كنت قد أشرت سابقاً الى الأعمال الكاملة للشاعر المهجري زكي قنصل رحمه الله والتي نشرها في طبعة أنيقة من ثلاثة أجزاء، صاحب الفضل الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه، ضمن سلسلة اثنينياته. من أروع ما ورد في هذه الاثنينية خماسيات الشاعر التي نشرها بعنوان أشواك، يمكننا أن نسمّيها بحكميات العصر الحديث كما نستدلّ من هذه الأبيات التي وردت في بطونها:
يرتاد آفاق العظائم غيرنا
ونحوم نحن على الهوى غربانا
لم تبرح الأوثان ملء عقولنا
فمتى نحطم هذه الأوثانا
حرية الأعناق وهم أن نكن
بنفوسنا وعقولنا عبدانا
وقد أثارت هذه الأشواك المهجرية في روحها وحقيقتها قريحة صديقه الشاعر جورج صيدح، فبعث إليه بأبيات هذه الخماسية:
يا جامع الشوك من شتّى منابته
وحامل الحكمة الغرّاء للناس
أقسمت لم أر قبل اليوم عوسجة
يفوح منها عبير الورد والآس
آيات شعرك من وحي البلاغة، لا
من همس جنية أو همز خنّاس
بعثت روح "زهير" في مواعظه
وجئت من حكمة "الأعمى" بأقباس
لولا الحياء ولولا الكبر يمنعني
ظفرتُ شوكت إكليلاً على راسي
قرأ زكي قنصل هذه الأبيات التى جاد بها صاحبه، فعلّق عليه بخماسية من ذات الوزن والقافية، بعث بها إليه قائلاً: