ليسَ حِقْداً، ولا لحزِّ الرِّقاب |
قد شحَذْنا سيوفنا في المخابِي |
بل لِسرٍّ في عَالَمِ الغيب مكنون |
يُصلِّي لَهُ ذوو الألبابِ |
يَغتذِي الحقّ، وهو بعدُ وليدٌ |
وسَيُغذى بهِ زمان الشبابِ! |
ليؤدِّي رسالَةَ الحقِّ؛ يَتلو |
قُدسَ آياتِها على الأصْحَابِ |
حينَ يدْرِي مَعنى الشهادة في |
الحق: ومَعنى السجون والاغترابِ! |
حين يدْري أنَّ الألى سبقوه |
قد أبانوا له صراطَ الصَّوابِ |
يَومَها: يصدحُ الحنانُ بلحْنٍ |
يتَسامى بالشعر، والإِطْرابِ |
تتهادى على قوافيه أهْوالُ |
المآسي. وشاردات الرغابِ |
تجتني منْه الحب شِعراً ولحناً |
وتُلاشي به هُموم الصعابِ: |
وتُغَنى "لدستور" حُكماً رشيداً |
لا "حروفاً" حبيسة في كتابِ! |
في صداها حريَّةُ الفكر تشْدُو |
بقوافي الأخلاقِ للأترابِ |
تطردُ الخوفَ من قلوب الحيارى |
وتبثّ المنى لأهل العذابِ |
* * * |
يا صديقي نحنُ الألى أيقظوهُ |
صَوتَ حُبٍّ. وقُوةٍ لا تُحابِي |
يتحدَّى بالصِّدقِ إفكَ المخازي |
وبراحِ "الحياة" خَمر التّبابِ |
فلماذا قد قُلتَ يا خيرَ خِلٍّ: |
"ضاع مِني المشيبُ بعدَ الشبابِ"؟ |
أنا ما زلت زهرةٌ يتصبَّى |
حُسْنها الشعر بالمعاني العِذابِ |
وإذا فاتنا الصِّبا نَتَصابَى! |
ربَّما -للأفذاذ- يحلو التَّصابِي؟ |
مثلما قد قالوا قَديماً بأن |
الفَذّ في قَومِه: هُوَ المتغابِي! |
* * * |
يا صديقي، في يوم "عاشور" حَرَّرتُ |
جوابي مُضَمَّخاً باكتِئابِي! |
يوم ذكري، لَولاَ التُّقى قلتُ: أني |
كنت فيه بصارمي وحرابِي..! |
وبأنِّي صُرعْتُ فيه شهيداً |
ويقيني زادي، وحُبي شرابِي |
إنَّ صوت "الحُسين" ظمآن يتلُو |
لِلْمريدين "سورة الأحزابِ" |
"يَحْسَبُون الأحْزَابَ لَم يَذْهَبُوا" كَلاَّ |
فَهُم هُمْ "بادُونَ في الأعرابِ" |
لم يكن لي أباً، إذا أنا لم أقضِ |
شهيداً في الحق. دون ارتبابِ |
هكذا جَلْجَلَ "الحسينُ" بصوتٍ |
ذَاب مثل الأنين بين الرَّوابِي |
"سُنَّةُ" الله في الَّذين خَلوا مِنْ |
قَبلُ تجْري على مَدى الأحقابِ |
"مَنْ أطاعوا ساداتهم" دون عَقْل |
أُخِذوا يَوْمَ حَشرِهم بالعقابِ |
سيكون الرجاء منهم، بأن يجزَوْا |
"بِضِعْفَين" مِن "أليم العَذابِ"! |
* * * |
يا صديقي؛ "أمانة الله" في الكون |
ستودِي بالخَلقِ يومَ الحِسابِ |
وهي صِدقُ الضمير في شعر حر |
لا يُماري بشعره. أو يجابِي! |
إن يوم "الحسين" قد ماتَ حَيّاً |
ينفخ الروح في رَمَادِ الترابِ، |
يلْعن الكذب كيف كان، ولو في |
صَلوات الرياء في المحرابِ..! |
يا صديقي هذا كتاب شبابي |
فيه يرجو بَعثي فباركْ كتابِي |
لا تلمني، إن كنتُ فيه حزيناً |
إنَّ يَومَ "الحُسين" يوم اكتئابِ.! |