عَلَّمْتِني في الحبِّ أنْ أقْرا |
لولا عيونُكِ لَمْ أقلْ شِعْرا |
إنْ يَسألوا مَـنْ أنْـتِ، قُلْـتُ لهـم |
إِنَّ الثريّا أخْتُخا الصُّغَرَى |
صَدَقَ الذي قالَ الهَوَى قَدَرٌ |
قَدَري رَماني مَرّةً أُخْرَى |
سَلِمَتْ يَداه فقَدْ أعادَ إلى |
أشْلاءِ قَلْبي الراحةَ الكُبْرَى |
خَمْسونَ مِنْ عُمُـري مَضَـتْ، وأنـا |
مِنْ كُلِّ رَوْضٍ أجْتَني زَهْراً |
إنْ لَمْ أجِدْ سَمْراءَ أعْشَقُها |
حَوَّلْتُ أنْظاري إلى شَقْرا |
يا حُلْوَتي تِيهي عَلَيّ، فما |
أغْلاكِ في عيني، وما أغْرَى |
صُوني عبيرَك، لا أريدُ لَهُ |
أنْ تَبْذُليه لكلِّ مَنْ مَرّا |
إنِّي أغارُ عَلَيْكِ مِنْ نَظَري |
لا تَكْتُبيه بدَفْتري وِزْراً |
شَفَتاكِ يُنْبوعان مِنْ عَسَلٍ |
سُبْحانَ مَـنْ حلّـى ومَـنْ أجْـرَى |
أنا ظامِئٌ مُتَحَرّقٌ لهما |
هلاَّ رَثَيْتِ لمُقْلَةٍ شَكْرَى؟ |
لا تَحْرِمي دَنِفاً مَدامِعُه |
تَنْسابُ بَيْنَ ضُلوعِه جَمْراً |
كيفَ التَقَيْنا دونَما سَبَبٍ؟ |
قَلْبي وقَلْبُك والهَوَى أدْرَى |
كانَتْ مَناماً في مُخَيّلتي |
ثُمَّ استَحالَتْ وَرْدَةً حَمْرا |
العِطْرُ أرْشَدَني لِمَخْبَئِها |
بالرُّوحِ أفْدي الوَرْدَ والعِطْرا |
مَرَّتْ على أمْسي براحَتِها |
فمَحَتْه، ما تَرَكَتْ به سَطْرا |
لَمْ يبْقَ فيه غَيْرُ صُورتها |
وأريِجِها... وهواجسِي تَتْرى |
هِيَ حُلْوةُ الحُلْواتِ في نَظَري |
وأنا فَتىً أتَهَجَّأ الشِّعْرا |
جَمَعَتْ إلى شَتّى مَحاسِنِها |
شَيْئاً يُسمّى في الهَوَى سِحْراً |
شَيئاً خَفيّ الغَوْرِ لَيْس يُرَى |
بالعَيْن، لكنْ يُجْتَلَى فِكْرا |
كالشِّعْرِ تًقْرأه، وجَوْهَرُه |
ما قـدْ يُحـسّ ولَيـسَ مـا يُقـرا |
أحْبَبْتُ عَشراً والتَقَيْتُ بها |
فنَسيتُ مَنْ أحْبَبْتُّها عَشْرا |
كلُّ الملاحِ غَدَوْن واحدةً |
لا غَيْرها في القَلبِ، لا غَيْرا |
كالبَحْر لا تُحْصَى رَوافِدُه |
ثم الْتَقَتْ فتَحوّلَتْ بَحْرا |
* * * |
يا حُلْوتي عُودُ الشبابِ ذَوَى |
لكنَّ قَلْبي لَمْ يَزَلْ نَضْرا |
يَسْتَقْبلُ الأيام عابِسَةً |
فيرُدُّهُنّ ضَحوكةً خَضْرا |
أهْواك في سِرّي وفي عَلَني |
لكنْ أفضّل لاسمْكِ السرَّا |
سيَظلّ ما بَيْني وبَيْنَكِ في |
صَدْري إلى أنْ أنْزِلَ القَبْرا |