شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
هـذا تـراب أبـي
مِنْ وَحْي زيارته لمدينة اللاذقية، عام 1986
ضَيَّعْتُ في لَيْلِ الحياةِ شَبابي
وَرَجَعْتُ أبْحَثُ عنه في أثْوابي
صاحَبْتُه خمسينَ ثمَّ صَرَمْتُه
يا لَيْتَ لمْ أصْرِمْ به أسْبابي
أدْنَى مجانيه فلم أزْجُرْ يَدي
هَيْهاتَ ليس الزهـدُ مـنْ أصْحابـي
سُقْياً لِعَهْدٍ كلَّما استَحْضَرْتُه
ثارَتْ شُجونـي واكتظـتْ أعْصابـي
أيامَ لا أخْشى عواقبَ لُقْمة
غَثَّتْ، ولا أشكو خَبيثَ شَرابِ
أيام تَقْتَسِمُ الملاحُ حُشاشتي
لا فَرْقَ بين بُثَيْنةٍ ورَبَابِ
يَعْبَثْنَ في عقْلي وأصْبِر راضياً
ويُسلْنَ للثمَر الشهيَّ لُعابي
إنْ يَحْجُب السَّمْراءَ عني أهْلُها
فتَّشْتُ عن شَقْراءَ دُونَ حِجابِ
اللهُ يَشْهَدُ ما رَكِبْتُ لغَزْوةٍ
إلاّ انْثَنَيْتُ أنوءُ بالأسْلاب
إنَّ الشبابَ هو الحيـاةُ فـإن مَضَـى
ذَهَبَتْ مفاتِنُها لغَيْرِ إيابِ
لم أدْرِ كَيْفَ خَلَـتْ يَـدِي مِنْـهُ، ولا
كَيْفَ اهتَدَى رَكْـبُ المشيـبِ لبابـي
قالوا تَخَضّبْ قُلـتُ لـو رُدَّ الصََّبـا
لَطَليْتُ جِسْمي كلَّه بخضابِ
تَمْويه لَوْنِ الشَّعْر ليس مَعَرّةً
لكنْ يَشي ببَلاهة المُتَصابي
ما كـانَ أخْسَـر صَفْقَـتي، وأَضلَّـني
لمّا قضيـتُ العُمْـر خَلْـف سَـراب
ماذا تفيد مَصانعٌ ومَتاجرٌ
إنْ لَمْ يَكُنَّ لكاسِبٍ وَهّاب
اللهُ يَعلَم كم سَعَيْتُ ولم أفُزْ
إلاّ بكَسْرَةِ كادحٍ جَوَّابِ
لماّ رأيتُ المالَ حوّل وَجْهه
عنِّي، وغادَرَني لغير مآبِ
شيّعْتُه فَرَحاً وقُلتُ له انْطَلِقْ
لا تَدْنُ بَعْدَ اليوم مِنْ أبوابي
ووقَفْتُ نفسي لليَراعِ أزقُّهُ
كَبِدي، وأسْقيه نَدَى أهدابي
وفَتحْتُ قَلْبي للجمال، فكلَّما
مَرَّتْ به حَسْناءُ طارَ صَوابي
أغْفو وفي يَدي الكتـابُ فـإن صَحَـا
جَفْني، فأولُ نَظْرةٍ لِكتابي
خُلِقَ الأديبُ لـكي يَجوعَ فإن جَـنَى
مالاً فراحةُ بالِه لِخرَاب
بَيْن اليَراعة والثراء عداوَةٌ
مُنْذُ القَديم حَديدةُ الأنْيابِ
كفُّ الأديب كجَيْبه مثقوبةٌ
يَرْقَى بها نَسَبٌ إلى المِزْرابِ
لا تسألوا عـني المتاجِـرَ، بـَلْ سَلُـوا
كم ِهمْتُ مَعْ جِنِّيَّتِي في الغابِ
تُوحي إليَّ الشِّعْر شوقيَّ الرُّؤَى
مُتَعَدِّدَ الألوان ِوالأطيابِ
يَرْوي الغَريـبُ بـه لواعِـجَ وَجْـدِه
ويَجوبُ عالَمه المحبُّ الصابي
مَنْ كان يُغْرَى بالجديد، فإنني
قَطَّرْتُ مِنْ كَرْم "الوليـد" شرابـي (1)
ليسَ الجديدُ إذا أسَفَّ فَضيلةً
كلاّ، ولا حُسْنُ القديم بعابِ
أنا قد نَفَضْتُ مِن الطَّلاسِـم راحـتي
فلْيَشربِ الصادُون مِنْ أكْوابي
وَفضَحْتُ شَعوَذةَ الرُّقـاةِ فلـم تَعْـدُ
ألْغازُهم للدَّرسِ والإِطنابِ
عَلِقَتْ برَكْبِ العائدين عُيونُهم
شَمّوا شَذا أنفاسهم بثيابي
بجناحِكم طارُوا إلى غاياتهم
خُلِقَ الفَضاءُ لِقَشْعمٍ وعُقابِ
لم يَذْكروا تِشْرينَ إلاّ صفَّقوا
لِبَلائكِم بالزَّهْو والإعْجابِ
مَنْ كان يَجْهَـلُ مـا فعلتُـم فلْيَسَـلْ
تاريخَكُم يَظْفَرْ بألْف جَوابِ
"أسَدُ" العَظائـمِ في الظـلامِ دليلُكـم
لا لَمْ يَضَـعْ مَـنْ يَهْتـدي بِشِهـابِ
* * *
يا فـارسَ البَعْـثِ ابتَعَثْـتَ رَجاءَنـا
فاقْبَلْ تحيّةَ شاعرٍ جَواب
عزَّتْ بَوثبَتِك العروبةُ وازْدَهَتْ
بفتى النَّدَى، بالفارسِ الوَّثَابِ
بالقائدِ النضّاح يَحْمي حَوْضها
مِنْ عادياتِ ثعالبٍ وذِئاب
بالناصِر الحقَّ أستُبيح ولم يجدْ
في الأقوياء سِوى الذَّراع النابي
بالضارب العُملاءَ يَعْلَم أنَّهم
للغاصبين متارِسٌ ومَخابي
بمُمرّغِ الطاغي على أقْدامِه
بمُعَفّر الغازي على الأعْتاب
جَدَّدتَ ذِكْـرَ الشَّـامِ بَعْـدَ خُمولهـا
وأعَدْتَ سيرةَ مَجْدها المُنْجاب
لمّا أهبْتَ بها تسابقَ أهْلُها
للمَوْتِ بَيْنَ قَذائفٍ وحِراب
بَذَلوا النفوسَ رَخيصـةً كـي يَرْفَعـوا
أعلام أمتهم على الأحقابِ
تشرينُ ملْحمـة الملاحِـم، فاخْشَعـوا
لِوَلائها وبَلائها الغلاّبِ
* * *
يا لاذقيةُ ما سَلَوْتُكِ لَحْظة
رُوحي تَحـوم عليـك رَغْـم غِيابـي
قَيَّدتُ قَلْبي فـي هَـواك فطـارَ مِـنْ
فَرَح، وبدّلَ بالهديلِ نُعابي
أبوابُ داركِ للِقرَى مَفْتوحةٌ
فَلْيَدْخُلِ القُصّاد دونَ حِسابِ
تَنْدَى يداك إذا الكرامُ تخاذَلوا
شَتّان بَيْنَ حديقةٍ وَيبابِ
الضَجَّة الكُبْرى (2) انطـوت أخبارُهـا
وتعانق الجيران بعد سباب
وتصافَتِ الأرواحُ في العَهدِ الذي
أرْسَتْهُ كَفُّ العِتْرة الصُّيَّاب
يا إخوتي قادَ الحنينُ مَطِيَّتي
فتَرَفَّقوا بحنيني اللَّهَاب
عَقَدَ الخُشُوعُ فصاحتي فكأنَّني
- لمّا وَطِئتُ الـدار – فـي مِحْـرابِ
مِنْ آخرِ الدنيا حَمَلْتُ إلَيكمُ
بين الجوانح لَهْفةَ الغُيابِ
يا إخْوتي عادَ الغريبُ لداره
سبحانَ مَـنْ أحيـا السـراجَ الخابـي
هذا ترابُ أبي ومَهْدُ طُفولتي
يَعْلُو على الدُّرَّ اليتيمِ تُرابي
هذا ثَرَى أمَّي فكَيْفَ أعقُّه
لا شَيءَ أغْلَى مِـنْ ثَـرَى الأحبَـاب
لا تَعْذُلوني إنْ كَبَوْتُ، فطالما
عَذَروا وما عَذَلـوا الجـوادَ الكابـي
جارَتْ على أدبي رَطانةُ غُرْبة
طالَت… ولُكْنَةُ معْشَرٍ أغْرابِ
يَشْدو الهَزارُ فلا يَهُزّ نفوسَهم
ويُثيرُ زَهْوَهُم نَعيقُ غُراب
أمُّ اللُّغاتِ يَتيمةٌ ما بينهم
إنَّ اليتيم لشدةٍ وعذابِ
واهاً وهَلْ ردَّ القَضاءَ تأوّهُ
أوْ خفَّ بالشكوى ثقيلُ مُصابِ
كانتْ لنا مِلءَ المسامعِ دَولةٌ
عَزّتْ برَغْم مَكارهٍ وصِعَابِ
خفّاقة الأعْلام تَكْرُزُ بالهُدَى
وتَعُجُّ بالشُّعَراء والكتّاب
لكنها انهارَت… فكيف نُعيدها
هل يُبْعَـثُ الأمْـواتُ بعـد غِيـاب؟
للشَّمسِ كلَّ مَدارِ يَوْم أوْبةٌ
لكنَّ دَوْلتَنا لغَيْر إيابِ
* * *
وطني ولَنْ أنْساه مهما سامَني
ضُراًّ، ومَهْما لجَّ في إغضابي
أنا ذرّةٌ مِنْ تُرْبه، أنا قَطْرةٌ
مِنْ نَهْره المُتَعَرَّجِ المُنْسابِ
قالوا أتَهْواه؟ فقلتُ وإن يَكُنْ
قفراً مواتاً أو دِيار خَرابِ
إني لأقْنَعُ من ثَراه بمَرْقِدٍ
لا سَيْفَ في الدنيا بغيْرِ قِراب
أبْكي… ولو عادَ الشبابُ لَمَا جَـرَى
دَمْعي… ولكِنْ لَـنْ يعُـود شَبابـي؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :456  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 517 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.