شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
123- للتاريخ
[في شهر شعبان سنة 1374هـ دُبِّر انقلاب عسكري في "تعز" كان إمامه سيف الإسلام عبد الله الذي أعلن تنازل أخيه الإمام أحمد عن العرش.. وحين بلغ سمو الأمير "البدر" ولي العهد النبأ وكان في "الحديدة" فحصَّنها ثم غادرها ومعه صاحب الديوان إلى "حجة"، حيث جهَّز الجيوش وعبَّأها للزحف على "تعز"، ولكن والده الإِمام أحمد استطاع أن يفك عن نفسه الحصار، وقبض على من دبَّر الانقلاب، فقال الشاعر يحثّ الإِمام أحمد على العفو عن المعتقلين، وهي آخر ما أنشأه من قصائد المدح]:
قف خاشع الطرف إجلالاً وإكباراً
واخفِض جبينك إذعانا وإقرارا
واغمس يراعك في قلب البيان وصُغْ
آياته الغرّ أنغاماً وأشعارا
واستلهم الفنّ، أعلى ما يضنّ به
من المعاني، وما يطويه أسرارا
وحي مفخرة الدنيا وواحدها
وأشرف الخلق أقوالاً وآثارا
حامي حمى الشعب بأني صرح عزَّته
وحارس الشعب ممن عاث أو جارا
"وناصر الدين" والهادي لشرعته
ومن رمى كبد الطغيان فانهارا
ومن لأمَّته أصفى مودَّته
فبادلته بها حُبّاً وإكبارا
وملَكْتهُ نواصيها.. يصرفها
في منهج الحقّ أنَّى شاءَ واختارا
مولاي؛ لم تبق للعلياء من أرب
ولا تركت لقلب المجد أوطارا
ولم تدع غايةً يسمو لها بطلٌ
إلاَّ وجاوزتها جاهاً ومقدارا
وقد تمرستَ بالأقدار قاطبَةً
حَرْباً وسلماً، وإِعساراً، وإيسارا
مواقفُ لك في التاريخ حاسمةٌ
تشع في صفحات الخلد أنوارا
لم تحو بغياً، ولا ظلماً، ولا سَرفاً
ولا ضلالاً، ولا غدراً، ولا عارا
لكن جهاد زعيم روحه خَلُصَتْ
لدعوة الحق إعلاناً وإسرارا
يَطْوي ويفترش الغبراء مغتبطاً
بها ويقتحم الأشواك والنَّارا
والبيد كم خبر تروي زوابعُها
عنه، وكم تنشد الكثبان أشعارا
وكم له ذكرياتٌ في مفاوزها
تحكي صداها نجوم اللَّيل أسمارا
إذا دجا الخطب شق الهول صاعقةً
وصافح الموت والأرزاء بتّارا
ويصفَحُ الهول إن لاقاه مرتجزا
(إن كنت ريحاً فقد صادفت إعصارا)
ولم يدع أملاً للشر أو وطراً
إلاَّ سقاه بكأس الشرّ تكرارا
ما زال من رامه كيداً يكبّ به
إلى الجحيم، ويلقى الخِزيَ والعارا
حظٌّ من الله لا رأيٌ لمجتهد
فيه ولكن حباه الله إيثارا
لا ذو المحبَّةِ يجلو سرّ عصمته
وجاحد الفضل لا يَسْطِيع إنكارا
* * *
مولاي أنت ملاك في حقائقه الـ
ـعليا تساميت همَّات وأوطارا
تُطِلّ من ملأ عال على ملأ
يموج جهلاً، وتضليلاً، وأوزارا
فارحمه مولاي، وانعش قَلْبَ جاهله
بالعلم واهدِ به من ضلَّ أو حارا
وتلك دعوتك الكبرى صرخت بها
فأصبح النَّاس في "الخضراء" أحرارا
واكْبت مزاعِمَ من هَانوا بأنفسهم
على الصواب، وقلّم ظفر من جارا
أنقذت أمتك الكبرى وقد زحفوا
إلى الجحيم بها كيداً وإضرارا
وقفتَ وقفة ليث أغلب وهبَتْ
لأمة العرب أمجاداً وأعمارا
علَّمت كل زعيم كيف يثبتُ للـ
ـطغيان من كان بالمعروف أمَّارا
ثبتّ وحدك في الميدان ممتطياً
عزماً لو انهارت الأفلاك ما انهارا
وفزت وحدك لم تترك لمجتهد
مجالَ عون، ولا استنجدت أنصارا
وكانت الأرض قد قامت قيامتها
ودمدم الأفق أهوالاً وأخطارا
وأسرع "البدر" بالأجناد يحشدها
ويبعث الأسدَ من قحطان ثوّارا
وصاح في القوم صوتاً ساقهم قُدُماً
إليك يقتحمون الشرَّ موّارا
و"البدر" ليثُ وغى إذْ أنت والده
وكنت أنت الذي رباه مغوارا
* * *
فدتك نفسي التي أحيَيْتَها كرماً
وصنْت عزَّتها بالجود مدرارا
تعفو وتصفح لا عجزاً ولا حمقاً
لكن حناناً وإكراماً، وإعذارا
وكم أحاطتْ بمغرور جرائره
فبات في لهوات اليأس محتارا
وذاب كل رجاءٍ في خواطره
وشاهد الموت ألواناً وأطوارا
وذاق كل عناءٍ من مخاوفه
وصارع الهول أسقاماً وأفكارا
وكاد يُلقي بقايا روحه مِزَقًا
يستفُّها اللَّيل أحزاناً وأكدارا
كشَّفت عنه ظلام اليأس فانبثقتْ
من حوله الأرض آمالاً وأنوارا
وراح يقطفُ حتى من مصائبه
وذكريات أساها الزَّهر والغارا
فاقبلْ تحية قلب لا يخالجه
إلاَّ ولاؤك إخلاصاً وإقرارا
تعز: شعبان 1374هـ/ 1955م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :557  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 147 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الأول - مقالات الأدباء والكتاب في الصحافة المحلية والعربية (1): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج