شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
542- شاميّة في زلزال اليمن
[في غرَّة شهر ربيع الأول سنة 1403هـ ديسمبر 1982م، ضرب اليمن زلزال عنيف وكان مركز انفجاره جبال ومدن "آنس" و"عنس" و"الحدا"، فقال صاحب الديوان؛ وكانت أوَّل قصيدة نشرتها جريدة "الشرق الأوسط" في الحادث]:
لِمنْ دموعكَ فوق الخدِّ تنهَمِرُ؟
ماذا أصابك؟ مَنْ ذا مات؟ ما الخبرُ؟
وقد عرفنَاكَ ثبتاً حينَ كنتَ فتى
فكيفَ، والشيبُ قد وافاك والكِبَرُ؟
سألْنَني ودموعُ العينِ جاريةٌ
ونار حزني في الأحشاء تَسْتَعِرُ
وبي من الغمِّ ما لو شاع في الفلكِ الدوَّارِ ما شعَّ لانجمٌ ولا قَمَرُ،
فقلتُ: مهلاً "عصافيري" لقد طرقَتْ
أذْنيَّ أنباءُ قوم مسَّهمُ ضررُ
فقلنَ: ذلك ما تعتادُه غسقاً
وما يفاجئ إن هبَّت بك البُكَرُ
ونحن نقرأُ في عينيك مذْ زمنٍ
مآسيَ العُرْب والإِسلام تنصهرُ
في "الشام" في "الهند" في "الأفغان" في "كَسَلا"
وفي "شَتِيلا" و "صبْرا" حينما انغدروا
وكنت تألمُ في صمت، تداعينا
ونحنُ نعلم ما في القلب يستعِرُ
سجيَّةٌ لك صانت بسمةً شرحتْ
ْلنا، بأنك تدري قدرَ من صبروا
فما أصابك هذا اليوم فانْبَجَسَتْ
دموع عينيك -كالمرجان- تنحدرُ
فقلت مهلاً "عصافيري" فلي وطنٌ
ولي رفاقٌ، ولي أهلٌ، ولي وطرُ
هناك في "اليمن الميمون" مسكَنهم
وهم سلالة من آووا ومن نصروا
سمعت غضبة زلزال قد احتدمتْ
وتحت أنقاضه الأحياء قد قبروا
قد جاءَهُم بغتةً، والشمس ساطعةٌ
بالهول يزحف لا يُبقي ولا يذرُ
في لحظة أصبحت "ضوران" خاويةً
عروشها و"ذَمارٌ" ما لها وزرُ
وجامع "ابن أمير المؤمنين" هوى
و"السد" ساخ وخر "الحصن" ينقعرُ
وأرض "عنس" و"جَهْران" قد انخسَفَت
وفي "الحدا" قد أبيد البدو والحضرُ
وهم رفاقي وهم قومي فهل عجبٌ
إذا بكيتُ عليهم بعدما اندثروا
أبكي هنالك أطفالاً قد انصرعوا
وهم -طلاباً لكسب العِلم- قد حضروا
وآخرين على الأسفار قد عكفوا،
وخاشعين عليهمْ تقرأُ السورُ
أبكي الألى انتظروا أولادهم فإذا
بهم جميعاً بوادي الرعب قد حُشِروا
* * *
قُلْنَ: استغِثْ بالورى، واطلب مساعدة
واجأرْ فإن الورى يُصغي لمن جأروا
فقلتُ: قومي مجهولون لا سندٌ
لهم، ولا شأن في الدنيا ولا خطرُ
ليسوا "نصارى" ولا هم من "يَهُود" ولا
لهم صِلاَةٌ بمن ضلوا، ومن كفروا
و"المسلمون" بما ذلوا، وما اكتسبوا
كأنهمْ.. ما لهمْ سمعٌ، ولا بَصَرُ
فقلن: حسبُهم الرحمن إن رجعوا
إليه، واعتصموا بالله، واعتبروا
وجيرةٌ ما توانوا يوم كارثةٍ،
بل يُسْعِفون بما أوتوا، وما قدروا
أبناء من كان للإِسلام مفخرةً
"عبد العزيز" وهُم أشباله الغُرَرُ
فقلت: ذلك ما ترجوه أمتنا،
وكلهم أملٌ يرنو.. وينتظرُ
وموطني اليوم فيه "قائدٌ" فطِنٌ
مهذب الحِسِّ، لا ينبو به بَطَرُ
فيه "عليُّ" سخيُّ الكف ذو كرمٍ
شعارُه الحارسان: العدل والحذرُ
قد قالها للألى في أهلهم نكِبوا:
بأنه "الأب" و"الابن" الذي خسروا
وتلك غاية ما يرجوه ذو أمل،
وذاك كل الذي يَسْطِيعُه بشرُ
فقلن: كفكف دموع الحزن إن جمحت
فما يرد القَضَا، دمعٌ، ولا خورُ
وابعث مواساتنا شعراً وعزِّ به
أهل الألى استشهدوا أو مسَّهم ضررُ
بروملي: غرة ربيع الأولى 1403هـ
16 ديسمبر 1982م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :325  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 572 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.