شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
515- مع العَصَافير.. في (بِروملي)
معَ العصافير: في "بروملي"
صفا ضَميري وثَاب عَقْلي
عاشَرتُ ألحانها.. سمعيا:
أميِّزُ النُّطق حِينَ تُملي:
حزينُها إذْ ينوحُ.. يحكي
نَوحي. ويبكي الصحَاب مِثْلي
والوُرْقُ والصُّفْر مِن طيور
يزجلن في جنحِ كُل ظِلِّ (1)
أتْقَنْتُ أنْغامَها جميعاً
مِنْ كُلِّ لَون وكُلِّ شكلِ
حينَ تخافُ الظَلام تَبكي
نَهارها الضائع المولّي!
تُطعمني بالرضا وتسقي
روحي بقَطْر الندى المبلِّ
فَتَنتشي بالهدى "صَلاتي"
أتلو تهاجيدها. وأُمْلي
* * *
غَيَّرت أسْماءَها: فهذا
"زيدُ": وذا "الصَّارمُ" المجلّي (2)
وذاكَ حامي حِمَى حقوقي
والأخضر "الفَيلسوفُ" خلّي
عَاشرنَني دُونما رياء
عَرَفْنَ جِدّي، فهمْنَ هزْلي
فَهْنَّ في غربتي رفاقي
وهُنَّ قومي. وهن أهْلي
وهنَّ رَغم الذي أقاسي
شغلي وفَرضي.. وهُنَّ "نَفْلي"
* * *
"معَ العَصافير" في لغاتٍ
شتَّى خَلَت مِنْ خَنىً، وختَلْ
نُحاورُ الكون.. وهي تدري
ماذا بِطَيِّ الفؤادِ يَغْلي!
وأنني رغمَ ما أُعاني
أحبُّ أنغامها. وأغلي
وأنَّ بَعْض الغناء -وَجْداً-
يَدْخُلُ في مهجتي كنَصْلِ
وأنَّ ألْحانَهنَّ -شوقاً-
تُشْعلُ نار الجوى، وتُصْلي
نُحاورُ الكون دَاريات؛
بأنَّ لي كربتي، وشُغلي
يسمعنه في اضطراب صَوتي
ولعثماتي، ولَحْن ثكلي؛
وكم بكينا، وكَمْ ضَحِكْنا
وكم سَخرنا بدون دَجْل؛
وكم شكا الْبعضُ ما دَهَاهُ
من"غُربةٍ" أتْعبتْه قَبْلي؛
و"الأخْضَرُ" الفيلسوفُ يُصغي
حيناً، وحيناً يثور يُدْلي:
بما يُجلّي هُمومَ قلْبي
وما يُعزي ومَا يُسَلّي!
* * *
ومَرةً قال لي بلطفٍ: ما بك؟ ماذَا تُريد؟ قُلْ لي
قلتُ: أنا هَاهنا "غريبٌ" ولي "ترابٌ" وفيه أصْلي
فارقْتُه دونما اختيار، ولا ملاَل ولا تخَلّي
أما ترَى أنَّكم جميعاً..
تشْدُونَ بالحب دُونَ غلِّ؛
من كلِّ جِنسٍ، وكلِّ شكْل
تَلْهون في فَرحةٍ. وَوَصْلِ
فلا بعادٌ ولا اضْطغانٌ
ولا تَخافونَ أيَّ ذَحْلِ: (3)
فقالَ: مهلاً: فقلتُ: ماذا؟
قال: "غريب" أنَا أصِخْ لي
عن مَوطني قَدْ رحلْتُ يوماً
في سَفَرٍ مُتعبٍ مُمِلٍّ..!
في قَفَصٍ فيه عُش طَير
فراخُه تستَغيث.. مِثْلي
عرفْتُ مِن ريشها.. بأنّا
فصيلةٌ تَنْتَمي لأصْلِ؛
عَرْوسَتَا "غُربةٍ" وأسْر
قَدْ صِيدتا عَنْوةً لأجلي (4) ،
وكانَ ما كانَ من مَحل
إلى محلٍّ.. إلى مَحَلِّ..
حتّى نَزلْنا حماكَ قَسْراً،
وابْتَعْتَنَا بغْيةَ التسلي
وكنتَ برّاً بنا؛ رؤوفاً
يَحوطنا منكَ كلُّ فَضلِ؛
قلتُ: وماذا؟ ألاَ حنينٌ
إلى محل هناك.. قل لي؟
قال: سماءٌ تظلُّ أرضي،
تسمَحُ لي هَا هُنا بظلِّ!
والشَّمس كالشمسِ في بلادي
ولَيلها مُظلمِ.. كليلي
بِكُلِّ أرضٍ تعيشُ فيها
مُكرَّماً، دُونَ أيِّ ذُلِّ
ِعِشْ خالي البال دون حُزن
ولا تبل: فالزَّمان يبلي؛
تُمرُّ سَاعاتُه حِثَاثاً..
تُمِرُّ في مَرِّها.. وتُحلي
والفَذُّ مَنْ عاشها ضَحوكاً
وسَاخِراً بالحياة.. مِثلي
أشْعُر أنَّ الوجودَ بيْتي
وأنَّ كُلَّ الطيور أهْلي؛
فَلا تَقُل: مَوْطني وأصْلِي
ولا تقل شِيعتي وفَصْلي
الوَحْشُ، والطير والبرايا
مِن نُجُبٍ قَادةٍ، ورُسلِ
ومِنْ كريمٍ، ومِنْ بَخيلٍ
وسَيدٍ ماجدٍ، وفسلِ؛
"القَبْرُ" مأوى الجَميع فيهِ،
نَنتظرُ "البَعث" دونَ مطْلِ؛
* * *
فقُلت: هذا نَشيدُ حُر
فقالَ: هذا بيَانُ عَقْل؛
قلتُ: لي الله، قال "دَعْهَا"
"تجري سَماويَّةً".. بعَدلِ؛
قلتُ: ومَا العَدْل؟ قالَ: حُبٌّ
لِكل "مَا" عَاش في "بروملي".
بروملي: 25 جمادى الآخرة 1399هـ
22 مايو 1979م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :517  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 545 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج