شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
172- أسطـورة اليمـن السعيـدة
اليمن السعيدة.
أسطورةٌ تجري على كل لسان،
مهزلةٌ تروى على مدى الأزمان،
قد قالها الرومانُ واليونان،
والفرسُ والأحباش،
وجِئْتُ أسأل التاريخ حائراً
فَقَهْقَهَ التاريخ.. ساخراً
وقال: (يا قوافل الأجيال،
تكلمي بالنبأ اليقين..)
(قولي متى كانت سعيدهْ،
اليمن الخضراء)؟
* * *
في عهد (عادٍ) و (ثمود)؟
أم عهد (قحطان) بن (هود)؟
أم حين كان أهلها عبيدْ
لكلِّ (تُبَّع) عنيدْ؟
أم حين دانتْ (لسليمان) الحكيم؟
أم بَعْدُ.. حين طمَّها (السيلُ) العظيم؟
قولي، متى كانت سعيدهْ؟
في أي تاريخٍ؟ وفي أي زمان؟
و (قَطبَانُ) و (معين)،
و (سبأٌ) و (حميرٌ) و (حضر موت)،
يخبرك القصَّاص، والمؤرخون،
و (المسندات) والصخور،
و (سدّ مأرب)، وسامق القصور،
بأن أهلها..
كانوا (رعايا) للطغاهْ،
كانوا (جنوداً) للغزاهْ،
كانوا.. إذا لم يستكينوا في بلادهم
للظالمينْ،
للخوف، للوبا،
هاموا على وجوههم.. مشردينْ!!
(جُرهم) و (المناذرة)
وقوم (غسَّان)،
و (الأوسُ)، و (الخزوج)،
أخبارهم يهذي بها القصَّاص،
لو عرفوا سعادة الوطنْ؛
ما هاجروا من (اليمنْ)!!
وقالت الأمثال إنهم
تمزقوا (أيدي سبأ)!
قولي: متى كانت (سعيدة)،
(اليمن الخضراء)؟
أحين قال (تُبَّعُ) الكبير،
بأن عرشها، وأن تاجها..
ليس لذي قلبٍ رحيم،
ولا لعادلٍ، ولا كريم،
لكنه.. لمنْ يسوم ناسها
سوء العذاب!
لمن يقطع الرؤوس،
ويزهق النفوس،
ويشرب الدم النجيع؟
أم حين حفر الأخدود (ذو نواس) للموحِّدين؟
أم عهد (إرياط) و (أبرهه)
حين أتى (الأحباش) فاتحين،.. وفرضوا سلطانهم على اليمنْ:
وأعملوا السيوف وهدموا السدود؟
أم بعدُ حين جاء (ذو يزن)،
بالفرس منقذين؟ وكثُرَ الأقيال والملوكْ!
أم حين ثار (عبْهله)
على رسالة السما؟
أم يوم هاجر الجميع،
إلى (المدينة المنوَّره)؟
قولي، متى كانت (سعيده)،
(اليمن الخضراء)؟
* * *
و "بسر" قد أباحها،
وحكَّم السيوف في الرجال،
وقتل النساء والأطفال،
و (الخارجيّ) طمَّها
بموجة الدمار
و (معن) بعدهُ
لم يُبق لليمنْ
كرامةً ولا اعتبارْ
و (البربري) بعدهُ،
قال له (الرشيد)
(أسمعني الأصوات)،
(أصوات أبناء اليمن!)
فلم يدعْ من منكرٍ إلاَّ أتاهْ!
وأقبل (الجزّار) إبراهيمُ
داعية (الإِمام)،
فنكث العهودَ،
وقتل الجنودَ،
قولي متى كانت (سعيده)
(اليمن الخضراء)؟
* * *
أحين أرسل المأمونُ (عامله)
(ابن زياد)،
فقتل الألوف؟
أم حين ثار (يُعْفِرٌ)
فمزق الصفوفْ؟
أم يوم غضب (ألدُّ عامُ)
غضبة الحتوف؟
أم حين عاث (القرمطي) في (مُذَيخرهْ)
وسبحت في بركةٍ حمراء
اليمن (الخضراء)!؟
وذهبَ (الأقيال)،
إلى (المدينة المنورة)
يستنجدون (ابن الحسين)
فقال؛ إن خطبه جليل،
فالحق خاضع ذليلْ،
ومجدُه مضيَّعٌ.
وأهله قليلْ، وأن أرضَه قواء، قد درست أعلامها
وآله قد شغلتْهُمْ.. فتنة الحياة والذرائعُ؛ وقد تخاذلوا؛
فمنهم المجانفُ ومنهم المصانع:
(واليمن الحمراء) بلادها ضريره
(ساكنها) عريان جائع،
قولي متى كانت سعيده،
(اليمن الخضراء)؟
* * *
أحين كانت سلعةً للطامعين،
لابن "أبي الفتوحْ"
وعصابة "الضحَّاك"،
وبني (نجاح)؟
وآل (مَعْنٍ) وبني (زريع)؟
أم حين هب من (مسارْ)،
الملك الجبَّارْ
وانقض كالصقر فمزق الجموع
وأعلن الدعوة والولا،
للفاطميين ملوك (القاهرةْ)؟!
والفاطميون المواطنونْ، في "صعدةٍ" وفي أزال،
لا يستحقون سوى المنون؟؟
أم يوم أقبل (العبيد) من (زبيد)
يقودهم (سعيد).
وقتلوا (المليك)
وأهله الصغار والكبار،
أسروا (الحرة) من آل (شهاب)
وَشبَّتِ الفتنْ،
وسبحتْ في بركة حمراء
(اليمن الخضراء)؟
قولي متى كانت سعيده
اليمن الخضراء؟
* * *
أحين جاءت الجيوش كالجراد،
من (مصر) فاتحين،
والذئب (تورانشاه)
من بني (أيّوب)
يقضي بما يريد، ويزهق النفوس،
ويقطع الرؤوس، وغوَّر الآبار
وأباحَ ما لا يستباح..؟
أم يوم خان (الحمزات) عهد "عبد الله"
وقدَّموا رأس (الشهيد) للملوك من بني "رسول"
أم قبل حين فتك (الإِمام)
بكل (مسلمٍ) (مطرَّفي)؟
أم بعد حين عاد من جديد
جنود (مصر) ثائرين
لنصرة (المجاهد) الغشوم؟
قولي متى كانت سعيده،
(اليمن الخضراء)؟
* * *
أحين أقْبل (الجراكسه)، من مصر يحملون..
(بنادقَ) الفناء.
فأرعبوا القلوب.
وقتلوا السلطان (عامرا)
ودخلوا (صنعاء) فاتحين؟ ولم يذدهم الحياء؛ عن اقتراف الموبقات
حتى جلاهمُ الإِمام..؟
وقد تمزَّقت مرابع اليمن
بين (الدعاة) و (الملوك) و (الغزاه)!
ولم تزل مجازر (المطهّر)
لعنتها تحوم،
على رؤوس (الظالمين)،
وأقبل (الأتراك)،
والتحمت معاركٌ،
شاب لها الوليد،
وخاضها (المطهَّر) الجبار
يصول، ويجول،
وانتشر (الطاعون)
وتعاون الغزاةُ، ومصائب السماء؟
أم يوم كان (أزدمُر)
يقضي بما يهوى؟
أم حين كان (سنجر) العنيد،
يَسْمِلُ العيون؟
قولي متى كانت (سعيده)
(اليمن الخضراء)
أحين أقبل الغزاه.
بأمر (قانصوه)،
واحتدمتْ معارك الهلاك؟
أم حين ظلَّت الجنود، والبنود،
والخيل، والمدافع الكبارْ،
من (تركيا) تزحفُ
وتبيدُ ما أمامَها؟
أم حين هاجت فتنة (المحطوري)،
ونشب الصراع في كل مكان،
ما بين قطاع الطرق،
والطامعين والدعاه،
و (ضاعتِ الصَّعْبهْ) على الجميعْ؟
أم يوم وصل (الباشا) إلى
(شهارة الأمير)،
يقود جيشه الكبير، واستبسل الأحرار والمجاهدون،
ونشب الصراع والقل المرير؟
قولي متى كانت (سعيدة)
(اليمن الخضراء).
* * *
أحين هبت ثورة (الوزير)،
ونُهبَتْ (صنعاء)،
وهتكت محارمُ،
وحطمت جماجمُ،
واستشهد الأحرارُ،
واستأسد الأشرار،
حتى أتى اليوم العبوس،
وصاح جرح الثأر،
وأقبل (الجنود).. من جديد
بكل (آلات) الدمار،
والنار والحديد..؟ و "الغاز" و "النابالم" و "المصفحات"
واستشهد المواطنون، وأبيح ما لا يُستباح!
قولي متى كانت (سعيدة)
(اليمن الخضراء)..
(اليمن الحمراء)..؟
(اليمن الصفراء)..؟
* * *
أحين بات (ذو رعين)
من بعد غدر (حمير)،
يبكي مسهداً،
يصرخ مهموماً
من يشتر السَّهر
بلحظةٍ من (النعاس)؟
و (عمرو) وهو في صراع
يعد للحوادث الكبارْ،
(سابغة) وذا (شطب)،
وقبله قال (ابن برَّاقة) من (مراد)،
(كيف ينام الليل من ليس له
سوى الحسام؟)
و (ابن حريم) ظل دهره مرتبكا،
يرى (سلالم العُلا.. لا يستطيعها)،
(ولا يطيق أن يقول ما يريد)!
و (الأشتر) القمقام،
أقسم أن يشنها،
على ابن (حرب) غارة،
لم تخل من نهب النفوس.
وأنه (سيحشد الخيول شزَّبا)
وذهب الألوف
في حرب (صفين) وفي حرب (الجمل)!
متى متى ذاق المواطنون.. في اليمن
سعادةَ الحياهْ؟؟
* * *
بالأمس، كانوا يأكلون
(صمغ عرفط الثعالبِ)،
ويصقلون صدأ السيوف
(بمساحي الهام)،
وما لهم من مشرب إلاَّ النجيع
واليوم، يومنا الكئيب
كما يقول شاعر اليمن،
(محمد الزبيري):
إنّا عطاشٌ نفحص الدنيا فلا
نلقى سوى غسلين،
(أنضاء أسفارٍ)؛
(طليحنا ليس له معين)،
(في غمرة الظلام نطأ الثرى)،
(هوناً لنكتم الخطى)
(عن مسمع الكمينْ)
فكيف يا ترى يقال
بأنها (سعيدهْ)
(اليمن الخضراء)..؟
* * *
وقلتُ لقوافل الأجيال،
والدمع في جفني يجول،
يا هل ترى يأتي زمان،
يحقق المواطنون،
أسطورة التاريخ،
ويصنعون من جديد،
بالاتحاد والعمل؛ ضد الدخيل و "العميل"
اليمن السعيد..؟
ليتَ..وربما!
أول ذي الحجة 1385هـ
22 مارس 1966م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :432  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 197 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[صفحة في تاريخ الوطن: 2006]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج