شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
509- مصطفى البارزاني، ووطن (المسلم)!
[عاش بعد أن انهزم، لاجئاً في موسكو، أثناء الحكم الملكي في العراق. وعاد إلى بغداد بعد "ثورتها"، وما لبث أن خرج عليها.. واستغله شاه إيران "مؤقتاً".. ثم تخلَّى عنه، ومات لاجئاً هرِماً في الولايات المتحدة.. وهو ينوي العودة إلى إيران، بعد أن تخلصت من "الشاه": وانتصر "آية الله". لم أعرفه.. ولكني ظَلَلْت أسمع أخباره الغريبة طيلة خمسة وأربعين عاماً.. ذلك هو الثائر مصطفى البارزاني كما تخيَّلته يوم وفاته]:
رحمَ الله "مصطفى" البارزاني
فلقد كانَ منْ عيونِ "الزَّمان".!
عاشَ مُسْتَبْسلاً نضالاً، ونَفياً
واغْتراباً، ومات "بالسرطان"
وهو نسلُ الأباةِ مثل "صلاح
الدين" أوفى، وأشجعِ الفِرسَانِ
ثارَ في قومه مراراً.. ليحْيوا
أمة "كالأتراك". و"الألبان"
* * *
عَجبي كَيْفَ لِمْ يُصخْ لنداء الْعَقلِ
...حُرّاً يَدعُوه من "بَغدان"..؟
كيف لم يَنْس عِرقَه ويرى في
وحْدةِ الدِّين، وحدةَ الأوطانِ؟
وَطَنُ "المسلمين" ليس بحاراً
وجبالاً، بَلْ مِلَّةٌ، ومعاني
وطنُ "المسلمين" لَيْس تُراباً
يُقْتَنى عَن "قَحْطان" أو "عدنان"!
وطنٌ، لا يُقال هذا "عراقيٌّ"
وهذا "كردي"، وهذا "يماني"
وطنٌ فيه الحبُّ والخيرُ للنّاس وصِدق الخضوع للدّيانِ
والمُسَاواةُ في الحقوق.. وأنْ لا
يَعْتدي إنسانٌ على إنسانِ!
لَو بِغيِر "الإِسلام" نادى "صلاح الدين". فازتْ كتائب "الصُّلبان"!
* * *
"مصطفى" قِصة التمرد في عَصْر التَّواني، والخوفِ. والخذلان
آه.. لو كانَ يومَ "حطّين" حيّاً
كانَ أدنى الورى إلى "السُّلطان"
وقرأنا عَنْه الأحاديثَ تُرْوى
عَن "فلان" وعن "فلان الفلاني":
كيف لَمْ يُصغ للهوى. وتَفَانى
حبُّه للجهاد، والإِيمان..!
بينَ "قُدْسِ" المِحْراب حُرّاً يُصلِّي
أو هُماماً يَجول في الميدان
كل ما يَصطفيه سيفاً، ورمْحاً
وكتاباً يُقْنَى. وسَرْجَ حصان!
* * *
آه.. لكن وفي الملَفات تَبْكي
حرقات الطموح. والخسرانِ
ثم عهد الوفاء مَزقهُ المكر خضوعاً لِرقبة الشَّيطان!!
* * *
لم يَزَل مَصْرع الشَّهيد أخيه
قبل ستين، وهو في الْعُنفوانِ
حُلماً إن غَفَا، وذِكْرى إذا صَلَّى
ولَحناً إذا صَبَا للأغاني
قَبْره والآياتُ تُتْلى عَليهِ
ودموع الأبطالِ والشجعانِ
ظلَّ ظِلاًّ له يُناجيه إنْ خَانَ
صديق.. أو باء بالحرمانِ
ها هُنَا بيتُك الأخير ولكنْ
لُذ بكهفِ الإِيمان. والكتمان!
كانَ يدْري بأنَّه سَيُسَجَّى
جنبه في تُرابه "الإِيراني"
بعد أن تَثْأَر الشَّريعة من كل ظَلُوم، أو فَاسِق، أو جبان
وتسير الحشود تجأر: لَنْ نَخْضَعَ إلاَّ لراية "القرآن"..!
والعجوز الفقيرُ: يعنو له "الشاه" طريداً، ويفْزَع الثقلانِ
"الخميني" قالوا: فَخَدَّر بالرُّعب صواريخ البَطشِ والطغيان
"جنرالات" الجيوش هَانُوا وذلوا
وأتوا مُهْطعين كالعِبْدان!
لم يُفدهمْ "صاروخُ" بطشِ، ولا ما.
عِندهم مِنْ "رَادَار" أو طَيَران!.
والعجوزُ "الكُردي" يُصغي إلى الأخبار، في عبرة، وفي اطمئنان
قال: هاتوا الْيراعَ أبعث عَنْ صدقٍ. إلى صاحبي أحرَّ التَّهاني
كانَ يرجو: بأن يراه عجوزٌ
وعجوزٌ بالنَّصْرِ يَحتفلان
وعلى ذلك الثرى، وعلى أنْقاضِ .
"كِسْرى" و"الشَّاه" و"الإِيوانِ"،
يستعيدان ذِكْريات المآسي.
وهُمُومَ الماضي. فَيَعْتَنِقانِ!
غير أنَّ "الديَّان" قد كَتَب القِصَّة رَمزاً للمجد في كل آنِ
أن يعودَ "الشجاع" "نَعشاً" وأن يرجع، لا خاضِعاً، ولا متواني
وألوفُ العمائم الحُمْر تَزهُو
في سفوح الجبال، والوديان
يرقبونَ الذي تمنَّى وعانَى
كلَّ ما يَستطيعه أن يُعاني
لَهمو.. غيرَ أنَّ كلَّ قوى الأرض، بلا رحمة. ولا وجْدانِ
وقَفَتْ ضدَّهُ، ولمَّا تُوفيَّ
رَحَّبتْ كُلُّ الأرضِ بالجثمانِ!!
بروملي: 4 ربيع الثاني 1399هـ
3 مارس 1979م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :351  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 539 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.