شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
129- خليل مطران
[أُلقيت في مهرجان الشاعر خليل مطران، الذي أقيم بالقاهرة سنة 1378هـ/ 1959م]:
قِفْ لَحْظَةً بالشعر حيرانا
أبكَمَ، لا يَسْطِيعُ تبيانا
واسْتَوْحِ "مطران" بياناً؛ إذا
أردت إجلالاً "لمطْرانا"
إن كنتَ لم تُصْغِ إلى صوتِهِ
يُزْجي فنون الشعر ألوانا
فقد تمرَّسْت بآدابه
وعشتَهُ حرّاً، وفنانا
* * *
غنَّى بلَحْن ما تغنى به
من قبله في دوحه طائرُ
فانتفضَ الفجرُ على لحنِهِ
وقد شجاهُ صَوتُه السَّاحرُ
واستيقظ الوادي، وكم ليلةٍ
مَرَّتْ، ولا شاد ولا سامرُ
إلاَّ الأسى، والخوْفُ تبّاً لهُ
والقيد، والظُّلمةُ، والآسرُ
* * *
هامَ وفي أحشائِه جَمْرَةٌ
تنبض بالأنفاسِ نيرانا
وواثب الدهر وأرزاءه
مفارقاً أهلاً وجيرانا
يثور كالبركان أحياناً
وتارةً يبسمُ جِذْلانا
وقد يدوّي صاخباً مزبداً
ويَخطُر لا يرهَبُ سلطانا
* * *
"سبعون" عاماً عاشها شاعراً
مرزّأً بين الأسى والجراحْ
كم بثَّ شكـواه إلـى "صخـرةٍ"
ينتابها الموج وهوج الرياحْ
والسَّقمُ في أعضائِهِ ناهش،
والهمُّ في أحشائه كالرماحْ
فما وَعَى الصَّخر، ولا دهره
رقّ، ولا ملّ الأسى والنواحْ
* * *
في صدره شيءٌ؛ وعن كُنْهِه
قد قَفَلَ الرَّائد حيرانا
يرهبُ أن يُفْضي بأسراره
وأن يقول الحق إعلانا
فيخلُقُ الرَّمَزَ؛ على زعمِهِ
ويَنْتَضي "نيرون" عِنوانا
ويدمغ الظُّلْمَ، ويُذكي النُّهى
ويملأ الأنفس إيمانا
* * *
من وحي "لبنان" وجنّاته
ومن صُوى آثارِهِ الشاهدَهُ
ومن ذُرا "الشام" وآلامها
ومن ليالي غدها الشاردَهْ
و"النيل" إذ تزأر أمواجه
في لهفة للوثبةِ الخالدَهْ
وحَّدَ "مطران" أحاسيسَهُ
فهو شعار الأمة الواحدَهْ
* * *
"مطرانُ" ربُّ الشعر، كـم وقفـةٍ
شاد بها للفنِّ أركانا
يراعه محرابُ أحلامِه
يَسْتنزل الحكمةَ ألحانا
يَسْحَرُ ما يَلْمَسُهُ فنهُ
فَيُلبِسُ الألوانَ ألوانا
وتخلب اللبّ تهاويلُهُ
فيرتَئِي في الكون أكوانا
* * *
كم حارَب "الفردَ" وآثامه
والشرّ في حكم "السلاطينِ"
وأنكر الطغيان؛ "مستعمراً"
أو في تماثيل "الفراعينِ"
تُرَى أَيَدري أنَّنا لم نزل
نَصْلى بأسواط "المجانينِ"
والمستبدون يسوموننا
سوم المواشِي والمساكِينِ
* * *
قد كـان يلقـي "صفحـة" حـرة
ينفث فيها الحقّ تبيانا
ويرشد الشعب إلى حقّه
ولا يبالي فيه عدوانا
واليوم؛ لو عاد به دهرُه
لوَد أن الكون ما كانا
فالجورُ لم يترك لذي حكمةٍ
رأياً، ولا قولاً، ولا شانا
مصر: 1378هـ/ 1959م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :450  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 153 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.