شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
514- مع حفيدي سنة ألفين..!
[وأنشأ الشاعر إبراهيم الحضراني قصيدة بديعة تحت عنوان "مع حفيدي"، مطلعها: "تتوارى: تود أن لا تراني* أنا أقفو خطاك منذ زمان".. فكتب إليَّ الشاعر الدكتور عبد العزيز المقالح يقول: هناك "قصيدة نونيَّة" عن اليمن عام ألفين وهي من بحر الخفيف "علَّلاني فإن بيض الأماني..إلخ"، وقد شارك في الكتابة وفي الموضوع نفسه أكثر من خمسة عشر شاعراً؛ فقلتُ مجارياً]:
مَرحباً: قُلتُها، وهَامَ بياني
في لساني يَهْذي بشوق جناني!
تمتمات تذوبُ في قُبَل قَدْ
عُتقت بالأحلام منذ زمانِ
وعلى وجهه نضارة حُبي
وشبابي، وبهجتي، وافتتاني
وتحاشى تهافتي واضطرابي!
وتفادَى باللطيف لمس بناني
برقتْ في عينيه لمحةُ إدراك
روتْ لي عواطف الإِنسانِ
كيفَ يدري بأنَّه عُمريَ الثاني وقد صرتُ كالحُطام الفاني؟
"خمسة" يلعبون؟ هذا ملاك
أريحيّ وذاك كالشيطانِ!
كلُّهم ينشدون: "جدّي" وهُمْ في
نشوة من صبا، وعنفوانِ
وهمو يعلمون بالحذقِ والفطرة حُبِّي
لهم، وفرطَ حناني
* * *
مَرْحباً؛ قلتها: وعدتُ غريراً
تَتصابى الحياة في وجداني؛
ونسيت الزَّمان.. حتى كأنِّي
قد نسيت النسيان من نسياني!
وتلاشى الوجودُ وانصهر الماضي وذابت أعوامُه في ثواني؛
وإذا بي طفلٌ يتيم، يناجي
ما تبقى في كونه من حنانِ
وترانيم "الثكْلِ" في عين "أمي"
تَتَضاغى مقهورةً في لِساني
وأقاصيصها –على حزنها الخاشِع.. تروي مصارع الشجعان.!
ثملتْ بالأحلام. والسحر من أخبار.. "موسى" وقصة "الطوفان"
ولظَى "الشعر" في مشاعر "إبراهيم" تُسقي الندى من النِّيرانِ!
ومُناجاة "مريم ابنة عمران".. وشك "المسيح" في "الرُّهبانِ"!
وتهاويل الرعب في "الكهف" و"الإِسراء" و"العنكبوت" و"الفرقانِ"
هذه قصتي ضراعة "أمّ"
هي كانتْ كوني. وكانت زماني
لَمَست وحشة الغريزة في طبعي.. وماذا من طهرها سأعاني:
فسقَتني الحنان شعراً حزينا
عبقري "الأوزان" فذ المعاني
فيه ما في الحقول من بهجة الدُّنيا وما في البركان من غَليان
عِزة لا تبوءُ بالإِثمِ كِبراً
ًفي سماح: يسمو على العدوان..
* * *
مرْحباً قلتها، فأعرض تيهاً
ورنَا ضاحكاً؛ بوجه "يماني"!
مثلت فيه صورتي وأنا أنمو
يتيم الهوى، غريب الأماني
قلتُ: أهلاً "فقال: أهلاً" وضجتْ
ضحكة.. أيقظتْ هُمود مكاني
فانْتَشى في فراغِه اللهوُ يلْهو
عابثاً بالأشكال. والألوانِ
قلت: ماذا ترى؟ وهأنا أحبو
"للثمانين": واهن الخطو، واني"!
قال: هل كنت تلعب "النرد" مثلي
وتخوض "الطّراد" بالصولجانِ؟
وتعيش الحياة؛ رقصاً ولعبا
وتداري مُدَلَّلات الحِسَانِ؟
قلتُ: يا مَن فيه أنا الأمسُ حُبّاً
هكذا كنتُ في قديم الزَّمانِ
حين كانتْ نوازع الشوق تشكو:
"مرضى من مريضة الأجفانِ"
ير أنِّي للحب أخلصتُ قلبي
غلم أكن بالظلوم: والخوَّانِ
بشعورٍ إذا طغَى الرُّعْبُ لم يَذْهلْ وقد يَستعير لُطف الجبانِ
* * *
قال: ما الحب؟ قلت: أنت هو الحُب؛ تجلى مجسداً لعياني!
من سنا عين "جدتي" وهي تَهذي
صُغْتُه في عينيك تَخْتلجانِ!
بالهوى، بالأشواق، بالتيه في قفْر المآسي، أو قبضةِ السجَّانِ
كنتُ أبنيك للحياة ولا أخشى وعيداً. ولا ملامة شاني
كنتُ أبني "جِيلاً قويا
أميناً صادق العزم، ثابت الإِيمانِ
* * *
قال: "جداه" أين أنت وما الأشواق، والشعر، والهوى والأغاني!؟
خورٌ في الطباع كانت، وسلوى
وعلالات العاجز المتواني.!
نحن نحيا الزمان: آلات علْمِ
في يقين عاتٍ، وشك يُعاني
قد عرفنا "الوجود". لما على الآفاق طافَتْ "كواكب" الإِنسان
فشككنا في كل تلك الروايات فلان يهذي بها عن "فلان"!
* * *
قلت ماذا عن "المثاني" وما قد
جاء في "النَّمل" من هُدى وبيان؟
"هُدْهدٌ" جاءهُم بأنباء صدق
ثمَّ "عرش" يطير ضِمن "ثواني"!
قال: ما "النَّملُ"؟ ما "المثاني"؟ وماذا
عن أحاديث "العرشِ" و"الطيرانِ"؟
قلتُ: "للنمل" "سورةٌ"؛ فَتَفانَى
ضاحكاً.. كالمضيِّع الحيران..!
فتواريتُ عنه في نظرةٍ تَبْكي
زماني.. تودُّ أن لا يراني!
وصدى خَيْبتي بأعماقِ قلبي
يتلاشى في هجعةِ اطمئناني
* * *
قال: ماذا؟ فقلت دعك: فإني
ذاهب نحو عالمي الجميل الثَّاني!
"جنة عَرْضها السَّموات والأرض أعدَّتْ" لِطَاهري الوجدانِ
قال: هَلْ لي بها مكان؟ وماذا
عن "رفاقي" -قُل لي- وعنْ إخواني؟
قلتُ: إن آمنْتُمْ فقال: بماذا؟
قلت: بالله الواحد، الديانِ
قال: والعلْم؟ قلت: العِلمُ شرطٌ
مِنْ شروط "الإِيمان" في كل آنِ
لا تُبَل بالألى باسْمِ "الديانا
ت" أهانوا شرائع "الرَّحمن":
طِرْ؛ إن اسْطعْتَ في الفضاء
وإن شئْت فَغُصْ في الأعماقِ كالحيتانِ
قُلْ وحدِّث بما تراهُ صواباً
وادع لكن بالرفْقِ والإِحسانِ
"المساواةُ" في البقاء. وفي "العيش"
ستمحو "فوارق" الطغيان..!
وسَتَفْنى الأحقادُ. لن يتبقَّى
غيرُ حُب الإِنسانِ للإِنسانِ
تِلك "رَجْوى الإِيمان" وهْيَ هي
"العلم" و"الدستور" الحق والعرفان
* * *
قالَ: "جَدّاه" كلُّ هَذا الذي نَهوى: فقلتُ:. الجوابُ في "القرآن"
وإذا آمنتمْ.. فَلستُ أبالي.. إن شرِكْتمْ. يوم الجزاء "مكاني"
بروملي: 5 جمادى الآخرة 1399هـ
12 مايو 1979م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :342  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 544 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.