شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
244- حَصَـادُ العُمـُر
الأسى أنقضَ ظهرَهْ
بعدما أنفدَ صبرهْ
والهوى مـن بعـد مـا أضـ
ـناه قد ضيَّق صدرهْ
والتمادي في الخطايا
علناً؛ شوَّه ذكرهْ
في هجير (الفكر) قد
صلى خيال الشعـر مُكـرهْ
فسقاهُ العسرُ يسراً
وحباه اليسرُ عسرهْ
فهو في نكبته.. يرثي
بشعر الدمع شعرهْ
ويغني (البغض) لحن
الحب في أرخم نبرهْ
ويشيد (الحلم) قصراً
فيهدُّ (الصحو) قصرهْ
ويصوغ الوهم (فكراً)
فيذيب (الشك) فكرهْ
وانثنى يقطف من شـ
ـوك الأسى واليـأس زهـرَهْ
وينادي صوته التَّائِه
كي يحمل عُذرهْ
لصبايا الأمس من
ملَّ ومن يهوى ويكرهْ
"أسفي أني" عشقتُ
الحسن من أول نظرهْ
قدَّسَته نزواتي
دون أن أعرف مكرهْ
هو كـأس الحـب؛ حسـبي
أنني أنفدْت خمرهْ
لم أضيع من ملذات
الصبا مِثقالَ (ذرَّهْ)
قد شربـت الكـأس حـتى
لم أدع في الكأس قطرَهْ
فإذا جُنَّت رياحي
سلم (الملاّح).. أمرهْ
وحنى الرأس خشوعاً
باسماً يلثم قبرهْ
سـوف تبكيـه نجـومُ الليـ
ـل إشفاقاً، وحسرهْ
وإلى (مَرْمَرِ) مثواه
سيُهدى الشعر زهرهْ
وينوح الليلُ حتى
تذبحَ الآهات صدرهْ
ويئنّ الأفقُ حتى
توقظَ الأنات فجرهْ
* * *
(أسفي أني)! قد كنتُ
(عصيَّ القلب)؛ مِدْرَهْ
نافستني (عبقرياتُ)
زماني.. مكفهرهْ
فتشامختُ.. ولمْ ألقِ
عليها أي نظرهْ!
وقطعتُ الشوطَ؛ كالـ
ـفارس لا يُهمـلُ حُضْـرهْ
لا يخاف (القيل والقال)
ولا يرهبُ (غيرهْ)
لا يُبالـي مـا أمـامَ (الشـ
ـوط) من (لغـمٍ) وحفـرهْ
* * *
لم أكن أجهلُ لؤمَ الد
هر؛ أو أنكر غدرَهْ
غير أني؛ صلفاً حيـ
ـناً وإغراقاً، وغيرَهْ
بشبـاب العمـر قـد أعجـ
ـبت؛ واسترهبـت سحـرَهْ
وبروح (العدل) قد
آمنتُ؛ واستعظمـت قـدرهْ
وإذا بـي في حُطام
لقصور مُشمَخِرَّهْ
تتهاوى كجبال الثلـ
ـج في أرهب صورَهْ
عندمـا (تستقطـب) الشمـ
ـسُ ويوري الصيـف حـرَّهْ
وأنا كالسائح السا
بح في بحر المجرَّهْ
ليس لي؛ إلاَّ بأن
أمنحها آخرَ.. نظرهْ
* * *
(أسفي أنـي) عَرفـتُ النـ
ـاس والكون وسرَّهْ
خيرَهُ الوارفَ قد
جرَّبتُ والشرَّ وضرَّهْ
وتمتعتُ بما لا يستطـ
ـيع الشعرُ شكرهْ
وعرفتُ الجاهَ والثر
وةَ، والنهي، وأمرهْ
وخبرتُ الذلَّ والنَّكـ
ـبةَ، والفقرَ، وكفرهْ
وشربتُ المرَّ ألوا
ناً وأدمَنْتُ أمرَّهْ
وتضجرتُ على الأرض
وأضجَرت الأسرَّهْ
وتطامنت سلاماً
وتذللت.. مبرّهْ
وتعاليتُ ادّعاءً
وتباهيتُ مسرهْ
لم أجد في الخلق مَن
أخلص للخالق سرهْ
دون أن يخشى عقاباً
دون أن يطلب أجره
عشت في عصر رهيب
حوَّرَ الذرَّةَ جمرهْ
وأعاد الماء ناراً
وأحال العجزَ قُدرهْ
وأذلَّ العِزَّ علماً
وأهانَ الجاهَ خبرَهْ
عصْر حاناتٍ، ورقصٍ
وترانيم، وخمرهْ
وشعاراتٍ، وأحزابٍ
وأرقامٍ، وثورهْ!!
ليتني كنت بليداً
ليس يـدري كيـف يكـرهْ
أنا من ضيَّعَ -كالملاح
- في الأوهام عمرهْ!
خبطتْ أيام عمري
في متاهات المضرَّهْ
خبْطَ عشواء يناجي
حلمها الغيثَ وقطرهْ
كاد فيها القيظ أن
يفنى وأن يقتلَ حرَّهْ!
ويودّ العشبُ لو
أضحى رمالاً مقشعرَّهْ
وكثيبُ الرملُ لو
أمسى مـع الأنجـم صَخـرهْ
(أسفي أني) عصيت
الحب واستصغرت أمرهْ
وتمرَّدت على أحلا
مه؛ واغتلت عِطره
* * *
أنا هيمان يداري الـ
ـخطو في آخر عثرهْ
حوله الآمال صرعى
قد قضـت همّـاً وحسـره
والفنا يلهثُ شوقاً
وله يفتحُ.. قبرهْ
وجياعُ الدودِ في ذرّ
اته ترنو، وتشرهْ
* * *
يا مجاعات المنايا
هاكِ مَن أنفدَ دهرهْ
لكِ طفلاً، ويتيماً
وفتى كالنجمِ؛ شهرهْ
هاكِ من قصته في الأر
ض ملهاةٌ وعبرهْ!
وسلاماً أيُّها الليـ
ـلُ الـذي ضيَّـع فجـرهْ
لتني أسطيعُ أن أز
رع في صبحكَ زهره
* * *
قد عبدتُ الحقَّ إيمـ
ـاناً وإدراكاً، وفطرهْ
فتسامَى بي وأحببت
الذي قد كنت أكره
باريس: 14 ذي القعدة 1393هـ
8 ديسمبر 1973م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :325  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 272 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.