الفؤاد الطّاهر الأهواء ذاب |
والشهابُ السَّاطع الأضواء غابْ |
فَالسَّما تبحثُ عن كوكبها |
والهوى يبكي على القلب المذابْ |
تلك روحٌ وثبَتْ مِن سجنها |
وتعالَتْ عن جراثيم الترابْ |
يا لها جوهرة ما سطعَت |
بالسَّنا في تاج سلطانٍ مُجابْ |
أطبق الدَّهر عليها فمه |
وفم الدهرِ فناءٌ وتبابْ |
* * * |
جمح الدَّمع بعيني فرقاً |
وهفا النُّور ذهولاً واضطرابْ |
وانطوى قلبي على حسرتِهِ |
يتلوَّى تحت أنياب المصابْ |
يا له من نبأٍ كان على |
مسمعي أعنف من طعن الحرابْ |
ماتَ "عبد الله" مَنْ كان له |
مقولٌ فذٌّ؛ إذا قال أصابْ |
ويراع جمع الفن به |
منطق الحرّ إلى فصل الخطابْ |
وفؤادٌ يسع الدنيا فما |
ضاق إلاَّ بالخطايا والكذابْ |
أين أنت اليوم؟ بالله أجبْ |
إن يكن في وسعك اليوم الجوابْ |
قد عهدناك حكيماً بارعاً |
طاهر المنطق عن مَيْنٍ وعابْ |
هات حدِّثنا عن الرُّوح وما |
حالها إن غادرت دنيا الترابْ؟ |
أهي في الجسم سجينٌ.. فإذا |
وثَبت راق لها العيش وطابْ؟ |
ما وراء الموت؟ ما عالمه؟ |
أنعيمٌ.؟ أم شقاء وعذابْ؟ |
صف لنا الخلد وصف جناتها |
وصِفِ النَّار وأحوال العقابْ |
"المعرِّي" لم تكن أوصافه |
وحي حقّ؛ بل خيال وارتيابْ |
فإذا كنت سميعاً فأجبْ |
آه يا ليتك تسطيع الجوابْ |
* * * |
ويح نفسي.. كيف لم تلق الردى |
مهجتي بعدك حزناً واكتئابْ |
أسفاً أبكيك بالشعر كَمَا |
يندب الشيخ ملذّات الشبابْ |
كنت "عبد الله" في عالمنا |
بلبلاً؛ بل كنت للشعر ربابْ |
ترسل الشعر فتشجينا به |
وتغنّينَا الأناشيدَ العذَابْ |
كنْتَ إن فاجأك الدهر بما |
يفقد الرُّشد ويودي بالصوابْ |
تتلقّاه بقلب ثابتٍ |
صادق العزم جريءٍ لا يهابْ |
* * * |
ليت شعري أيّ سرٍّ شاقَه |
فهفا شَوقاً إليه وأنابْ |
ترك الأرض احتقاراُ وارتقى |
طاهر الذيل حميداً لا يُعابْ |