شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في مغرب الشَّمس
تجاهَلْتِ وَجْدي، وازْدَرَيْـتِ مَدامِعـي
فيا وَيْح آمالي لِمَنْ أتظلَّمُ
على قَدَميْك الحُلْوتيْن سَفَحَتْها
فيا دَمْعُ سامِحْ شاعراً يتألّمُ
ويا دَمْع إنْ لَمْ ابْتَذِلْك بحبَّها
وأرْخِصْك – مهْما أرخصْتني – لتَنْـدَمُ
وإن لم تُثِرْ فيها بَقيّة رَحْمةٍ
فأنتَ بلاءٌ في جفوني أعْظَمُ
ويا كبرياءَ الشَّعْرِ لولا عُيونها
لما كان عِنْدي منـك أغلَـى وأكْـرَمُ
وما الشَّعْرُ في شَرْعي غُموضاً وهُجْنـةً
ولكنَّهُ رُوحٌ وثوبٌ مُهَنْدمُ
وعاطِفةٌ رَيَّا تَفيض عُذوبةً
وَقلْبٌ علـى كـلَِّ الجِـراح مُقَسَّـمُ
سَرَى حُبُّها في كلَّ مَغْرِزِ إبرةٍ
بِجِسْمي، فجِسْمـي جَمْـرةٌ تتَضـرّمُ
رَضيتُ إذا نامَـتْ عيُونـي، بطَيْفهـا
فيا لَيْتَني أقْضي حَياتيَ أحْلُمُ
* * *
ويا حُلْوتي في مَغْرِبِ الشَّمْسِ مَنْ رأى
غُراباً على بَيْتٍ خَرابٍ يُرَنَّمُ؟
تُناغمه وَرْقاءُ، أمّا هَديلُها
فشِعْرٌ، وأما شكْلها فمُنَمْنَم
مَضَى العُمْر يا غَلواء إلاّ بِقِيَّةً
فهَلاَّ ارْعَوَيْنا؟ لا فإني متَيَّم
مَضَى العُمْر، لكن لم تَـزَلْ فيّ صَبْـوةٌ
وما زِلْتُ مِثْلَ الأمـسِ أبـني وأهْـدِم
وما زال قلبي يستجيب لنظرةٍ
وما زال يُجـزي بالعُبـوس، ويَبْسُـم
تكتّمتُ في وَجْدي مَخافةَ هاذرٍ
وأصْعَبُ شيءٍ في الهُيام التَّكَتُّمُ
ولا تَكتُبي قولي عليَّ خطيئةً
فمِثْليَ في شَرْعِ الهَوَى لا يُجرَّمُ
أحبُّكِ دُونَ الناس طراً، وإنني
سَعيدٌ قريـرُ العَيْـن أشقَـى وأنْعَـمُ
ويا ليتَ لـي عشريـنَ قَلْبـاً أذيبهـا
بحُبِّكِ، لا أشْكو ولا أتجهّمُ
حَرَمْتِ عيوني النَّـومَ، لكـنّ راحـتي
وراحي أنْ أهْوَى الـتي ليـس تَرْحـمُ
عَدِمْتُ لساني… إنـني غَيْـرُ صـادقٍ
ولكنّ مَنْ يَهْوى يزلّ ويأثمُ
ويَشْكـو بلا داعٍ ويبْكـي بلا أسَـىً
ويَهْرِفُ أحياناً بما ليس يعلَم
* * *
لَيفْصِلُني عَـنْ حيَّهـا ألـفُ فَرْسـخ
وجيشٌ من الأرصـاد لَجْـبٌ عَرَمْـرَمُ
وَتَزْجُرُ أقدامي إليها شَرائعٌ
يسيلُ على شَفَراتهـا الدَّمْـع والـدمُ
فَدَيْتُ اسمَها بالروحِ مِـنْ كـل قالـةٍ
وأعْلَمُ أنَّي وهي لا نَتَقَسّمُ
وأقْسِمُ أنّي ذُقْتُ فـي الحُلْـم ثغْرهـا
فما الشَّهْدُ، ما الصَّهْباء؟ صابٌ وعَلْقـم
أسمّيه أو أوْمي إليه فتَنْتَشي
شِفاهي بِرَيّاها ويخْجل برْعُمُ
إذا حدّثتْ عَيّ الفَصيحُ مَهابةً
وَأفصَحَ مِـنْ فَـرْط التَّعَجُّـبِ أبْكَـمُ
وأُقْسِمُ أنَّي قَبْلَ ألفٍ عَرَفْتُها
وأني مُذْ تلْك الدقيقة مُغْرمُ
نَعمْتُ بذاك الحبَّ يَوماً وَلَيْلةً
وَتَقْنع روحي بالقَليل وَتَنْعَمُ
ولمّا افْتَرَقنا زوّدتْني ببَسْمةٍ
فَبَشّتْ لي الدّنيا وطابتْ جَهَنَّمُ
وأقسمُ أنِّي بَعْدَ ألفٍ لقيتها
فما فاتَني لحْظٌ ولا فاتني فمُ
رَنَتْ فهَفا قَلْبي إليها صَبابَةً
وحامَ يُصلّي حَوْلها ويُسَلَّم
وقُلْتُ وقالَتْ… وافتَرَقْنا، وفـي غـدٍ
سَيَجْمعنا حُبٌّ أعفُّ وأعْظَم
* * *
ويا حُلْوةَ العَيْنَيْن لا تتبرَّمي
فكَمْ ضَيَّعَ الإيمانَ مَنْ يتبرَّمُ
إذا كان جُرْماً أن يُتَيَّم شاعرٌ
ألا فاشهدوا يا ناسُ أني مُجرمُ
وإنْ كان حبَّيها عليّ مُحَرَّماً
فهل طَيْفُهـا الغالـي علـيَّ مُحَـرَّمُ؟
وإن لم تَكُنْ مِنْ مَنْبتٍ وقبيلةٍ
فما في الهَوَى عَبْـسٌ وبكْـرٌ وجُرهُـمُ
تَنَزَّه حبَّي عن مُجونٍ وريبةٍ
فمِثْل الـذي أُبديـه مـا أنـا أكْتُـم
لسوفَ – وإن شَطَّتْ بنا الدار – نَلْتقي
إذا أنا لم أحَلُم، فقلبي يَحْلُمُ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :419  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 516 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.