شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

الرئيسية > سلسلة الاثنينية > الجزء الأول (سلسلة الاثنينية) > حفل تكريم الأستاذ محمد حسين زيدان (اثنينية - 5) > مقطوعات شعرية من نظم وإلقاء الشاعر الكبير عمر أبي ريشة وهي خاتمة الأمسية.
 
ولما عرف عن الأستاذ علي العمير من حبه الغوص في الأعماق لإِخراج اللآلئ من بطون أصدافها، فقد اقترح قائلاً:
- أنا أقترح أن يتحدث الأستاذ عزيز ضياء عن معاصرته للأستاذ الزيدان.
- لكن الحضور فضَّلوا الاستماع إلى الأستاذ عمر أبي ريشة ينشد لهم شيئاً من شعره ويكون مسك الختام لتلك الأمسية.
واعتذر الشاعر الكبير عمر أبو ريشة في البداية قائلاً:
- أنا خالي الذهن تماماً، غير أن الجميع ألحّوا عليه مطالبين بقصيدة أو اثنتين، وأمام إصرارهم شدا عمر أبو ريشة بأربع مقطوعات من أروع ما قال من الشعر أولاها هذه المقطوعة:
ربِّ ضاقت ملاعبي
في الدروب المقيده
أنا عمر مُخَضَّبٌ
وأمانٍ مشرَّدة
ونشيدٌ خنقت في
كبريائي تنهده
ربِّ ما زلتُ ضارباً
من زماني تمرده
بسماتي سخية
وجراحي مُضمَّدَه
 
وكانت المقطوعة الثانية هي:
تتساءلين علام يحيى هؤلاء الأشقياء
المتعبون ودربهم قفرٌ ومرماهم هباء
الواجمون الذاهلون أمام نعش الكبرياء
الصابرون على الجراح المطرقون على الحياء
أنستهمُ الأيام ما ترفُ الحياة وما الهناء
أزرت بدنياهم ولم تترك لهم منها رجاء
تتساءلين وكيف أدري ما يَرَونَ على البقاء
امضي لشأنك، اسكتي أنا واحد من هؤلاء
 
وتشتعل الأكف بالتصفيق، ويعلِّق الأستاذ عبد الله مناع بعد سماع المقطوعتين بقوله:
- إذا كانت هذه هي الحلوى فإننا نود أن تستمر الجلسة حلوى على طول.
 
وأما المقطوعة الثالثة فقد ذكر الشاعر سبب نظمها قبل أن يشدو بها فقال:
- كنت في طريقي إلى تشيلي، وكانت إلى جانبي فتاة من أجمل الفتيات. فأخذنا نتحدث وكانت تبرز في كل موضوع. فسألتها من تكونين أيتها الآنسة؟ فأجابتني باللغة الإِسبانية بقولها: الدم العربي يجري في عروقي. فأطرقت فظنتني احتقرتها. وأخذت تحدثني عن أجدادها العرب وماذا تركوا في الميدان الحضاري في العالم. كانت الطيارة على مقربة من العاصمة، وكنت أول سفير سوري يزور تلك العاصمة، ومدعواً في الوقت نفسه إلى إلقاء محاضرات فاستغربت وجود العالم الزاحف في الميدان لاستقبال هذا الشخص الذي كان قاعداً جنبها. فأرادت أن تعرف من هو، وألحَّت على ذلك حتى عرفت، وبقيت مع المستقبلين ثم تعرفت عليها. وفي تلك الليلة كتبت هذه القطعة:
وثبت تستقرب النجم مجالا
وتهادت تسحب الذيل اختيالا
وحيالي غادة تلعب في
شعرها المائج غنجاً ودلالا
طلعة ريا، وشيء باهرٌ
أجمالٌ؟ جَلَّ أن يسمى جمالا
فتبسمت لها، فابتسمت
وأجالت فيَّ ألحاظاً كسالى
وتجاذبنا الأحاديث فما انخفضت حِسّاً ولا سَفَّتْ خيالا
كل حرف زَلَّ عن مرشفها
نثر الطيب يميناً وشمالا
قلت يا حسناء، من أنتِ؟ ومن
أي دوح أفرع الغصن وطالا؟
فأجابت أنا من أندلس
جنة الدنيا عبيراً وظلالا
وجدودي ألمح الدهر على
ذكرهم يطوي جناحيه جلالا
حملوا الشرق سناء وسنىً
وتخطو ملعب الغرب نضالا
فنما المجد على آثارهم
وتحدى بعدما زالوا الزوالا
هؤلاء الصيد قومي فانتسب
إن تجد أكرم من قومي رجالا
أطرق الطرف وغامت أعيني
برؤاها وتجاهلت السؤالا
 
ثم ألقى الشاعر المبدع قصيدته الرابعة والأخيرة، فقال:
قالت مللتك. اذهب. لست نادمةً
على فراقك إن الحب ليس لنا
سقيتك المـر مـن كأسـي. شفيـت بهـا
حقدي عليك... ومالي عـن شفـاك غنى!
حسبت دنيا نعيمي فيك ماثلة
فخاب ظني فألفَيْتُ النعيمَ ضنى
لن أشتهي بعد هذا اليوم أمنية
لقد حملت إليها النعش والكفنا
قالت.. وقالت.. ولم أهمس بمسمعها
مـا ثار مـن غصصي الحـرى ومـا سَكنا
تركتُ حجرتها... والدفءَ منسرحاً
والعطر منسكباً... والعمر مرتهنا
وسرتُ في وحشـتي... والليـل ملتحـفٌ
بالزمهرير. ومـا فـي الأفـقِ ومـضُ سنا
ولم أكد أجتلي دربي على حدسٍ
وأستلين عليه المركب الخشنا
حتى سمعتُ... ورائي رجع زفرتها
حتى لمست حيالي قدها اللّدِنا
نسيتُ ما بي وهزتني فُجاءتها
وفجرت من حناني كل ما كمنا
وصحت... يا فتنتي: ما تفعلين هنا؟
البردُ يؤذيك عودي... لن أعود أنا!
ويعلق الجمهور على القصيدة بالتصفيق الحاد، في حين يعلق الشاعر عمر أبو ريشة على أسلوبه في الشعر، واعتماده على أن يختتم القصيدة ببيت يكون فيه المضمون العام للقصيدة، وينصرف السامرون وألسنتهم تلهج بالشكر وقلوبهم ترقص طرباً.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :963  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 33 من 126
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج