذي حفظني القرآن في عام 1346 و 1347 وجعلني أصلي التراويح إماماً بطلاب المدرسة وبرجال محلة الشبيكة المجاورين للمدرسة عامين متواليين وكنت أقيم صلاة التراويح عشرين ركعة أتلو فيها كل ليلة من ليالي رمضان في العشر الأوائل جزءين كاملين من القرآن حفظاً عن ظهر قلب، وفي العشرين الأخيرة من ليالي رمضان أقسم العشرة أجزاء الأخيرة من القرآن عليها حتى يخف على المصلين القيام والأداء. وتقيم المدرسة في نهاية رمضان حفلة يشترك فيها المصلون، ويدفع والدي باعتباري الإمام ما يوزع خلالها من المرطبات بعد ختم صلاة التراويح ليلة العيد.
في بعض أدوار ازدهار هذه المدرسة الأهلية بلغ عدد طلابها بين المائة وبين الخمسين طالباً، ثم توالت السنوات فتناقص المنتسبون إليها كما كانوا في أوائل عهد إنشائها إلى عشرات من الطلاب.
وكان للشيخ أمين في أواخر شيخوخته مكابدة مجهدة في مواصلة أداء مهمته التي اضطلع بها أكثر من ستين عاماً، فكان وحيداً يكافح في خدمة المدرسة، وفي خدمة الحجاج السودانيين الذين يفدون على اسمه لأداء فريضة الحج، فيرعى شؤونهم ويشرف على خدمتهم، وأنشأ لهذا مكتباً عاونه فيه أبناؤه محمد صالح ومحمد بشير.
وضعف نظره في أواخر سني حياته وأجهدته الحياة، فوهن جسمه حتى فقد النظر وتهاوت صحته، ومع كل هذا بقي صامداً صابراً يجابه شؤون حياته وأداء رسالته حتى توفاه الله عن عمر ناهز الخامسة والتسعين عاماً، ففقدته مكة معلماً مربياً لأجيالها الكثيرة الذين تسلموا بعد تخرجهم من مدرسته مناصب عديدة، وكان منهم الأستاذ عبد الله عريف الأمين العام للعاصمة الذي كان زميلاً لي بتلك المدرسة في عام 1346هـ و1347هـ، قبل انتقالنا معاً إلى مدرسة الفلاح في عام 1348هـ، حتى تخرجت من الفلاح في عام 1353هـ، ثم التحقت في عام 1355 بالجامعة الأمريكية في بيروت إلى عام 1361هـ، حيث عدت إلى مكة فالتحقت بالمكتب الخاص لوزير المالية يومئذ الشيخ عبد الله السليمان، حيث بقيت به نحو ستة شهور انتقلت منه في عام 1361هـ إلى الشعبة السياسية بديوان الملك عبد العزيز في الرياض، ومنه تدرجت إلى أن أصبحت مديراً للمديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر التي كلفت بإنشائها في عام 1374هـ. وفي عام 1381هـ أصبحت وزير الدولة للإذاعة والصحافة والنشر، حيث تحولت هذه المديرية وهذا اللقب إلى وزير وزارة الإعلام، وبقيت فيها إلى أن تقاعدت في عام 1382هـ- 1962م.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :834  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 14 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.