مُتْ فـي ضَلالِكَ يا أديـبَ الضـادِ |
القَوْمُ في وادٍ وأنْتَ بوادِ |
حَتّامَ تَسْعَـى خَلْـفَ أوهـام المُنَـى |
وتَعيشُ بَيْنَ يَرَاعةٍ ومِداد؟ |
حتَّامَ تَسْتَسْقي السًّـراب وليسَ فـي |
ما تَسْتَقَيه قَطْرةٌ للصَّادي؟ |
أكْرِمْ بمَرْكبةِ الخَيال لَو أنَّها |
شُدَّتْ بسِلْكٍ أو جَرَتْ بجواد |
كَمْ سُمْتَ نفسَكَ أن تبيتَ على الطَّوَى |
وسواك لا يَرْضى بأطيب زادِ |
ولَكمْ مشيتَ على القَتـادِ... وتَتَّقـي |
قَدَمُ الجهولِ نعومةَ النَّجادِ |
وَسِهْرتَ تَسْتَوحـي وغـيرُك غـارقٌ |
في لذةٍ أو هانئٌ بِرقادِ |
عَبَثاً تبشِّر بالهُدَى في بيئةٍ |
لا شأن فيها للأديب الهادي |
يَحْتَلّ أيْكَتَها الغرابُ ويَنْزَوي |
في كَهْفِ وَحْدَتـه الهَـزارُ الشَّـادي |
لو جاءها عيسى لألْفَى بيتَه |
– كالأمس – وَكْرَ رَذيلـة وفسـادِ |
ولحفَّه مليون يوضاسٍ وَلمْ |
يَظْفَرْ بصاحب نَخْوةٍ مِنجادِ |
وسعَى إليه بالسَّفاهةِ رَائحٌ |
وعَوَى عليهِ بالشَّماتة غادِ |
ما أضْيَع الرَّيحان في صَحْراءَ لا |
تَنْشَقّ إلاّ عَنْ لَظىً وقَتادِ |
ما أرْخَصَ النَّبْعَ الزكـيِّ يسيـلُ فـي |
مَنْأىً عن الطُرّاق والوُرّاد! |
يا مَنْ نُشَيِّعه بزَفْرة واجفٍ |
وبقَلْب مَلْهوفٍ وغُصّة صادِ |
ماذا جَنَيْتَ مِنَ اليَراع تَزُفُه |
حبات قلْبٍ في النضالِ جَوادِ |
كَرَّسْته عمَّا يَشينُ وَصُنْتَهُ |
عَنْ خِسّة الشهواتِ والأحْقادِ |
وَنَذَرْتُه للحقِّ بُوقاً صارخاً |
ورسالةً للهَدْي والإِرشادِ |
بئسَ الأديـب يُريـق مـاءَ جَبينـهِ |
وَيبيعُ زادَ الفِكْر بَيْع مَزادِ |
ماذا جَنَيْتَ مِـن الصحَافـة تَكْتَـوي |
في نارها؟ أجَنَيْتَ غَيْرَ رمَاد؟ |
أعْلَيْتَ بَيْنَ النازحينَ لواءَها |
ووَقَفْتَها لعقيدةٍ وجهادِ |
لَمْ تَرْضها للتُّرهَاتِ مَطِيَّةً |
ووسيلةً لِلَّهْوِ والإٍفْسادِ |
لَمْ تَجْعَـلِ الإِعـلان قِبْلَتَهـا ولَـمْ |
تُعْرِضْ كرامَتَها على جَلاَّد |
لَمْ تَسْتَبِحْها مَسْرحاً لِخنَافسٍ |
أمِنَتْ سَفاسِفهم أذى الحسّادِ |
عادَيْتَ لكنْ في سبيل قَضية |
وقَسَوْتَ لكنْ في سبيل بِلادِ |
فهل اجْتَنَيْتَ سـوى شَماتـةِ خامـلٍ |
وهَل اكتسبتَ سـوى هُـراء مُعـادِ |
وهَلِ احَتَفَينا فيك إلاّ جُثّةً |
وهل اقتسمنا الجُرْحَ غـير فُـراد؟.. |
يا رائدَ الإِصلاح يُرْسل رَأيَه |
بشجاعةٍ ويهُزُّه بعناد |
هلاَّ حديثٌ منك يَنْقَعُ غُلَّنا |
إنَّا إلى فَصْلِ الخطابِ صَوَادِ |
ماذا وراءَ الموتِ؟ هَـلْ هُـوَ رَقْـدَةٌ |
أبديّةٌ، أم سَفْرةٌ لِمعادِ؟ |
حارَتْ بأسرار الوجودِ عقولُنا. |
وتَعَثَّرتْ أفهامنا بالبادي |
طُوبى لمـنْ قـرَّتْ هواجـسُ شكِّـه |
ومَشَى على نُـور الرَّجـاء الهـادي . |
* * * |
يَا مَنْ نُشَيّعه بزَفْرَة واجِفٍ |
هـانَ الـرَّدَى كُرْمَـى لِعَيْن الضـادِ |