لِمنْ دموعكَ فوق الخدِّ تنهَمِرُ؟ |
ماذا أصابك؟ مَنْ ذا مات؟ ما الخبرُ؟ |
وقد عرفنَاكَ ثبتاً حينَ كنتَ فتى |
فكيفَ، والشيبُ قد وافاك والكِبَرُ؟ |
سألْنَني ودموعُ العينِ جاريةٌ |
ونار حزني في الأحشاء تَسْتَعِرُ |
وبي من الغمِّ ما لو شاع في الفلكِ الدوَّارِ ما شعَّ لانجمٌ ولا قَمَرُ، |
فقلتُ: مهلاً "عصافيري" لقد طرقَتْ |
أذْنيَّ أنباءُ قوم مسَّهمُ ضررُ |
فقلنَ: ذلك ما تعتادُه غسقاً |
وما يفاجئ إن هبَّت بك البُكَرُ |
ونحن نقرأُ في عينيك مذْ زمنٍ |
مآسيَ العُرْب والإِسلام تنصهرُ |
في "الشام" في "الهند" في "الأفغان" في "كَسَلا" |
وفي "شَتِيلا" و "صبْرا" حينما انغدروا |
وكنت تألمُ في صمت، تداعينا |
ونحنُ نعلم ما في القلب يستعِرُ |
سجيَّةٌ لك صانت بسمةً شرحتْ |
ْلنا، بأنك تدري قدرَ من صبروا |
فما أصابك هذا اليوم فانْبَجَسَتْ |
دموع عينيك -كالمرجان- تنحدرُ |
فقلت مهلاً "عصافيري" فلي وطنٌ |
ولي رفاقٌ، ولي أهلٌ، ولي وطرُ |
هناك في "اليمن الميمون" مسكَنهم |
وهم سلالة من آووا ومن نصروا |
سمعت غضبة زلزال قد احتدمتْ |
وتحت أنقاضه الأحياء قد قبروا |
قد جاءَهُم بغتةً، والشمس ساطعةٌ |
بالهول يزحف لا يُبقي ولا يذرُ |
في لحظة أصبحت "ضوران" خاويةً |
عروشها و"ذَمارٌ" ما لها وزرُ |
وجامع "ابن أمير المؤمنين" هوى |
و"السد" ساخ وخر "الحصن" ينقعرُ |
وأرض "عنس" و"جَهْران" قد انخسَفَت |
وفي "الحدا" قد أبيد البدو والحضرُ |
وهم رفاقي وهم قومي فهل عجبٌ |
إذا بكيتُ عليهم بعدما اندثروا |
أبكي هنالك أطفالاً قد انصرعوا |
وهم -طلاباً لكسب العِلم- قد حضروا |
وآخرين على الأسفار قد عكفوا، |
وخاشعين عليهمْ تقرأُ السورُ |
أبكي الألى انتظروا أولادهم فإذا |
بهم جميعاً بوادي الرعب قد حُشِروا |
* * * |
قُلْنَ: استغِثْ بالورى، واطلب مساعدة |
واجأرْ فإن الورى يُصغي لمن جأروا |
فقلتُ: قومي مجهولون لا سندٌ |
لهم، ولا شأن في الدنيا ولا خطرُ |
ليسوا "نصارى" ولا هم من "يَهُود" ولا |
لهم صِلاَةٌ بمن ضلوا، ومن كفروا |
و"المسلمون" بما ذلوا، وما اكتسبوا |
كأنهمْ.. ما لهمْ سمعٌ، ولا بَصَرُ |
فقلن: حسبُهم الرحمن إن رجعوا |
إليه، واعتصموا بالله، واعتبروا |
وجيرةٌ ما توانوا يوم كارثةٍ، |
بل يُسْعِفون بما أوتوا، وما قدروا |
أبناء من كان للإِسلام مفخرةً |
"عبد العزيز" وهُم أشباله الغُرَرُ |
فقلت: ذلك ما ترجوه أمتنا، |
وكلهم أملٌ يرنو.. وينتظرُ |
وموطني اليوم فيه "قائدٌ" فطِنٌ |
مهذب الحِسِّ، لا ينبو به بَطَرُ |
فيه "عليُّ" سخيُّ الكف ذو كرمٍ |
شعارُه الحارسان: العدل والحذرُ |
قد قالها للألى في أهلهم نكِبوا: |
بأنه "الأب" و"الابن" الذي خسروا |
وتلك غاية ما يرجوه ذو أمل، |
وذاك كل الذي يَسْطِيعُه بشرُ |
فقلن: كفكف دموع الحزن إن جمحت |
فما يرد القَضَا، دمعٌ، ولا خورُ |
وابعث مواساتنا شعراً وعزِّ به |
أهل الألى استشهدوا أو مسَّهم ضررُ |