شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
إذا قرب المزار فأنت مني
من أوّل الأمور التي لفتت نظري في المجتمع الغربي ضحالة علاقة الصداقة بين الأوروبيين بالمقارنة بما نعرفه عنها في بلداننا العربية حيث يصبح الصديق بمنزلة الأخ وفرعاً من فروع العائلة ويفعل من أجله الكثير مما يجوز ولا يجوز. لعلّ في ذلك ما يفسّر لنا انتشار الشعر الإخواني وشيوعه بين الشعراء العرب. نجد في كثير مما قالوه عواطف جيّاشة لا تقل كثيراً عمّا يقوله العاشق لعشيقه. من ذلك ما أورده د. محمد عثمان الملاّ في ديوان الصنوبري الذي عانى من وحدة أليمة تركته في حزن وكآبه ووحشة بعد افتراقه عن صديقه عبد الرحمن الجلابي فبعث اليه بقصيدة بثّ فيها وجده وحنينه، حيث قال:
مضيت وخلفتني للأسى
عديم العزاء فقد الأسى
أعد الصديق عدواً ولا
ألذّ الجليس ولا المجلسا
أبا القاسم اغتصبتك النوى؟
أم اخترت ملبسها ملبسا
فسرت وأوحشت من لم تزل
له عند وحشته مؤنسا
أخاً بات فيك يناجي المنى
فطوراً لعل وطوراً عسى
وكان الزمان به رافقاً
فلما قسوت عليه قسا
لئن ظلّ من وجده
لقد ظلّ من صبره مفلسا
رماه الفراق على غرة
وكان إذا ما رمى قرطسا
وانطق عنه لسان الصبا
جوى مثله ينطق الأخرسا
أبا القاسم المكتسي للعلا
محبرة قلّ ما تكتسى
عليك سلام فتى غادرت
نواك ضحى يومه حندسا
وكما قلت سالفاً كثيراً ما يرتقي شوق الشاعر العربي لصديقه إلى مرتبة العشق وتتحول الأبيات الإخوانية إلى ما يشبه الغزل، كما فعل الشريف الرضي في مناجاة صديقه البتي فعبّر له حتى عن غيرته لصداقته غيرة المحبّين والعشاق:
أبا حسن أتحب أن شوقي
يقل على معارضة الخطوب
وأنك في اللقاء نهيج وجدي
وأمنحك السلو على المغيب
وكيف وأنت مجتمع الأماني
ومجني العيش ذي الورق الرطيب
أغار عليك من خلوات غيري
كما غار المحب على الحبيب
وما حظي إذا ما غبت عني
بحسن للزمان ولا بطيب
أشاق إذا ذكرتك من بعيد
وأطرب إن رأيتك من قريب
كأنك قدمة الأمل المرجى
عليّ وطلعة الفرح القريب
أكاد أريب فيك إذا التقينا
من الأنفاس والنظر المريب
إذا قرب المزار فأنت مني
مكان الروح من عقد الكروب
وإن بعد اللقاء على اشتياقي
ترامقنا بألحاظ القلوب
 
طباعة

تعليق

 القراءات :852  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 25 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.